::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> مقالات متنوعة

 

 

نظرة في الإعلام المرئي الموجه للطفل (3)

بقلم : سهير علي أومري  

ماذا يحتاج الطفل؟ وماذا ننتج له؟ وما سمات الإعلام الذي يجب أن توجه له؟ وما المؤهلات اللازمة لقيامه؟؟؟؟؟

 

يبدأ الإنتاج المحلي العربي لبرامج الأطفال عندما تتولد الرغبة ويوجد التمويل اللازم وتعي كل شرائح المجتمع دورها في مواجهة شركات الإنتاج الغربية التي تسعى إلى توجيه دفة الإعلام في عالمنا العربي بما تقدمه على الساحة الإعلامية من إعلام يحمل الصبغة الغربية بكل ما فيها من قيم وعادات وأفكار تسعى إلى تغريب طفلنا وتوجهه إلى المجتمع الغربي وتسلخه عن واقعه وأمته وحضارته ودينه، ولكن عند التوجه للإنتاج المحلي لا بدّ أن نعرف أن أمام الطفل خيارات عديدة فإن لم يكن ما يقدّم له بالمستوى اللائق والمطلوب ومنافسا لما يراه من الإنتاج الغربي فلن يختاره، وأن مواجهة الغزو الثقافي الموجه لأبنائنا لن يكتب له النجاح إلا من خلال تحصين هؤلاء الأطفال ضـد هذا الغزو، وإصلاح البرامج المتخصصة لهم لتكون في الوضع الذي يمكنها من الوقوف في مـواجهة عمليات الإبهار والجذب الشديد الذي تمارسه قنوات البث الفضائية الأجنبية لاستمالتهم، وإننا لن نستطيع إقناع الطفل أن يعرض بإرادته عما يغزو فكره وقيمه وأخلاقه ولا يتفق مع عـاداته وتقاليده ونجعله يقبل على ما يراه مفيداً ونافـعاً، إلا في حالة وجود البديل الأقوى تأثيراً والأشد جاذبية وهذا البديل الذي يخاطب طفل الـ 2009 م بكل ما طرأ عليه من تطور عقلي وانفتاح ذهني ومعرفي وخاصة في وقت صار فيه العالم قرية صغيرة وأصبحت كل وسائل التسلية السمعية والبصرية متاحة للجميع.

فالإنتاج الذي سيوجه لطفلنا يجب أن يقوم وفق خطط ودراسات منهجية تدرس واقع طفلنا العربي واحتياجاته النفسية والمعرفية وأن يُقدّم أساليب التربية الحديثة فقد رأينا الكثير من البرامج العربية الموجهة للطفل لم تلق إقبالاً ولا رواجاً بل كانت شريطاً إضافياً وضع في مكتبة القنوات بسبب أنها خاطبت طفل الـ 2009 بنفس الأسلوب الذي كانت أعمال الأطفال تُقدّم في القرن الماضي ولم تراع فيها احتياجات الطفل وتطوره المعرفي والفكري بل كانت نتيجة عمل عشوائي يحمل هدفاً مبتوراً لا يسير في ركب منظومة فكرية وأخلاقية ومعرفية نود تحقيقها في أطفالنا.

لذا فإننا إذا أردنا للإنتاج المحلي أن يثبت وجوده ويؤدي رسالته بصدق يجب أن يقوم على دراسات تخصصية يقوم بها مختصون بعلم النفس والاجتماع والتربية والتاريخ...... يحددون فيها أمرين على غاية من الأهمية:

1-             ماذا نريد من طفلنا العربي في هذه المرحلة من واقعنا العربي والإسلامي؟

2-             كيف نؤدي هذه الرسالة بأسلوب يواكب مستجدات التقنية الحديثة ويحقق البديل المقنع لطفلنا؟

وهذه الدراسات تكون مبنية على واقع أمتنا العربية والإسلامية المستمد من تاريخها مع إدراك التحديات التي تواجه طفلنا العربي في هذه المرحلة من واقعه، فنحن للأسف كثيراً ما نعتمد على المصادر الأجنبية في الحصول على المعلومات التي تخص الأطفال، ونقبل التعريفات والتصنيفات التي تقدمها لنا هذه المصادر، وننقلها حـرفياً دون تبصر، وقد أقبلنا على شراء التكنولوجيا، ولم نسعَ إلى تعلمها، فكان موقفنا من الـتقدم التكنولوجي موقف الـزبائن وليس موقف المبدعين، فجاء إعلامنا لا يتفق مع حركة الأحداث وسرعة إيقاع الحياة.

