::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> أقلام نسائية

 

 

رِسَالَة ٌإِلـَى كُلِّ شَابّ يَسْعَى إِلـَى زَوَاج ٍنـَاجـِح

بقلم : المحبة لله  

رِسَالَة ٌإِلـَى كُلِّ شَابّ يَسْعَى إِلـَى زَوَاج ٍنـَاجـِح

المُحِبَّة لله

 

بسم الله الرّحمن الرّحيم

رسالتي في هذا الخطاب موجّهة لكلّ شابّ يبحث عن زواج سعيد ، خال ٍمن المنغِّصات والمتاعب ، مليء بالهناءة والسّرور .......

سؤال : هل فكّرتَ يوماً في الزّواج ؟ لا أنتظر إجابة ؛ لأنّني أعرفها ، ستقول : نعم بكلّ تأكيد ، أو ربّما تقول : هذا الأمر هو شغلي الشّاغل ، وتلك الفكرة تكاد تكون الفكرة الوحيدة الّتي تشغلني هذه الأيّام ... جوابكَ منطقيّ ، بل هو جوابٌ فطريّ ، لا يوجد شابّ على وجه الأرض إلا ويحلم بمستقبل مشرق يحقّق فيه ما يصبو إليه .

سؤال خطير : هل تجد صعوبة في الوصول إلى تلك الغاية ؟ كأنّي أسمعكَ تقول : نعم ؛ فتحقيق هذا المأرب بالنّسبة لي ليس صعباً فحسب ، بل غدا مستحيلاً ... أتساءل : ما سبب ذلك ؟ تتعدّد إجاباتكم كشباب على هذا السّؤال ، فمنكم من يقول : نقصُ المال في يدي .. لا أملكُ المال الكافي بعد ؛ المال الّذي يمكّنني من تغطية مصاريف هذا المشروع ... وآخر يقول : رزقي كفاف ، ولا أجد أحداً في هذا العصر العجيب يلتفت إلى الدّين والخـُلـُق ، بل كلٌّ لا يرضى إلا بذي الغِنى والمال الوفير ، لذلك أتعثر وأخفق كلّما سعيت في طلب العفة ... وثالثٌ يتذمّر ، وليس في وسعه الصّبر فيقول : صِغرُ سنّي هو سبب مأساتي ! أنا في العشرين من عمري ، وأهلي يعتقدون أنّني ما زلتُ صغيراً ، ولستُ أهلاً للقيام بأعباء تلك المسؤوليّة !! صحيح أنّ الكثير من الشّباب في تلك السّنّ ؛ بل وأكبر من ذلك ما زالوا على جانب من الرّعونة ، ولا يُقدِّرون أهمّيّة وخطورة ذلك الأمر ؛ لكنّني لست كذلك ! أنا أفكّر بشكل جدّيّ ، وأعلم أنّني مُقبـِلٌ على حقوق ، وواجبات ، ومسؤوليّات عظيمة ... والبعض يجيب قائلاً : لقد ساق الله لي مرضاً منعني من الإقبال على الزّواج .. النّيّة موجودة ، لكنّ الأمر ليس بيدي ، وهذا قـَدَري ... ومسكين آخر ذو حظّ عاثر يواجه مشكلة تفرشُ طريقَ آماله بالأشواك ، فتؤخّر موعد سعادته فيقول : مشكلتي في غلاء المهور ، أصبحت المرأة سلعةً تُباع وتُشرى ، فكثير من الأهالي يضع ابنته في مزاد ؛ ليحصل عليها من يدفع أكثر .......

معكم حقّ .. إنّكم تصادفون عقَباتٍ كثيرة في هذه المسيرة . لكن يخطر في بالي سبب آخر ، مختلف عن الأسباب الّتي تعرقل مسيرتكم ، وتزعجكم كثيراً ، وهذا السّبب يكاد يكون العامل الوحيد المشترك ، والّذي يقف حائلاً ليؤخّر أو يمنع زواج كلّ واحدٍ منكم ، وبوجوده تغدو العوائق الأخرى مجرّد أسباب لا أقلّ ولا أكثر ، أتعرفون ما هو ؟ إنّه إرادة الله ! هل جلستَ يوماً مع نفسكَ تفكّر ؛ لماذا كلّ هذا التّأخير ؟ ولِمَ كلّ تلك المعوِّقات ؟ هل أدركتَ يوماً بأنّ في هذا الكون حكيماً ، وبحكمته تسير الأمور ؟ ثمّة غايات وأهداف نسعى لتحقيقها في حياتنا ، ونكون بأشدّ اللّهفة والعجلة للوصول إليها ، لكنّ الله عزّ وجلّ هو خالقنا ، وهو الّذي يعلم ما يُصلحنا ، ويعلم الوقت المناسب الّذي يوصلنا فيه إلى أهدافنا ، إذاً فلِمَ القلق ؟! الأمر بسيطٌ جدّاً ، ما عليكَ إلا أن تأخذ بالأسباب ، ثمّ تلجأ إلى الله ، وتطلب منه التّعجيل في تحقيق غاياتك ، وأن يجعل لكَ فيها الخير الكثير ، والله عزّ وجلّ يتكفل بتحقيق غايتك ، وغيرها من الغايات الّتي تسعى لبلوغها . ولا تنسَ قولَ رسول الله عليه أزكى الصّلاة : " حق المسلم على الله أن يعينه إذا طلب العفاف " . (الجامع الصغير)

سؤال خطير جدّاً : ما الشّروط والسّمات الّتي حدّدتَها مُتأمِّلاً وجودها في الزّوجة الّتي تبحث عنها ؟ في هذه النّقطة بالتّحديد تكمن المشكلة ... هل تسعى وراء المال ؟ هل تبحث عن ابنة رجل ثريّ طمعاً في تلك الثّروة ؟ هل تبحث عن موظّفة تشاركك أعباء الحياة المادّيّة ؟ إذاً فلستَ رجلاً ! الكثير من شباب عصرنا يبحثون عن امرأة ذات دخل ، ولا يعرفون أنّ التّصرّف السّليم هو البحث عن امرأة تقرّ في بيتها ، وتتفرّغ لتربية أبنائها ، فإن كانت موظّفة ، تنصحها لترك عملها ، والالتفات لشأن أولادها . لأنّ الإنفاق واجبٌ عليك ، والله يعينك في ذلك ، إن لم تكن مصمّماً وعازماً لتكون أنتَ المسؤول عن مصاريف الحياة المادّيّة ؛ فتأكّد أنّكَ لستَ برجل ، ثمّ هل يكون طلب المال هو سبب الزّواج النّاجح ؟ بالطّبع لا ! من تزوّجها لمالها أفقره الله . هل تبحث عن امرأة ذات جاه وحسَب ونسب ؟ من تزوّجها لحسبها زاده الله دناءة . هل تبحث عن امرأة جميلة دون أيّ اهتمام بدِينها وأخلاقها ؟ بما أنّ الجمال وحده هو غايتك ؛ فلا تنتظر نجاحاً في زواجك ! إنّكَ بمجرّد رؤيتها ، والتّعامل معها أثناء فترة الخطبة ؛ تظنّ أنّكَ ستحلّق في سماء السّعادة والوئام ، اطمئنّ ! ظنّكَ ليس بمحلّه ، هذه السّعادة مؤقّتة ، وتأكّد أنّها ستغدو مع الأيّام شقاءً ! من تزوّج المرأة لجمالها أذلّه الله .

ربّما تتساءل : ما الصّفات الّتي عليّ أن أبحث عنها لتحقيق سعادة دائمة في ذلك الزّواج ؟ وحتّى تخرج من حَيرتك ؛ اسأل نفسكَ سؤالاً أهمّ : ما الصّفات الّتي ينبغي أن أجدها في نفسي ؛ والّتي تجعلني أهلاً لتحديد الصّفات السّليمة في المرأة الّتي أبحث عنها ؟ لا بدّ من معرفة المبدأ الواجب عليكَ اتّخاذه قبل فوات الأوان ، تداركْ نفسكَ ، واطْلب العلم – العلم الشّرعيّ – الّذي يُعرِّفكَ بما لكَ من حقوق ، وما عليكَ من واجبات تجاه الزّوجة والأولاد ؛ حتّى لا تـَظلِم أو تـُظلـَم ، عندها فقط ستبصر القاعدة الأساسيّة الّتي إن سِرْتَ مهتدياً بها ؛ فستوصلكَ إلى السّعادة الأبديّة في زواجك ، هذه القاعدة تجدها في قول خير الأنام صلّى الله عليه وسلّم : " ... فاظفر بذات الدّين تربت يداك " ( متفق عليه ) .

لم يمنعكَ الشّرع من الـْتماس الجمال ، أبداً ! لكن تأكّد أنّكَ ستخسر الكثير إن لم تسْعَ إضافة لذلك في طلب المتديّنة ، الملتزمة ، ذات الخُلُق العالي ، العفيفة ، الشّريفة ، والّتي تعرف واجباتها المترتّبة عليها ، وكلّ همّها إرضاء ربّها من خلال إرضاء زوجها في غير معصية ، وتربية أولادها على حبّ الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم .

أؤكّد لكَ أيّها الشّابّ : إنّكَ إن لم تطلب العلم ، لن تستطيع إدارة حياتكَ بالشّكل السّليم ، ولن تتمكّن من تحديد طريق الصّواب الّتي توصلكَ إلى برّ الأمان ، وبالتّالي سيفشل زواجك عاجلاً أم آجلاً ، وستواجه متاعبَ ومشكلاتٍ أنتَ بغنىً عنها ، وكان يُمكنكَ أن تتلافاها من بداية المشوار ، فاحرص على طلب العلم ، متذكّراً قول الإمام الشّافعيّ : " إذا أردتَ الدّنيا فعليكَ بالعلم ، وإذا أردتَ الآخرة فعليكَ بالعلم ، وإذا أردتَهما معاً فعليكَ بالعلم " . واتّجهْ دوماً إلى خالقك ، متضرّعاً ، مفتقراً إليه ، متذلّلاً على أعتابه ، وداعياً إيّاه لتوفيقكَ في زواجك ، وإسعادكَ في دنياك وآخرتك . ولا تعتقدْ أنّكَ حصّلتَ الغنائم ؛ إن لهثتَ وركضتَ وراء المال أو الجمال ؛ دون اكتراث بما أرشدكَ إليه ربّ العباد ، وحبيبُ ربِّ العباد صلّى الله عليه وسلّم ، وهو الدّين والخُلُق ، ففي الـْتماسه السّعادة ، ولا سعادة بسواه ، وسعادتكَ مع الزّوجة الصّالحة ، ولا سعادة مع غيرها .

اللّهمّ حصّن قلوب شبابنا بالإيمان .. ونوّر طريقهم بنور العلم وهدْي القرآن .. وارزقهم التّمسّك بسنّة نبيّك العدنان .. واهدِ ضالّهم ، وأيّد مهتديهم ، واكتب لجميعهم الرّحمة والعفو والغفران .. فلا هادي إلا أنت يا ذا المنّ والإحسان .

 

 التعليقات: 3

 مرات القراءة: 2953

 تاريخ النشر: 05/08/2008

2008-08-10

ورد الشام

والله لقد أثلجت صدري بهذه الكلمات الصادقة الرائعة الجميلة التي لامست القلوب والعقول...

 
2008-08-10

eiad

موضوع رائع جدا وكلام زي العسل والله يهدي شباب المسلمين وبنات المسلمين الى الصراط المستقيم والله يعطيك الف عافية ومشكور على الكلام الجميل

 
2008-08-09

ابن الشام

جزاك الله خيراً .. موضوع مفيد ونافع

 

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 861

: - عدد زوار اليوم

7401895

: - عدد الزوار الكلي
[ 44 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan