::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> دراسات وأبحاث

 

 

الزواج العرفي وأحكامه

بقلم : الباحث الأستاذ تحسين بيرقدار  

تمهيد: في العُرْف:

أولاً: تعريف العرف:

1- العُرْف لغةً: هو: العِلْم، تقول العرب: عرفَه معرفة وعرفاناً أي علمه، والعُرْف: المعروف، وهو: خلاف المنكر، وهو: ما تعارف عليه الناس في عاداتهم ومعاملاتهم 1.

2- والُعرْف اصطلاحاً هو: " ما استقرت عليه النفوس، بشهادة العقول، وتلقته الطبائع بالقبول " 2، أو هو: " ما تعارفه الناس، وساروا عليه من قول أو فعل أو ترك " 3.

ثانياً: أنواع العرف:

العرف نوعان: قولي وعملي:

1- العرف العملي: هو التعارف بين الناس على أمر عملي معين كأكل لحم الضأن في بلد، أو لحم الجمل في بلد آخر، والعرف العملي كتقسيم المهر إلى معجل ومؤجل.

2- العرف القولي: وهو التعارف بين الناس على إطلاق لفظ على معنى معين، بحيث لا يتبادر إلى الذهن عند سماعه غيره، كإطلاق لفظ اللحم على لحم الحيوان وعدم إطلاقه على لحم السمك أو الطير 4.

ثالثاً: حكم العرف: والعرف إما صحيح أو فاسد.

1- العرف الصحيح: هو ما تعارفه الناس، ولا يخالف نصاً شرعياً، ولا يحل حراماً، ولا يحرّم حلالاً، كتعارف الناس تقسيم المهر إلى معجَّل ومؤجل.

- والعرف الصحيح: يجب مراعاته في التشريع وفي القضاء، وعلى المجتهد والقاضي مراعاته.

2- والعرف الفاسد: هو ما تعارفه الناس، لكنه يخالف الشرع، أو يحل حراماً، أو يحرم حلالاً، كتعارف الناس كثيراً من المنكرات في المناسبات، أو كعقود الربا والمقامرة.

- والعرف الفاسد: لا تجوز مراعاته، لأن في مراعاته مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية كتحليل حرام، أو تحريم حلال، أو ارتكاب معصية 5.

 

* المطلب الأول: بيان الزواج العرفي:

أولاً: تعريف الزواج العرفي:

1- الزواج العرفي اصطلاحاً هو: " عقد الزواج غير الموثق بوثيقة رسمية، سواء أكان الزواج مكتوباً أم غير مكتوب، وسواءً أستكمل شروطه أم لم يستكمل " 6.

2- وعرفه الدكتور عبد الفتاح عمرو بقوله: " هو عقد مستكمل شروطه الشرعية، إلا أنه لم يوثق، أي بدون وثيقة رسمية كانت أو عرفية " 7

ويظهر من هذه التعريفات أنه لا فرق بين الزواج العرفي والزواج الشرعي، إلا أن هناك فرقاً بينه وبين الزواج الرسمي، فالزواج حتى يكون رسمياً لا بد من توثيقه في الدائرة الخاصة بالتوثيق في الدولة، أما الزواج العرفي فلا توثيق فيه.

ويعتبر تعريف الدكتور عبد الفتاح عمرو غير دقيق، فقوله: " أي بدون وثيقة: رسمية كانت أو عرفية " غير صحيح، لأن العقد العرفي قد توجد فيه وثيقة عرفية، لكنها لا تخرجه عن كونه عقداً عرفياً، وكان ينبغي أن ينتهي تعريفه للزواج العرفي عند قوله: " رسمية " 8.

ثانياً: سبب تسمية هذا الزواج بالعرفي:

إن تسمية هذا الزواج بالزواج العرفي، يدل على أن هذا العقد أُكتُسِب مسماه من كونه عرفاً اعتاد عليه أفراد المجتمع المسلم منذ عهد النبي الكريم r وصحابته الكرام إلى أن ظهر توثيق عقود الزواج، حيث لم يكن المسلمون قديماً يهتمون بتوثيق عقد الزواج، ولم يكن ذلك يعني بالنسبة لهم أي حرج، بل اطمأنت نفوسهم إلى ذلك، حتى صار عُرفاً عُرف بالشرع، وأقرَّهم عليه، ولم يردَّه في وقت من الأوقات 9.

ثالثاً: صور الزواج العرفي وأسبابه:

هناك صور محرّمة من الزواج العرفي، وثمة صور أخرى جائزة أو غير محرّمة.

1- وأبدأ بالصورة غير المحرمة، وهي:

أ- كأن يكون بعض الشباب أو الفتيات دون السن الذي يشترطه قانون الأحوال الشخصية للزواج، وهم يريدون أن يتزوجوا لسبب ما، فيعقدون زواجهم عقداً عرفياً، أي بحضور الزوجين، وولي المرأة، وشاهدين، دون أن يوثقوا هذا العقد، في الدوائر الرسمية عند الدولة 10

ب- كما أن بعض الشباب يريدون أن يتزوجوا وهم يؤدون الخدمة العسكرية الإلزامية، وفي القانون لا بدّ للعسكريين من رخصة بالزواج، وغالباً لا يمكن الحصول على تلك الرخصة، فيعقد الشاب العسكري زواجاً عرفياً، دون توثيق مع وجود كل أركان وشروط عقد الزواج 11.

ﺟ- كما أن بعض الناس يريدون أن يتأكدوا من انسجام ابنتهم مع خطيبها، وهم بنفس الوقت يخافون من أن يعقدوا زواج ابنتهم عقد رسمياً موثقاً، ثم لا ينسجم الزوجان، فيتم الطلاق وتسجل المرأة أنها مطلقة في السجل المدني، فهذا كله يدفعهم لأن يعقدوا زواج ابنتهم عقداً عرفياً، مستوفياً أركان عقد الزواج وشروطه من غير توثيق، ريثما يتم تسجيله موثقاً في الدوائر الرسمية.

2- وأما الصور المحرّمة من الزواج العرفي فقد انتشرت كثيراً في جمهورية مصر على الشكل التالي:

أ- يتعرف الشاب على زميلة له في الجامعة، فيحبان بعضهما، ويرغبان بالزواج والشاب لا يملك مؤهلات الزواج ومؤنه من مسكن ونفقات وغير ذلك، فما يكون من الشاب والفتاة إلا أن يشتريا من المكتبة قطعة ورق، كتب عليها " عقد زواج عرفي "، فيسجل الشاب والفتاة المعلومات التي ينبغي تسجيلها على تلك الورقة، ويستدعيان بعض أصدقائهما، ويقولان لهم: إنهما تزوجا زواجاً عرفياً، فيقيم الأصدقاء حفلة صغيرة لهذين الزوجين بحسب زعمهم، ويباركون لهما، ثم يتركونهما يقضيان بعض الأوقات في منزل زميل لهم، أو في أي مكان ليتدبرا أمرهما12.

وهذا الزواج محرّم للأسباب التالية:

1ً- لأنه زواج سر، كما قرر المالكية، فلا شك أن الشاب والفتاة يطلبان من أصدقائهما الذين حضروا هذا العقد أن يكتموا ذلك، وهذا هو زواج السر الممنوع عند المالكية، بالإضافة إلى فقدان صيغة عقد الزواج الصحيحة 13.

2ً- ولأنه عقد بغير وجود ولي المرأة، وهذا ما يجعله محرّماً وغير صحيح عند جمهور الفقهاء عدا الحنفية الذين أجازوا نكاح المرأة البالغة العاقلة الرشيدة بغير ولي 14.

ب- هذا، وقد يتزوج الشاب الفتاة دون أن يُعلما أحد، فيكتبان عقد زواج عرفي بينهما، ويعتبران أنهما صارا زوجين بكتابة هذا العقد، فيذهبان إلى مكان ما، ليمارسا حقهما في الزواج الباطل والمحرّم، الذي افتقد إلى جميع أركان عقد الزواج وشروطه.

رابعاً: نشأة الزواج العرفي:

ظهر ما يسمى بالزواج العرفي منذ أوجبت الدول والحكومات تسجيل عقد الزواج في الدوائر الرسمية المختصة، وهذا يختلف من بلد لآخر، فصار كل عقد زواج لم يتم تسجيله في تلك الدوائر يعتبر زواجاً عرفياً، ففي سوريا - مثلاً - صدر قانون الأحوال الشخصية السوري في منتصف القرن العشرين، فمنذ صدور هذا القانون صار يعتبر عقد الزواج الذي لا يتم تسجيله في السجل المدني عقد زواج عرفي 15.

خامساً: خطورة الزواج العرفي:

إنَّ الزواج العرفي له صور جائزة، وأخرى محرمة، وسأبحث خطورة الزواج العرفي في الصور الجائزة والمحرمة.

1- خطورة الزواج العرفي في الصور الجائزة منه حيث يتوافر في هذا الزواج وجود الزوجين والولي والشهود والمهر، تكمن فيما يلي:

أ- إنَّ المرأة التي تتزوج زواجـاً عرفياً تكون عرضة لضياع حقوقها من مؤخر المهر والنفقة والميراث، وقد يضيع نسب أولادها، كما يضيع حقهم في الميراث والنفقة، فالزوج قد ينكر الزواج، وينتفي من زوجته وأولاده، وقد يموت ولا تجد ما يثبت لها حقها، لأن القضاء يعاقب من يتزوج بهذه الطريقة، كما أنه يرفض سماع الدعوى التي تأتي من هذا النوع 16.

ب- كما أن في الزواج العرفي مخالفة لأولي الأمر، ومعلوم أن أولي الأمر إذا أمروا بأمر مباح، فإنه يصبح واجباً، ومخالفة الواجب فيها إثم، بالإضافة لتعرض هذا المخالف لعقوبة الحاكم بالغرامة المالية أو بالسجن17.

2- وأما خطورة الزواج العرفي في الصور المحرمة فتكمن فيما يلي:

أ- إن الزواج بغير إشهاد ووجود الولي محرّم شرعاً، وهو من قبيل الزنى الذي حرّم الله تعالى الاقتراب منه، فقال: (( ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلاً)) 18، وإن كتابة عقد الزواج على ورقة لا تجعله عقداً شرعياً.

ب- بالإضافة إلى القلق النفسي الذي يعيشه الشاب والفتاة، والسمعة السيئة التي تلاصق كلاً منهما مدى الحياة، وضياع حق المرأة في المهر والنفقة والميراث، والفضيحة التي تقدمها لنفسها ولأهلها حين يعلم الناس بمثل هذا الزواج الذي لا يقره شرع ولا قانون ولا دين.

ﺟ- هذا، بالإضافة إلى العقوبة القانونية من غرامة مالية أو سجن تنتظر الشاب والفتاة إذا ادعى أحدهما على الآخر ليثبت هذا الزواج المشؤوم 19.

 

* المطلب الثاني: حكم الزواج العرفي:

أولاً: تمهيد - في توثيق عقد الزواج:

1- نشأة التوثيق:

أ- الأصل أن الشريعة الإسلامية لم تشترط في عقد الزواج أموراً شكلية، كأن يجري على يد عالم أو قاض أو شيخ، وقد اكتفى المسلمون في العصور السابقة بإجراء عقد الزواج بتبادل الإيجاب والقبول بين العاقدين بحضور الشهود وبالإعلان، وكانت معرفة القائمين على أمر المسلمين لهذا الزواج عن طريق الإعلان تغني عن توثيق العقد، فإن مات الشهود أو سافروا فإن إعلان الزواج، ومعرفة أولي الأمر له تقوم مقام التوثيق، قلا يمكن لأيّ من الزوجين أن ينكر زواجه المعلَن.

ب- ومع تقدم الزمان أخذ المسلمون يؤخرون جزءاً من المهر، ويكتبون ذلك في عقود، وصارت تلك الوثائق التي يُدوَّن فيها المهر المؤخر وثيقة مؤكدة لعقد الزواج، ثم تطور هذا التوثيق إلى أن نصت معظم قوانين الأحوال الشخصية على لزوم توثيق عقد الزواج 20.

2- أهمية توثيق عقد الزواج:

ولتوثيق عقد الزواج أهمية كبيرة في الشريعة الإسلامية، وقد أصبح التوثيق في الدوائر الرسمية في مؤسسات الدولة هو التوثيق الأمتن والأفضل، وهو المطلوب شرعاً وقانوناً وتأتي أهميته من خلال ما يلي:

أ- في التوثيق إمكانية حفظ العقد المكتوب، وحفظ الحقوق والنسب بشكل رسمي.

ب- وفيه سهولة الرجوع إلى العقد عند النزاع والاختلاف، وحصول كلٍّ على حقه.

ﺟ- وفيه معرفة الأمة لتاريخها وتسلسل أجيالها، وأعداد أفرادها، وتخطيط تنميتها واقتصادها، وطاعة أولي الأمر الذين أمر الله بطاعتهم إذا أمروا بمعروف 21.

3- حكم توثيق عقد الزواج:

إن الترتيبات الإدارية التي ألزمت بها قوانين الأحوال الشخصية، ومنها توثيق عقود الزواج، والتي سماها بعض الفقهاء المعاصرين بالشروط القانونية، حيث عرفها الدكتور علي حسب الله بأنها: " شروط يضعها المشرّع الوضعي لجلب مصلحة أو دفع مضرة "، وقد أوضح طبيعة هذه الشروط، فقال: " والشرط القانوني: ليس شرط صحة ولا نفاذ ولا لزوم، لأن المشرع الوضعي ليس له أن ينشئ حكماً شرعياً دينياً يحل حراماً أو يحرم حلالاً، بل هو شرط يترتب عليه أثر قانوني لا دخل له في الحكم الشرعي الديني " 22.

وهكذا نجد أن الفقهاء المعاصرين قد اجتمعت كلمتهم على اعتبار أن توثيق عقد الزواج واجب شرعي مستقل من باب وجوب طاعة أولي الأمر، فليس له تأثير على صحة عقد الزواج أو فساده، فصحة العقد أو فساده إنما تتعلق باستكمال أركانه وشروطه أو عدم استكماله.

فقد قال الدكتور القرضاوي: " في هذه الحالة إذا صدر أمر أو قانون من ولي الأمر الشرعي بإيجاب التوثيق تصبح طاعته لازمة شرعاً، لأن الله تعالى قال: (( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم))23، والنبي r قال: «السمع والطاعة حق على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أُمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة» 24.

ثانياً: حكم الزواج العرفي:

والزواج العرفي له صور محرَّمة وأخرى جائزة كما بينت سابقاً، فليس هناك حكم واحد على كل ما يسمى " زواجاً عرفياً "، فلا بد من بيان صورة الزواج العرفي لإعطاء الحكم الشرعي له، وأبدأ بصورة الزواج العرفي الجائزة:

1- إذا تزوج رجل امرأة بإيجاب وقبول صحيحين، ووجود ولي وشهود، وتحديد مهر شرعي ولكن بدون توثيق لعقد الزواج في الدوائر الرسمية المختصة، فإن الزواج يكون شرعياً صحيحاً، لكن العاقدين قد ارتكبا إثماً بتركهما واجباً شرعياً هو توثيق العقد الذي أمر بتوثيقه ولي أمر المسلمين 25.

2- وأما الزواج العرفي المتفق على حرمته فهو: الزواج الذي يتم بين رجل وامرأة بغير شهود، ولا ولي، ولا توثيق، وهذا زواج باطل محرّم، لم يقل أحدٌ بجوازه 26.

3- وأما الزواج العرفي المختلف فيه فهو أنواع عدة:

أ- إذا عقد الزواج بولي وشهود، وبغير توثيق في الدوائر الرسمية، وتواصى الجميع بكتمانه فهو فاسد عند المالكية، صحيح عند باقي الأئمة 27.

ب- وإن عقد بولي من غير شهود ولا توثيق في الدوائر الرسمية، فهو فاسد عند جمهور الفقهاء، خلافاً للمالكية الذين لم يشترطوا حضور الشهود أثناء العقد مشترطين بدلاً من ذلك الإعلان والظهور، أما الشهادة عندهم فهي واجبة قبل الدخول 28.

ﺟ- وإن عقد من غير ولي ولا توثيق، فهو فاسد عند جمهور الفقهاء خلافاً للحنفية الذين صححوا عقد زواج المرأة العاقلة البالغة الرشيدة من غير ولي بشرط أن يكون الزوج كفؤاً للمرأة، وإلا حُقَّ للأولياء الاعتراض 29.

ثالثاً: أقوال بعض الفقهاء المعاصرين في الزواج العرفي:

1- يقول الشيخ علي الطنطاوي - رحمه الله تعالى -: " هذا الزواج بهذا المعنى زواج صحيح (أي الزواج العرفي)، ولكن للحاكم أن يعاقب فاعله بنوع من العقوبات لأنه خالف أمراً أوجب الله طاعته 30.

2- ويقول الدكتور القرضاوي: " في هذه الحالة إذا صدر أمر أو قانون من ولي الأمر الشرعي بإيجاب التوثيق تصبح طاعته لازمة شرعاً 31، لأن الله تعالى قال: (( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)) 32.

3- ويقول الشيخ محمد سيّد طنطاوي شيخ الأزهر: " إن الزواج السري المعروف باسم الزواج العرفي في مصر، تتوافر فيه جميع الأركان لكن ينقصه التوثيق، وأنا شخصياً لا أشهده، ولا أحبه، ولا أجلس في مجلسه، لأنه يترتب عليه ضياع حقوق المرأة، ومخالفة النظام العام الذي وضعته الدولة " 33.

ولا بدّ هنا أن أبين أنه ليس كل زواج عرفي هو زواج سر، ثم إن زواج السرّ إذا شهده شاهدان لم يعد زواج سر عند جمهور الفقهاء، ما عدا المالكية الذين اعتبروه زواج سر فاسداً، يفرق فيه بين الزوجين بطلقة بائنة قبل الدخول، وكذلك بعد الدخول ما لم يطل 34.

رابعاً: آثار الزواج العرفي:

1- آثار الزواج العرفي شرعاً:

تبين لنا مما سبق أن الزواج العرفي له صور محرَّمة وأخرى صحيحة، ولكل صور من صوره آثار تترتب عليها.

أ- فإذا تزوج رجل امرأة زواجاً عرفياً بإيجاب وقبول شرعيين، وحضور الولي وشهادة شاهدين، كان زواجاً صحيحاً شرعاً تترتب عليه آثار الزواج الصحيح، ولكن يأثم الزوجان إن تركا توثيق العقد إهمالاً بغير عذر 35.

ب- وأما الزواج العرفي المتفق على حرمته، كما إذا تزوج رجل امرأة بغير شهود ولا ولي ولا توثيق، فهذا زواج باطل شرعاً، ويترتب عليه آثار الزواج الباطل.

ﺟ- وأما الزواج العرفي المختلف في حرمته، فيعتبر فاسداً عند المذهب الذي لم يجزه وصحيحاً عند الذين أجازوه، ويترتب عليه آثار الزواج الفاسد عند المانعين، وآثار الزواج الصحيح عند المجيزين 36.

2- وأما آثار الزواج العرفي في قانون الأحوال الشخصية السوري فهي كما يلي:

أ- تنص المواد من /40/ إلى /46/ من قانون الأحوال الشخصية السوري على بيان إجراءات معاملات عقد الزواج، وقد جاء في الفقرة الثانية من المادة /40/ ما يلي: " لا يجوز تثبيت الزواج المعقود خارج المحكمة إلا بعد استيفاء هذه الإجراءات، على أنه إذا حصل حمل ظاهر يثبت الزواج بدون هذه الإجراءات، ولا يمنع ذلك من إيقاع العقوبة القانونية " 37.

ب- والعقوبة القانونية هي الغرامة المالية من مئة إلى مئتين وخمسين ليرة حيث جاء في المادة /469/ و/470/ من قانون العقوبات السوري ما يلي:

مادة /469/: " إذا عقد أحد رجال الدين زواج قاصر لم يتم الثامنة عشرة من عمره دون أن يدون في العقد رضى من له الولاية على القاصر، أو أن يستعاض عنه بإذن القاضي عوقب بالغرامة من مئة إلى مئتين وخمسين ليرة ".

مادة /470/: يستحق العقوبة نفسها رجل الدين الذي يعقد زواجاً قبل أن يتم الإعلانات وسائر المعاملات التي ينص عليها القانون أو الأحوال الشخصية، أو يتولى زواج امرأة قبل انقضاء عدتها "

ـــــــــــــــــــــــ

 

الهوامش :

 

1.    ينظر، ابن منظور، لسان العرب: 9/236، والزيات وآخرون، المعجم الوسيط: 2/595.

2.    الجرجاني، كتاب التعريفات، ص: 225.

3.    خلاّف، عبد الوهّاب، علم أصول الفقه، ص: 89، دار القلم، دمشق.

4.    المرجع السابق، ود. الزحيلي، محمد، أصول الفقه الإسلامي، ص: 209.

5.    ينظر، خلاّف، عبد الوهّاب، علم أصول الفقه، ص: 89-90.

6.  مجلة البحوث الفقهية، مجلة علمية محكمة في الفقه الإسلامي، العدد (36)، السنة التاسعة، رجب -شعبان-رمضان، 1418 ﻫ، 1997-1998 م.

7.    عمرو، عبد الفتاح، السياسة الشرعية في الأحوال الشخصية، ص: 43.

8.    د. الأشقر، أسامة، مستجدات فقهية، ص: 129.

9.    ينظر، ممدوح عزمي، العقد العرفي، ص: 11، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية.

10.                       ينظر، د. عمر الأشقر، أحكام الزواج: 176.

11.                       ينظر المرجع السابق.

12.                       موقع على الإنترنت باسم منتديات القرناس، وينظر، هشام قبلان، الزواج العرفي وأشكال الزواج المستحدث، ص: 62.

13.                       ينظر، الدردير، الشرح الصغير: 2/245، والدسوقي، الحاشية، 2/342 وما بعد.

14.          ينظر، الكاساني، البدائع: 2/513، والدسوقي، الحاشية: 2/349، والخطيب الشربيني، مغني المحتاج: 3/188، وابن قدامة، المغني: 9/345.

15.                       ينظر، هشام قبلان، الزواج العرفي في الإسلام وأشكال الزواج المستحدث، ص: 62.

16.                       ينظر، د. الأشقر، أسامة، مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق، ص: 151.

17.                       ينظر، المرجع السابق، ص: 145 وما بعد.

18.                       سورة الإسراء: 32.

19.                       ينظر، د. الأشقر، أسامة، مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق، ص: 151-152.

20.                       ينظر، ابن تيمية، الفتاوى الكبرى: 3/175، ومجلة البحوث الفقهية، العدد (36)، ص: 194.

21.                       ينظر، د. الأشقر، أسامة، مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق، ص: 133.

22.                       حسب الله، د. علي، الزواج في الشريعة الإسلامية، ص: 78.

23.                       سورة النساء: 59.

24.          أخرجه البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، كتاب الجهاد والسير، باب السمع والطاعة للإمام، رقم /2955/، ص: 489، وينظر، د. القرضاوي، يوسف، الزواج العرفي، حلقة على الإنترنت، موقع المنتدى بتاريخ 18/4/1998 م.

25.          ينظر، د. عبد الفتاح عمرو، السياسة الشرعية في مسائل الأحوال الشخصية، ص: 43، وحسنين مخلوف، فتاوى شرعية، ص: 55، دار الاعتصام، القاهرة.

26.          ينظر، ابن عابدين، الحاشية: 3/132، والدسوقي، الحاشية: 2/377، والخطيب الشربيني، مغني المحتاج: 3/236، والبهوتي، كشاف القناع: 5/498.

27.          ينظر، الكاساني، البدائع: 2/523، والدسوقي، الحاشية: 2/375، والنووي، المجموع: 17/184، وابن قدامة، المغني: 9/469.

28.                       ينظر، المصادر السابقة.

29.                       ينظر، المصادر السابقة.

30.                       طنطاوي، الشيخ علي، فتاوى علي الطنطاوي، جمعها ورتبها: مجاهد ديرانية، دار المنارة.

31.                       د. القرضاوي، يوسف، الزواج العرفي، حلقة على الإنترنت، موقع المنتدى، بتاريخ 18/4/1998 م.

32.                       سورة النساء: 59.

33.                       جريدة الرأي الأردنية، العدد: 10384، الجمعة 26/شوال/1419 ﻫ / 12/شباط/1999 م.

34.          ينظر، الكاساني، البدائع: 2/523، والدسوقي، الحاشية: 2/375، والنووي، المجموع: 17/184، وابن قدامة، المغني: 9/469.

35.                       ينظر، مرجعا الطنطاوي والقرضاوي السابقان.

36.                       ينظر، مبحث آثار الزواج.

37.                       نقابة المحامين، قانون الأحوال الشخصية، ص: 23-24.

 

 التعليقات: 5

 مرات القراءة: 8622

 تاريخ النشر: 03/02/2009

2010-11-26

ساجده

انا فتاه ابلغ 30ومقيمه في السعوديه ابي يرفض تزويجي لكل من اريد واريد الزواج بدون الرجوع لوالدي خوفا من الحرام انا اردنيه وهو باكستاني علما باني مقتنعه به تماما وافكر بالسفر لمصر او باكستان او الاردن لاتزوج خالي يؤيدني ويعلم عقليه والدي فهل السفارات ستوثق لي عقد زواجي وماهي المخاطر التي قد تواجهني نت كان لديه المعرفه فليراسلني او يرد لي على الايميل وشكرا

 
2010-08-15

نسمة

انا فتاة في الثالثة والعشرين من عمري تقدم لي شابفي السابعه والعشرين من عمره كنت أعرفه من مدة 4 سنوات ووالدي رافض هاذا الشاب بحكم انه من الريف فقط وانا من المدينة فتقدم لي حوالي اربع - خمس مرات واوالدي كان جوابه بالرفض القاطع ونحن في عمل واحد وانا أراه باستمرار ولكن كي لا نقع في الحرام ومعصية الله عز وجل قد قمنا بالزواج العرفي بووجود كاتب عدل (محامي ) وشهود وم جهة أخرى كي نضع والدي تحت الأمر الواقع سؤالي هو ؟؟؟؟؟؟؟؟ هل من الناحية الشرعية وفي حالتي هذه أنا في حلال أم حرام أرجو على سؤالي شيخي الفاضل

 
2010-03-22

محمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة أتمنى أن اعرف الجواب وبسرعة ولكم جزيل الشكر هل أستطيع أن الزواج بفتاة عمرها 17 سنة وهي قاصر غعلى راي الحنفيين .وانا أرغب بالزواج لتحليل العلاقة بيننا وشكرنا لكم

 
2009-02-05

المشرف العام

أوافقك الرأي أخت " سلمى " بأن أي عقد زواج يتم بحضور الزوجين والشهود وتسمية المهر هو عقد صحيح لا غبار عليه عند أبي حنيفة و صاحبيه ولو لم يحضر الولي ، شريطة أن تكون الزوجة فوق سن البلوغ والرشد ، و أخالفك القول في أن أغلب الزواج يكون هكذا ... فالغالب يتم في بلادنا بحضور ولي الزوج عملاً برأي جمهور الفقهاء ... و إن الحرص على هذا الأمر و الأخذ برأي الجمهور إنما هو من باب الاحتياط وسد الذرائع وسعياً إلى تحقيق مقاصد الشريعة من الزواج المتضمن السكن والرحمة والمودة .. ودرءاً للمفاسد التي يمكن أن تقع من التساهل في عقود الزواج العرفي ، والأمثلة من الواقع كثيرة جداً ..

 
2009-02-04

سلمى

وإن عقد من غير ولي ولا توثيق، فهو فاسد عند جمهور الفقهاء خلافاً للحنفية الذين صححوا عقد زواج المرأة العاقلة البالغة الرشيدة من غير ولي بشرط أن يكون الزوج كفؤاً للمرأة إذن ما المانع في مثل هكذا زواج طالما أنه جائز عند الحنفية على مبدأ تفليد المذاهب.... إذن ما المشكلة.... طالما أن أغلب الزواج العرفي يكون بحضور الزوجين والأصدقاء دون ولي أمر الزوجة فهذا يعني أنه زواج صحيح على المذهب الحنفي؟؟؟؟؟ أرجو من المشرف العام التوضيح تماماً وشكراً

 

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 19

: - عدد زوار اليوم

7463739

: - عدد الزوار الكلي
[ 39 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan