::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> مساحة حرة

 

 

رحيق و أزهار .... في مواجهة الشوك والقتاد

بقلم : المحبة لله  

الزَّهْرَةُ العَطِرَة وَ ؟؟؟؟؟

المُحِبَّة لله

                                       بسم الله الرّحمن الرّحيم

والصّلاة والسّلام على رسوله الكريم

 

يُحكى

أنّ حديقةً تُسمّى حديقةَ الوئام، امتلأت بالطّيب والنّقاء، وازدانت بالحسن والبهاء، قد تميّزت عن سائر الحدائق بجمالها وازدهارها، وانتشار العبق من أزهارها. ومن بين تلك الأزهار العطرة؛ زهرة جميلة تسمّى زهرة الفرح، رائحتها تسلب الألباب، وعبيرها يجذب الشّباب والشيّاب. إذا اقتربتَ منها، شعرت بالدّفء والأمان، وإذا تأمّلتَ الجوّ حولها، وجدتَه مليئاً بالهدوء والسّكينة والاطمئنان. ومن أجمل ما تميّزت به تلك الزّهرة؛ احتواؤها على رحيق فريد من نوعه، له طعم طيّب المذاق، وبداخله يكمن الشّفاء والتّرياق، وإنّ التّسابق للارتشاف من رحيقها الرّائع؛ لم يقتصر على نحلات الحديقة، إنّما اتّسع ليشمل نحلاتٍ من شتّى حدائق الدّنيا. لمّا سمعنَ بوجود هذا الرّحيق المفيد، ذي الطّعم الحلو اللّذيذ، ما أهمّهنّ بعد المسافة عن تلك الحديقة، بل سارَعْن وطِرن بشغفٍ وتشَوّق ٍللوصول إلى هذه الزّهرة الفوّاحة، الّتي أضفت على أرجاء الحديقة جمالاً أخّاذاً. وكان من نتيجة تناول النّحلات لرحيق هذه الزّهرة نتاج وفير من العسل، وهو ليس كأيّ نوع من أنواع العسل، بل كان عسلاً ذا فائدة عظيمة لآكليه، وقد شفى بإذن الله نسبة كبيرة من المرضى. وأروع ما في حكاية هذه الزّهرة المعطاءة، المتميّزة بصفائها ونقائها، إضافة إلى جمالها وبهائها، أنّها سُقِيَتْ بـماءٍ طهور، وحازت عنايةً فائقةً على مرِّ السّنينَ والشّهور.

          كانت كلّ نحلة عندما تحطّ على زهرة الفرح تنتعش روحها، وتملأ الحيويّة جوانحَها، وكلّما ارتشفت رشفة من الرّحيق الطّيّب؛ ازدادت قوّة ونضارة، وعمّ النّشاط أنحاء جسمها، فتـُسارِع إلى إنتاج كمّيّات كبيرة من العسل؛ لتسهم مع غيرها من النّحلات في نشر فائدته ونفعه، شاكرة الله على ما حباها من طعام مميّز. وهكذا أخذت النّحلات جيلاً بعد جيل تتناوب على تلك الزّهرة، آخذة ما ينفعها، ونافعة به غيرها, وعاشت النّحلات حياة مليئة بالخير، قائمة على الحبّ والتّعاون والعطاء.

          وفي أحد الأيّام، وبينما كانت النّحلات المتحابّة تستعد للّقاء في كأس الزّهرة الخيّرة؛ ليجلسن معاً جلسةً أخويّة، يتعاهدن فيها على تجديد العمل والنّشاط، لإنتاج كمّيّات أكبر وأحلى من العسل؛ هاجمت جماعة من الدّبابير الشّرسة حديقة الوئام، وقامت بنشر سمومها في أحد جوانب الحديقة. لم يُعرف مصدر هذه الدّبابير، لكنّ آثار السّموم الّتي نشرتها، تدلّ على أنّها تدبّر مكيدة لتلك الحديقة الغنّاء، العامرة بالمحبّة والسّلام بين نحلاتها، هربت الدّبابير بعد نفث سمّها، ثمّ عادت بعد زمن لتقول: إنّها كانت تتغذى على رحيق زهرة الفرح، وإنّ هذا الرّحيق الّذي تناولته كان سبباً في تراجُع النّشاط في جسمها، بل إنّ التّأثير السّيّئ لهذا الرّحيق انعكس سلباً على تصرّفاتها، ممّا دفعها لنشر السّمّ المرعب في الحديقة. تعجّبت النّحلات من هذا الأمر، ولم يصدّقن ما قالته الدّبابير، فهنّ لم يذقن في حياتهنّ من هذه الزّهرة إلاّ الرّحيق النّافع، الباعث على رفع هممهنّ؛ لإيصال العسل إلى حدائق العالم كلّه. فمن أين أتت جماعة الدّبابير بهذا الكلام؟!! وهل يُعقل لزهرة الفرح، بعد أن اشتـُهرت بخيرها العميم، وعطائها الدّائم الوفير، أن تقوم بإنتاج رحيق يحوّل العسل إلى سموم؟؟! لا وألف لا!!! مستحيل أن يحدث ذلك! أدركت النّحلات أنّ تلك الدّبابير تريد شرّاً بتلك الزّهرة الفوّاحة العبقة، وبمن ينتفع بها، إنّها تريد إبعاد نحلات العالم عنها، وعدم الاقتراب منها؛ خوفاً من رحيقها المؤذي، وبذلك يقلّ نشاطها وعطاؤها، ليتوقّف إنتاج العسل المفيد، وينقطع ذلك النّفع العظيم، وبالتّالي تقلّ نسبة الشّفاء، وتزداد نسبة الأمراض. بل إنّ تلك الدّبابير الماكرة تريد تدمير زهرة الفرح، حتّى لا تدع لها أيّ مجال لإنتاج الرّحيق المنعش الصّافي. لم تعبأ النّحلات بما ادّعتْه الدّبابير الحسودة، وتابعن سَيْرَ حياتهنّ يتناولن الرّحيق من زهرتها المفضّلة، وينتجن العسل الشّافي، ليدوم النّفع الكبير، ويستمرّ العطاء الوفير...

 

          كثيراً ما نشهد في حياتنا قصصاً مشابهة لقصّة زهرة الفرح، كأن نجد تاجراًَ أمينا في تجارته، محبوباً من قِبَل النّاس، فتـُدّبَّر له المكائد لتشويه سمعته، وإفقاد النّاس الثّقة به. أو نرى طبيباً ناجحاً في مهنته، مشهوراً بوقاره ودماثته، فيعمل البعض على تصغيره في عيون النّاس، ليصبح مكروهاً من قِبلهم، وذلك كلّه أملاً في تدمير حياته المهنيّة النّاجحة، وقطع سبيل الخير، وخاصّة عن الفقراء الّذين باتت خواطرهم مجبورة بما يقدّم لهم هذا الطّبيب من مساعدات. وربّما نجد مركزاً لتعليم النّاس الخير، وقد عمّ خيره بقاع الأرض، فيأتي من يكيد له، ويحلم بفنائه وإنفاد عطائه.

          والسّؤال الّذي يطرح نفسه: إذا وجدتَ جهة في الأرض، مشهوداً لها بأنّ ينابيع الخير متفجّرة من صميمها، ثمّ جاءت جهة أخرى حاسدة حاقدة، وحاولت النّيل منها، واتّهامها بأشياء ما أنزل الله بها من سلطان، لتجفَّ تلك الينابيع، وتنقطع فائدتها، فما الّذي ينبغي أن يكون عليه موقفنا؟ هل نصدّق تلك الاتّهامات، ونعين الحقّ على الباطل؟ أو أنّنا لا نكترث بما تشيعه الجهة الماكرة؟؟؟ لا شكّ أن واجبنا هو نبذ الباطل، وإعانة الحقّ عليه، والدّفاع عن تلك الجهة الّتي أُريدَ بها كيدٌ وسوء. علينا أن ندافع عنها بكلّ ما أوتينا من قوّة، فنعمل نحن أيضاً على استقاء الماء العذب الزّلال من ينابيعها الصّافية، وتوسيع مجرى هذه الينابيع ما استطعنا، ليعمّ نفعها العالم أجمع. تماماً كما فعلت النّحلات النّشيطات، اللّواتي لم يكترثن بادّعاءات الدّبابير، فعملن على رشف الرّحيق النّافع من زهرة الفرح، وإيصال العسل الشّافي إلى المرضى؛ للقضاء على الأمراض والأوبئة، ونشر الصّحّة والسّلامة في أرجاء الكون.....

 

                         


 التعليقات: 5

 مرات القراءة: 3402

 تاريخ النشر: 12/11/2008

2008-11-18

المُحِبَّة لله

السّلام عليكم* أشكركم على هذه الثّناءات، رغم أنّي لا أستحقّها، لكن جزاكم الله خيراً على هذا التّشجيع، وأسأل الله أن أكون عند حسن ظنّكم. وبدوري أحيل أيّ ثناء يردني ممزوجاً مع شكري وعرفاني لشيخنا الفاضل الأستاذ محمّد خير، الّذي فتح باب التّعاون على مصراعيه في هذا الموقع، من أجل الدّفاع عن الحقّ، وإيصاله بصورته المشرقة إلى النّاس، وأرجو الله أن يحقّق له مأربه السّامي؛ الّذي من أجله افتتح هذا الموقع*

 
2008-11-17

آلاء الخطيب

ماشاء الله يا اختي المحبة لله ، مقالة رااااائعة أبحرنا فيها معك باسلوبك المميز وابداعك المتألق الذي اعتدنا عليه داائما ، بارك الله بك أخية ، بحق كما قال أحد الإخوة تستحقين أن يطلق عليك اسم الأديبة الكبيرة ، زادك الله من فضله ووفقك لكل خير ....

 
2008-11-13

ابن الشام

مقالة رمزية رائعة ، وتستحق الكاتبة أن نطلق عليها الأديبة الكبيرة ما شاء الله .... لغة رمزية ومجازات واستعارات وتشبيهات ... فتح الله عليك وزادك توفيقاً ... ونحن بانتظار المزيد .

 
2008-11-13

شباب الإسلام

بارك الله بك أختي الكريمة ماشاء الله طالما متعتنا بمواضيعك المميزة جزاك الله خيراً ... وشكراً لك .

 
2008-11-13

غفران

نتمت تلك النحلات ونعم من يرعاها 0

 

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

Query Error
MySQL Error : Query Error
Error Number: 145 Table './risalnet_vcount1/vietcounter_usersonline' is marked as crashed and should be repaired
Date: Tue, April 16, 2024 19:55:00
IP: 18.218.184.214
Browser: claudebot
Script: /article1.php?tq=245&re=81&tn=99&br=248&tr=245&rt=245&try=105&ft=105&rf=91&tt=243&rt=245&rf=91&tm=245
Referer:
PHP Version : 5.5.38
OS: Linux
Server: LiteSpeed
Server Name: risalaty.net
Contact Admin: info@risalaty.net