فنحن أحوج ما نكون في وقتنا الحاضر إلى تقديم إعلام يخاطب أطفالنا ويعزز لديهم معاني الانتماء للأمة العربية، يرسّخ في نفوسهم احترام الآخر وقبوله، ويوجههم ليكونوا إيجابيين في مجتمعاتهم واثقين بقدراتهم وإمكانياتهم يعلمون أنهم إن أخفقوا مرة فسينجحون مرات أخرى، مبادرين لكل خير وفضيلة، متسلحين بالطموح والأمل يعلمون أن عليهم ألا يتخلفوا عن ركب الحياة وبنائها الحضاري يعملون ويحبون العمل يبنون ويحبون البناء، يتطورون مع تطور الحياة يواكبون علوم العصر ومعارفه بكل تقنياته ومهاراته، ويسعون للاستزادة مستعدين للإضافة فالحياة تقبل المزيد والجديد وكل ما هو مفيد.

على أن يقدّم هذا الإعلام من خلال أساليب عديدة كعرض الأبطال القدوة من الشخصيات المتميزة التاريخية والمعاصرة، وتقديم المثل العليا كالإخلاص والصدق وحب الآخرين..... في قوالب مجتمعاتنا العربية بأخلاقها وأعرافها، متناولين كل جديد في الموضوعات والأفكار كتنمية مهارات الطفل وقدراته ومواهبه وإبداعاته الفكرية والمهنية كمهارة التعامل مع الآخرين، وتعلم ذوقيات الحياة وغيرها..... بحيث نسبر أغوار طفلنا العربي لنستخرج اللآلئ المكنونة في شخصيته ليكتشفها بنفسها ولتكتشفها أسرته فيه فيبدأ مشوار إبداعه وتفوقه في الحياة.

المؤهلات اللازمة لقيام مثل هذا الإعلام:

إن إعداد كوادر إعلامية متخصصة في إعلام الطفل يأتي في مقدمة عوامل نجاح أو فشل الخطط الإعلامية الموجهــة للأطـفال، لأن الخطط الإعلامية لن تستطيع تحقيق أهدافها، حتى لو توافرت لها الوسائل التقنية المتقدمة، والإمكانات المادية الكبيرة، ولو كان مضمونها قوياًّ، ما لم تكن قائمة على خطط يقوم بها إعـلاميون مؤهلون ومدربون يدركون دورهم الكبير بأنهم سفراء الأمة يحملون أمانة عظيمة ومسؤولية جسيمة.

وهذا الإعلام العربي المنشود لا يقوم إلا بالتنسيق بين الأجهزة الإعلامية وغيرها من المؤسسات الأخرى العاملة في حقل الطفولة لتحديد الأهداف، ورسم الاستراتيجيات، ووضع الخطط الكفيلة بإنتاج برامج مناسبة تحقق الأهداف المرحلية للوصول إلى الأهداف الكبيرة وذلك بجهود كوادر مؤمنة برسالتها، متفهمة لطبيعة عملها، دارسة لفنون الإعلام ونظريات الاتصال، عارفة بأسلوب الحوار وفن النقاش مع الأطفال، يتوافر لها الذكاء والفطنة، والخلفية الثقافية، والموهبة الفطرية،  والملكات الـضرورية مدركة أن البرامج الموجهة للأطفال يجب أن تتناول كل أنواع التربية وأساليبها كالتربية بالحوار والملاحظة والتربية بالقدوة والتربية باللعب والاكتشاف والتربية السمعية والبصرية والعاطفية.....

ورغم أننا دخلنا متأخرين في مجال صناعة الأفلام المتحركة والإنتاج المحلي لبرامج الأطفال إلا أن المستقبل يدعو إلى التفاؤل فقد برزت على الساحة جهوداً مباركة بدأت تثبت أننا قادرون على قيام إعلام عربي هادف موجه للطفل يحمل جرعة طيبة من القيم والأخلاق في إطار الأصالة العربية يكون النافذة الآمنة لعين الطفل، يلتزم منهجاً ثابتاً واضعاً لنفسه خطوطاً حمراء لا يقربها وهي: ( العنف والجنس والسحر) والهدف من هذا الإعلام بناء جيل يجمع كل علوم المعاصرين ومعارفهم وكل أخلاق الأولين وفضائلهم، على نحو يؤهله لقيادة ركب الحياة وبنائها الحضاري.

 

المقال منشور في:

مجلة الأصيل العدد 31 شهر حزيران عام 2006م

 التعليقات: 0

 مرات القراءة: 3675

 تاريخ النشر: 22/03/2009

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 703

: - عدد زوار اليوم

7444471

: - عدد الزوار الكلي
[ 51 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan