بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ، والصلاة و السلام على سيدنا رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد :
يقول الله تعالى في كتابه العزيز :
(( ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين )) ، [ فصلت / 33 ]
-
الدعوة إلى الله تعالى أشرف الأعمال وأزكاها ؛ لأنها مهمة الرسل والأنبياء - عليهم الصلاة والسلام – فهم خيرة الله من خلقه ، وسفراؤه إلى الناس أجمعين ، كما أنها مهمة خلفاء الرسل وورثتهم من العلماء العاملين والدعاة المخلصين الصادقين . وهي أفضل الأعمال بعد الإيمان بالله تعالى والتزام منهجه القويم ؛ لأن ثمرة الدعوة هداية الناس إلى الحق ، وتنوير قلوبهم وبصائرهم ، وإبعادهم عن سبيل الغي والضلال بدليل الآية الشريفة : (( ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً ... )) ، [ فصلت / 33 ] .
-
ولقد حضّ القرآن الكريم على القيام بهذا الواجب في مواضيع كثيرة ، منها :
-
قوله تعالى: (( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون )) ، [ آل عمران ، 104 ] .
-
ومنها قوله تعالى: (( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة )) ، [ الحج /، 67 ]
وأما الهدي النبوي ففيه دعوة واضحة لحمل أمانة الدعوة والتبليغ ، استمراراً لمسيرة الأنبياء والمرسلين ، ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام :
-
" مّنْ دلّ على خيرٍ فله مثل ُ أَجرِ فاعله " ، أخرجه مسلم / 1893 .
-
وقوله لعلي رضي الله عنه : " لأن يهدي اللهُ بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حُمْر النَّعَمِ " ، أخرجه البخاري .
ولمّا كانت الدعوة إلى الله دعوةً إلى دينه ، تشمل الإيمان والإسلام والإحسان ، كان من أدقّ تعاريفها: (( نقل الأمة من محيط إلى محيط )) ." تعريف الأستاذ البهي الخولي" .
فعلى الصعيد الداخلي: ابتُليت الأمة بانقسامات جغرافية وفكرية وثقافية .
(( هذا الداء سرى إلى جسد الأمة قديماً ، وهو الآن أشدّ وأقوى )) .
كما نشأ كثير من أبناء المسلمين على أفكار ونظريات وفلسفات مخالفة لعقيدتنا وأخلاقنا وسلوكنا .
وعلى الصعيد الخارجي :
شهد العالم الإسلامي حملاتٍ شرسة متواصلة على بلاد العرب والمسلمين ، من تشكيك في عقيدتنا وغزوٍ لأفكارها ، ومقاومةٍ لفكر الإصلاح فيها ....
والهدف: صرف الناس عن دينهم القديم ، وتحويلهم إلى اتباع مناهج مستوردة ومبادئ مستحدثة ، ساهمت في تقسيم وحدة المسلمين وتجزئتهم ...
واقع الدعوة الإسلامية :
في الوقت الذي شهدت فيه الأمة تركيزاً من الحملات التشكيكية بثوابت الدين والمسلّمات الإيمانية ، مع ما تعيشه الأمة من حالات التمزق والشرذمة ، فإن واقع الدعوة يثبت أنه وقف في وجه كل العقبات والمشكلات التي سُخّرت ضدّ هذا الدين . إلا أن بعض الإشكاليات سيطرت على واقع الدعوة ، وربما حالت هذه الإشكاليات دون تحقيق المراد من الدعوة والتبليغ .... على الوجه الأكمل
من أبرز الإشكاليات : (( وسأتحدث فيها عن الوقت الراهن ))
التوازن في الخطاب من أبرز خصائص الدعوة في عالمنا المعاصر المتعدد الفئات والمنوع في الثقافة ، فالداعية لا يخاطب شريحة واحدة ذات مستوى محدد ، أو ذات حاجات محددة من البيان والمعرفة والحضور الذهني ....
لذلك فإن التوازن بين جميع جوانب الخطاب يجعل الشريحة المستهدفة أوسع وأعمّ ، كما يجعل الاستجابة والتفاعل من قبل السامعين والمخاطبين أكثر وأشمل ... ويمكن أن نحدد ثلاثة أنواع من التوازنات الهامة :
أ-التوازن في سمات الخطاب بين أمور ثلاثة :
1- العاطفة
2- العلم