::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> دراسات وأبحاث

 

 

ركائز تاريخية النص عند العلمانيين(2): المكي والمدني.

بقلم : د. أحمد محمد الفاضل  

 

علاقة المكي والمدني بجدلية النص وتاريخيته

  يرى العلمانيون أنَّ تقسيم النص – أي القرآن – إلى مكي ومدني، وانفراد كل منهما بأسلوب وخصائص، يدل دلالة ظاهرة أنَّ النص ثمرة للتفاعل مع الواقع الحي التاريخي، أو ما يسمونه بجدلية النص والواقع.

فالعلمانيون يولون بحث المكي والمدني والفروق بينهما عناية خاصة، لينتهوا إلى فكرة تأثر القرآن بالوسط الذي نزل فيه، وإلى جدلية النص والواقع، ثم إلى تاريخية النص وأحكامه[1].

 

أولاً: تعريف المكي والمدني ومعيار التصنيف وعلاقته بالواقع

  للعلماء في معنى المكي والمدني ثلاثة اصطلاحات:

  الأول: أنَّ المكي ما نزل بمكة ولو بعد الهجرة، والمدني ما نزل بالمدينة.

وهذا التقسيم لُحِظ فيه مكان النزول، لكن يرد عليه أنَّه غير ضابط ولا حاصر؛ لأنَّه لا يشمل ما نزل بغير مكة والمدينة.

  الثاني: أنَّ المكي ما وقع خطاباً لأهل مكة، والمدني ما وقع خطاباً لأهل المدينة. وعليه يُحمل قول مَنْ قال: إنَّ ما صدر في القرآن بلفظ: (يا أيها الناس) فهو مكي، وما صدر فيه بلفظ (يا أيها الذين آمنوا) فهو مدني.

  وهذا التقسيم يرد عليه أيضاً أنَّ في القرآن ما نزل غير مصدَّر بأحدهما، وأنَّ هناك آيات مكية صُدّرت بصيغة: (يا أيها الذين آمنوا) وآيات مدنية صُدّرت بصيغة: (يا أيها الناس) فهو كسابقه غير ضابط ولا حاصر.

  الثالث: أنَّ المكي ما نزل قبل الهجرة، وإن كان نزوله بغير مكة، والمدني ما نزل بعد الهجرة وإن كان نزوله بمكة.

 

  وهو تقسيم صحيح سليم؛ لأنَّه ضابط حاصر ومُطَّرِد بخلاف سابقيه، ولذلك تلقّفه العلماء واشتهر بينهم. [2]

  وهكذا نرى أنَّ العلماء إنَّما اختاروا التعريف الثالث؛ لأنه جامع مانع كما يشترط في الحدود والتعريفات، ولم يكن اختيارهم لهذا التعريف؛ لأنَّه يستند إلى الواقع كما يزعم الدكتور نصر حامد أبو زيد.

 

ثانياً: الفروق بين المكي والمدني عند العلمانيين:

  يدعي العلمانيون أنَّ الفروق بين المكي والمدني – من حيث الأسلوب والمضمون – لها صلة وشيجة وارتباط وثيق بجدلية النص مع الواقع والقول بأنَّ هذا النص قد خضع لظروف مختلفة، وتأثر ببيئات متباينة.

  والفروق التي يدعونها بين المكي والمدني من حيث المضمون والأسلوب.

 

أولاً: الفروق بين المكي والمدني في المضمون:

  1 – مخالفة النص نفسه والتناقض بين الآيات!:

  يزعم الدكتور نصر أبو زيد أنَّ النص (أي القرآن) يخالف نفسه، وتتجلى هذه المخالفة في المكي والمدني والناسخ والمنسوخ، وسر هذه المخالفة العلاقة الجدلية بين النص والواقع.

  يقول: ((إنَّ من أهم خصائص النصوص الأدبية مع ذلك أن يخالف النص نفسه، ولا يكتفي بالمخالفة بين نفسه وبين غيره من النصوص.

  إنَّ اختلاف النص (أي عن غيره من النصوص) ليس هو المميز له أو المحدد لهويته الخاصة، ولكنها طريقة النص في الاختلاف مع ذاته. وهذا الاختلاف لا يمكن الوصول إليه إلا من خلال فعل القراءة. إنها الطريقة التي تصبح بها الطاقة الدلالية للنص غير محدودة... إنَّ الاختلاف بكلمات أخرى، ليس هو ما يميز نصاً من آخر. إنَّه ليس الاختلاف بين كيانين مستقلين ولكنه اختلاف في داخل النص ذاته...

  وفي حالة القرآن... تتجلى الكيفية التي يخالف بها النص نفسه من خلال (المكي والمدني) سواء على مستوى المضمون أم على مستوى اللغة والصياغة، وتتجلى أيضاً من خلال (الناسخ والمنسوخ) في اختلاف الأحكام.

 

  وإذا كانت قضايا (المكي والمدني) و(الناسخ والمنسوخ) تشير إلى مخالفة النص لذاته بتأثير علاقته بالواقع وجدله، فإنَّ للنص آليات أخرى في مخالفة ذاته لا ترتبط ارتباطاً مباشراً بجدله مع الواقع، بل ترتبط أكثر بجدل الواقع معه من خلال فعل القراءة)). [3]

  ويذهب طيب تيزيني مذهباً أشدَّ تطرفاً وجرأة حيث يدّعي أنَّ هناك تناقضاً واختلافاً في الآيات بين المرحلة الواحدة، بلْهَ المرحلتين!!.

 

  يقول: ((... فمن حرية الإرادة في الدور المكي انتهى بعد الهجرة إلى جبرية مطلقة أكثر فأكثر... ولكنَّ المسألة ستبدو على نحو آخر أكثر تعقيداً... حينما نلاحظ أنَّ تطور شخصية محمد لم يأخذ منحى خطياً وذا بعد واحد، بحيث إنه لا يصح النظر إلى المرحلتين المذكورتين على أنهما حقبتان تاريخيتان متعاقبتان تماماً، وعلى أنَّ الواحدة منهما مستقلة عن الأخرى... إذ كيف سيكون الموقف حين نتبين أنه في المرحلة الواحدة توجد آيات متناقضة متعارضة تناقضاً وتعارضاً لا يمكن التشكيك فيهما من قبل مَنْ يمتلك حداً ضرورياً من الفهم اللغوي العربي؟ بل كيف سيكون الموقف حين نواجه في السورة الواحدة بل في الآيتين المتتاليتين نصين متناقضين؟...)). [4]

  ثم يذكر آيات من مرحلة واحدة يرى أنها متناقضة:

  ﴿فََمَن يُرِدِ اْللهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِقاً حَرَجاً [الأنعام/125] .

  وهي تنفي إمكانية الحسم الإنساني الحر، بينما آية : ﴿.. قَدْ جَاءَكُمُ الحقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ اْهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ [يونس/108] وهي مكية أيضاً، تقر بحرية الإنسان في الاختيار.

 

  ولا بد قبل تقويض هذه الشبهات وتفنيدها من الإشارة إلى أنَّها شبهات مهترئة سبقه إليها المستشرقون الذين يرون أنَّ القرآن قد اشتمل على أمور كثيرة متعارضة ومتناقضة في كثير من الأحيان وغير معقولة في أحيان أخرى.

وهذا أمر طبيعي ينسجم ومصدر القرآن البشري في نظرهم المتصف بالضعف والقصور وكثرة الخطأ وما إلى ذلك مما هو من صفات البشر... حتى جوانب العقيدة التي تدور حولها معظم الآيات وتقررها تقريراً واضحاً ادعوا أنها متناقضة وغير متجانسة.

 

  جاء في الموسوعة البريطانية أنَّه: ((إنَّ مصير الإنسان كله بيد خالقه، كما أنَّ إيمانه وكفره يعتمدان على إرادة خالقه فالآية تقول: إنهم لا يؤمنون إلا إذا شاء الله، كما أنه ليس هنالك حرية الإرادة للإنسان.

 

 ولا يلام الرسول على كفرهم؛ لأنَّ الأمر كله سيعود إلى خالقهم الذي قدّر لهم أزلياً إلا أنَّ هنالك بعض الآيات التي تركت للإنسان بعض الحرية أن يستمع لما يقوله النبي وهو بعدها يقوم باختيار طريق الحق أو الضلال، فدور محمد كنذير لهم قد أكد في الآيات)).[5]

  وبعد، فهل هناك تناقض بين تلك الآيات التي ذكرها طيب تيزيني وما ذكرت الموسوعة البريطانية التي أغار عليها طيب تيزيني؟.

لدى التأمل في الآيات التي سردها، نستطيع أن نفهم منها ما يُفهم من غيرها من الآيات التي تنسب إلى الإنسان الكسب وتلزمه بنتائجه.

  وذلك أنَّ الهداية التي تتعلق بها إرادة الله والمعلن عنها في قوله: ﴿فَمَن يُرِدِ اُللهُ أَن يَهْدِيَهُ [الأنعام/125] تأتي على احتمالات عدة أظهرها اثنان، هما:

الاحتمال الأول: أن تكون الهداية بمعنى تحقيق النتائج فعلاً؛ لأنَّ عقيدة أهل السنة والجماعة أنَّ تحقيق النتائج بعد اتجاه إرادة الإنسان، إنّما يتم بقضاء الله وقدره.

الاحتمال الثاني: أن تكون الهداية بمعنى التثبيت والتأييد والتوفيق.

وهذا أيضاً يتفضل الله به – بقضائه وقدره – على عباده الذين تتجه إرادتهم الجازمة الصادقة لطلب الحق والإيمان به وسلوك سبيله.

  وعلى كلٍ من هذين الاحتمالين نستطيع أن نفهم معنى قوله تعالى: ﴿يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ [الأنعام/125] وذلك بأن يشرح الله صدره لإعلان الإسلام وتطبيقه، واتباع أوامره واجتناب نواهيه، بعد أن تتجه إرادة العبد الحرة الجازمة الصادقة إلى الإيمان، فيكون شرح الصدر الذي ينعم به الله بقضائه وقدره توفيقاً إلهياً يساعد الإنسان على تحقيق ما اتجهت إليه إرادته الصادقة الجازمة، فإعلان الإسلام وانشراح الصدر له فرع الإيمان الصادق، وأثر من آثاره في قانون النفس الإنسانية.

  وأمَّا قوله تعالى: ﴿وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي اْلسَّمَاءِ [الأنعام/125]، فنستطيع أن نفهم معناه مقابلاً لمعنى: (فمن يرد أن يهديه يشرح صدره للإسلام) وذلك بأن تكون الضلالة التي تتعلق بها إرادة الله موجهة إلى أحد احتمالين، هما:

  الأول: أن تكون الضلالة المرادة بمعنى تحقيق النتائج فعلاً، كما ذكرنا في جانب الهداية.

  الثاني: أن تكون الضلالة المرادة بمعنى المد والإهمال، وتيسير سبل الضلالة وعدم نصب العقبات فيها.

  وإنما يكون ذلك عقاباً من الله يعاقب به مَنْ تتجه إرادتهم الجازمة إلى إنكار الخالق، والجحود بدينه، والخروج على طاعته، فرفض إعلان الإسلام والدخول فيه فرع عدم الإيمان بالله، وأثر من آثاره في قانون النفس الإنسانية.

  وعلى كلٍ من هذين الاحتمالين يمكن بيُسر فهم قوله تعالى: ﴿يَجْعَلُ صَدْرَهُ ضَيِقاً حَرَجاً﴾ وذلك بأن يجعله ضيقاً حرجاً عن إعلان الإسلام والسعي لتطبيقه واتباع أوامره واجتناب نواهيه وإنما يكون ذلك بعد أن تتجه إرادة العبد الحرة الجازمة إلى الكفر بالله وجحود نعمه والخروج على طاعته.

 

فيكون جعلُ صدره ضيقاً حرجاً نوعاً من العقوبة له على ما سبق منه، وأثر من الآثار الطبيعية للسلوك الإرادي، إذ اتجهت إرادته إلى الكفر وصممت عليه، ولذلك نلحظ أنَّ الله تعالى ختم الآية بقوله: ﴿كَذِلِكَ يَجْعَلُ اْللهُ اْلّرِجْسَ عَلَى اْلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ إشارة إلى أنَّ جعلَ صدروهم ضيقة حرجة نوع من الرجس الذي يعاقب الله به الذين يستكبرون على الإيمان والطاعة. [6]

 

 

2 – الحماسة واللهاث والتدفق في المكي، والتفكير والمحاورة في المدني!:

من الفروق بين المكي والمدني زعمهم أنَّ القسم المكي تفرد بالعنف والشدة وأنَّ فيه سباباً وأنَّ المدني انفرد باللين والصفح، وهو ما عبر عنه طيب تيزيني بالحماسة والتدفق والتفكير والمحاورة..

  يقول: ((إننا نواجه والحال على النحو المطروح نصاً مركباً ومفتوحاً... يستدعي الوجه الواحد منه أوجهه الأخرى، بحيث تتبين شبكة تناص واسعة، على القارئ (المتلقي) أن يتقبلها بكل ما فيها من الحماسة واللهاث والتدفق والتكنية والتورية والعمومية في المرحلة المكية وبكل ما فيها من التفكر والتفكير والتبصر والتبصير والتفقه والتفقيه والمحاورة والتأسيس في المرحلة المدينية..

  ومع هذا تظل إمكانية القارئ المؤمن متاحة – ضمناً أو على نحو خفي مضمر – لتكوين قراءته الخاصة بقدر أو بآخر للنص المقدس. أمَّا ذلك فيحدث عبر جدلية النص الدال الحاضر من جهة، والدلالة أو الدلالات التي عليه هو أن يستنبطها منصَّصة، أي بصيغة (النص – القراءة) الذي يصوغه هو من جهة أخرى)). [7]

 

 

  وهذه الفرية باطلة أيضاً كالتي سبقت، وهي من فتات المستشرقين الذين قالوا: ((وفي نهاية الفترة التي قضاها الرسول في مكة بدأ يظهر التغير في أسلوب القرآن، إذ بدأت الآيات تطول، ولغتها العنيفة تتحول إلى أسلوب نثري لطيف...)). [8]

  فأمَّا قولهم: إنَّ القسم المكي قد تفرد بالعنف والشدة، فينقضه أنَّ في القسم المدني شدةً وعنفاً، فدعوى تفرد القسم المكي بذلك باطلة. قال تعالى: ﴿فَإِن لمَّ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاْتَّقُواْ اْلنَّارَ اْلَّتيِ وَقُودُهَا اْلنَّاسُ وَاْلْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾ [البقرة/24] وسورة البقرة مدنية. 

  ثم إن دعواهم انفراد المكي بالعنف والشدة، يفهم منه دعوى انفراد المدني باللين والصفح، ودعوى خلو المكي من ذلك اللين والصفح، وهذا المفهوم باطل كمنطوقه أيضاً.

  ودليل ذلك أنَّ بين السور المكية آيات كريمة تفيض ليناً وصفحاً، وتقطر سماحة وعفواً ، بل تنادي أن تُقابَلَ السيئةُ بالحسنة، كما في قوله تعالى في سورة فصلت المكية: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّن دَعَا إِلَى اْللهِ وَعَمِلَ صَالحِاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ اْلْمُسْلِمِينَ¯وَلاَ تَسْتَوِي اْلْحَسَنَةُّ وَلاَ اْلسَّيِّئَةُ اْدْفَعْ بِاْلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذّا اْلَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌ حَمِيمٌ¯وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا اْلَّذِينَ صَبرُواْ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ [الآية/33-35].

  على أننا نلحظ في آفاق الآيات والسور المكية ظاهرة باهرة، تسكت كل معاند وتفحم كل مكابر في هذا الموضوع، وهي أن القسم المكي خلا خلواً تاماً من تشريع القتال والجهاد والمخاشنة، كما خلت أيامه في مكة على طولها من مقاتلة القوم بمثل ما يأتون من التنكيل والإيذاء، فلم يسمع فيها صلصلة لسيف ولا قعقعة لسلاح، ولا زحف على عدو، إنما هو الصبر والعفو والمجاملة والمحاسنة... وما أذن لهم في القتال إلا بعد الهجرة وترك الأوطان.

  والخلاصة أنَّ القرآن كله قام على رعاية حال المخاطبين، فتارة يشتد وتارة يلين، تبعاً لما يقتضيه حالهم، سواء منهم مكيُّهم ومدنيهم، بدليل أنك تجد بين ثنايا السور المكية والمدنية، ما هو وعد ووعيد، وتسامح وتشديد...

  وإذا لُحظ أنَّ أهل مكة كثر خطابهم بالشدة والعنف، فذلك لما مَرَدوا عليه من أذى الرسول وأصحابه والكيد لهم حتى أخرجوهم من أوطانهم، ولم يكتفوا بذلك بل أرسلوا إليهم الأذى في مهاجرهم. [9]

 

ثانياً: الفروق بين المكي والمدني في الأسلوب:

  1 – قصر الآيات في المرحلة المكية وطولها في المدنية:

  لقصر الآيات وطولها بين المرحلتين اتصال وثيق بجدلية النص مع الواقع كما يقول العلمانيون؛ لأنَّ ذلك – بزعمهم – يدل على أنَّ هذا النص، كان خاضعاً للبيئات المختلفة.

  هذا المعيار – معيار الطول والقصر – يمكن تدعيمه كما يقول نصر حامد أبو زيد على أساسين وتفسيره بهما أيضاً: ((الأساس الأول: هو ما سبق أن أشرنا إليه من انتقال الدعوة من مرحلة (الإنذار) إلى مرحلة (الرسالة). الإنذار يعتمد على التأثير الذي يعتمد بدوره على لغة ذات أسلوب مركز ومُوقع، وهو أسلوب طاغ في قصار السور بصفة عامة، وكلها سور مكية. ولكن (الرسالة) من جهة أخرى تخاطب المتلقي وتنقل إليه محتوى أوسع من مجرد التأثير، وهي من ثم تحتاج لغة مختلفة على مستوى التركيب والبناء. في الرسالة يغلب جانب نقل (المعلومات) على جانب التأثير وإن كان لا يلغيه إلغاء تاماً، وفي (الإنذار) تكون الأولوية للتأثير ويقل جانب نقل (المعلومات) أو يصبح (ثانوياً).

  والأساس الثاني: هو مراعاة حال المتلقي الأول من حيث تعوده على حالة الوحي...

وإذا أخذنا هذين المعيارين الأسلوبيين (الطول والقصر ومراعاة الفاصلة) في اعتبارنا جنباً إلى جنب مع معيار المضمون ومعيار ارتباط حركة النص بالواقع – فيما عرف بأسباب النزول – أمكننا أن نحل كثيراً من خلافات القدماء حول المكي والمدني...

 

ولو تخلى القدماء هوناً ما عن هذا الحرص الشديد على المفارقة بين النص والنصوص الأخرى، لأمكنهم أن يفسروا (الحروف المقطعة) التي في أوائل السور – التي اعتبروها إحدى علامات السور المكية – تفسيراً يتباعد بها عن إشكالية المحكم والمتشابه، ويربطها بالسياق الثقافي للنص. لكن ذلك ، كان مستحيلاً على أي حال في إطار مفاهيم الثقافة أولاً، ومع سيطرة الاتجاهات الغيبية التبريرية على تطور حركة الفكر الديني في تراثنا ثانياً)).[10]

 والذي يستوقف الناظر في كلام نصر أبو زيد أُمور لا بد من مناقشتها وبيان الوجه الصحيح فيها:

1 - قصر الآيات والسور وطولها:

إنَّ طول الكلام وقصره تابع لمقتضى الحال الذي هو عماد البلاغة، وليس تابعاً للبيئة والوسط المحيط كما يدعون.

  إنَّ هذا القول قول مَنْ لم يُمعن النظر في القرآن ولم يعن بدراسته، ومن يرسل القول على عواهنه ولم يأخذ من العربية وأسرارها بحظ وافر...

  أمَّا مَنْ قرأ القرآن قراءة باحث مستبصر غير ذي هوى ورُزق التبحر في اللغة والوقوف على أسرار البلاغة، فإنَّه يصل – لا محالة – إلى علم اليقين في هذا، وإنَّ القرآن كعِقد منظم تناسقت حباته، وتآلفت لآلئه..

  والقرآن كله – مكيّه ومدنيّه – معانيه متآلفة وأفكاره منسجمة وآياته متآخية آخذ بعضها بحجز بعض، لا تنقطع آية عن سابقتها ولاحقتها، ولا ينفر معنى من آخر...

2 - انتقال الدعوة من مرحلة الإنذار إلى مرحلة الرسالة:

  ومرادهم من هذا أن القسم المكي خلا من التشريع والأحكام، لكننا نجد أن القسم المدني مشحون بتفاصيل التشريع وأحكامه.

  والحقيقة أنَّ القسم المكي لم يخل جملة من التشريع والأحكام، بل عرض لها وجاء عليها، ولكن بطريقة إجمالية، فذكر مقاصد الدين الخمسة: حفظ الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال، كما في سورة الأنعام المكية: ﴿قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلا تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَ بِاْلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلا تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُم مِّنْ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُواْ اْلْفَواحِشَ مَا ظَهَر مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُواْ اْلنَّفْسَ اْلَّتِي حَرَّمَ اْللهُ إِلا بِاْلْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ¯وَلا تَقْرَبُواْ مَالَ اْلْيَتِيمِ إِلا بِاْلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ اْلْكَيْلَ وَاْلْمِيزَانَ بِاْلْقِسطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا وَإِذّا قُلْتُمْ فَاْعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اْللهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ¯وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاْتَبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُواْ اْلْسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الآية/151-153]. جمعت هذه الآيات الثلاث الوصايا العشر لهذه المقاصد الخمسة.

  ثم إنَّ كثرة التفاصيل في تشريع الأحكام بالمدينة، ليس نتيجة لما زعموه، إنَّما هو أمر لا بد منه في سياسة الأمم وتربية الشعوب وهداية الخلق، ذلك أنَّ الطفرة حليفة الخيبة والتدرج حليف التوفيق والنجاح، وتقديم الأهم على المهم واجب في نظر الحكمة.

  لهذا بدأ الله عباده في مكة بما هو أهم: بدأهم بإصلاح القلوب وتطهيرها من الشرك والوثنية وتقويمها بعقائد الإيمان الصحيح والتوحيد الواضح، حتى إذا استقاموا على المبدأ القويم، وشعروا بمسؤولية البعث والجزاء، وتقررت فيهم هذه العقائد الراشدة، فطمهم عن أقبح العادات وأرذل الأخلاق وقادهم إلى أصول الآداب وفضائل العادات، ثم كلفهم ما لا بد منه من أمهات العبادات وهذا ما كان في مكة.

  ولما مَرنوا على ذلك وتهيأت نفوسهم للترقي والكمال بتطاول الأيام والسنين وكانوا وقتئذ قد هاجروا إلى المدينة، جاءهم بتفاصيل التشريع والأحكام، وأتم عليهم نعمته ببيان دقائق الدين وقوانين الإسلام.. [11]

  3 – طعنه في القدماء أنهم فارقوا بين القرآن والنصوص الأخرى:

أما طعنه في القدماء (ومراده السلف) لأنهم بالغوا أشد المبالغة وحرصوا أعظم الحرص على تأكيد المفارقة بين النص والنصوص الأخرى، فهو طعن في غير مطعن؛ لأنَّ القدماء نهجوا في ذلك نهج القرآن نفسه الذي يقرر في غير آية أنَّ بينه وبين النصوص الأخرى في عصره بوناً شاسعاً، وأنَّ هذا الفرق البعيد من أظهر الأدلة على كونه كلام الله عز وجل..

  فهل يريد نصر أبو زيد من القدماء أن يعارضوا كلام الله وأن يقولوا بالمشابهة والمماثلة للنصوص الأخرى، ليرضى عنهم؟!.

  لقد ادعى المشركون في عصر نزول القرآن، أنَّه سحر مرة، وشعر تارة، وأساطير الأولين ثالثة وغير ذلك من الافتراءات والأباطيل، وألصقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم التهم الكاذبة، فقالوا: شاعر، وكاهن، وساحر... وكان الاتهام بالسحر آخر ما اجتمعت عليه كلمتهم.

  فهذا الإفك المبين من المشركين، إن هو إلا أنَّ هذا الكلام (أي القرآن) يشبه النصوص الأخرى من سحر وشعر وكهانة... فهل هذا ما يبغيه نصر أبو زيد؟!...

 4 – اتهامهم بعدم تفسير الحروف المقطعة:

أما زعمه بأنَّ إصرار القدماء على المفارقة بين النص والنصوص الأخرى، حال بينهم وبين تفسير الحروف المقطعة التي هي من علامات السور المكية، ولو أنهم لم يفرقوا بين النص والنصوص الأخرى لأمكنهم أن يبعدوها عن ما سماه إشكالية المحكم والمتشابه فزعم باطل؛ لأن كثيراً من القدماء فسَّر هذه الحروف، ودونك تفسير الطبري [12]  - وهو من أقدم التفاسير –  فقد ذكر في معنى هذه الحروف نحواً من  عشرة أقوال والرأي بأنها من المتشابه واحد من هذه الأقوال!

 

ولعل أرجح الآراء ما ذهب إليه كثير من المحققين من أن هذه الحروف مسرودة على طريقة التعديد – أي النطق بلفظها فقط – تنبيهاً على إعجاز القرآن، وكأنه يقول: إنَّ القرآن منتظم من عين الحروف التي يتألف منها كلام العرب، فلولا أنه نازل من عند خلاّق القوي والقُدر، لما تضاءلت عن الإتيان بمثله قدرتهم، ولا عجزت عن كلام يساويه طاقاتهم، وأنتم فرسان البيان وأرباب الفصاحة والبلاغة. [13]

 

  2- كثرة الفواصل في المرحلة المكية :

  من خصائص الأسلوب التي تميز المرحلة المكية كثرة الفواصل فيه، والسر في ذلك بزعم العلمانيين العلاقة الجدلية بين النص والواقع، وهذا يؤكد تماثله مع النصوص الأخرى!!.

  يقول نصر أبو زيد: ((أمَّا الخصيصة الثانية من الخصائص الأسلوبية التي يمكن أن تكون فارقة بين المكي والمدني، فهي خصيصة (مراعاة الفاصلة). ورغم أنَّ هذه الخصيصة يمكن أن تعد جزءاً من الطبيعة اللغوية لِلغة التأثيرية – لغة الإنذار – فإنها يمكن أن تُفسَّر أيضاً في ضوء تشابه آليات النص مع آليات النصوص الأخرى في الثقافة، ورغم تنبه القدماء لأهمية الفاصلة في القرآن بشكل عام فإنهم تحاشوا أي مقارنة بينها وبين (السجع) الذي كان ظاهرة مألوفة في النصوص الأخرى.

  كانت نبوءات الكهان والعَّرافين تعتمد على السجع، وكان السجع من ثم دلالة في الضمير الثقافي على أنَّ هذا الكلام ليس من كلام البشر الناطق به. ها هو سُطيح يفسر رؤيا ربيعة بن مضر على النحو التالي: رأيت حُمَمَة، خرجت من ظُلمة، فوقعت بأرض تَهَمة، فأكلت منها كل ذات جمجُمة. [14]

  ونفس الرؤيا يفسرها شق بن أنمار بقوله:

 

 رأيت حُممة، خرجت من ظلمة، فوقعت بين روضة وأكمة ، فأكلت منها كلُّ ذات نسمة)). [15]

هذه المقارنة بين الفاصلة القرآنية وسجع الكهان والمنجمين وكلامهم التي يصرح بها الدكتور نصر أبو زيد، نجدها في الموسوعة البريطانية الاستشراقية حيث جاء فيها: ((إنَّ جمل القرآن تسمى آيات، جمع آية، وهذه تختلف في طولها. إنَّ أقصر الآيات نزلت في السور الأولى حيث إنَّ أسلوب الوحي المحمدي جاء نثراً مقفى أو ما يسميه العرب بالسجع، وقد استعمل هذا الأسلوب سابقاً من قبل الكهنة والمنجمين، فالسور الأولى تتصف آياتها بالقصر وبقوتها الشعرية وبتعبيرها الحيوي، أما السور الأخيرة فجاءت آياتها طويلة مفصلة ومعقدة نثرية في مظهرها ولغتها...)). [16]

  وهكذا نجد أنَّ كلام نصر أبو زيد متلقف في أصوله من المستشرقين، وهو طافح بالمزاعم الباطلة كأصله الذي أخذ منه، ولا بد من مناقشة بعض الأفكار التي ذكرها. من ذلك: 

- اتهامه القدماء – كعادته – بأنهم تحاشوا أي مقارنة بين الفاصلة القرآنية والسجع. وهو اتهام غير صحيح؛ لأنَّ القدماء اختلفوا في إطلاق لفظ السجع على آخر كلمة من الآية، فمنعه بعضهم كالباقلاني، وأجازه كثيرون، ولعل المجيزين أكثر من المانعين. [17]

- زعمه بأنَّ العرب الذين نزل فيهم القرآن، لم يفرقوا بينه وبين النصوص الأخرى المعاصرة له كالشعر وكلام الكهان؛ لذلك جذبوه إليها!!.

  وهذا الزعم في غاية البطلان والفساد؛ لأنَّ العرب – وخاصة كبارهم وفصحاءهم – قد فرقوا بين القرآن – الذي يسميه النص – وبين غيره من النصوص وإلا فما معنى قول عتبة بن الوليد – وقد أسمعه رسول الله r شيئاً من سورة فصلت، وسأله قومه بعد رجوعه: ما وراءك يا أبا الوليد ؟ فقال: ورائي أني قد سمعت قولاً والله ما سمعت مثله قط، والله ما هو بالشعر ولا بالسحر، ولا بالكهانة... [18]

  أليس المشركون أكثر إنصافاً، وأصدق قولاً، وأعدل حكماً من نصر أبو زيد؟.

  ومما يؤكد أنَّ المشركين كانوا يفرقون بين القرآن وغيره أنَّ كثيراً منهم كان حريصاً على سماع القرآن خفية، وهذا ما حدا بالآخرين منهم الحريصين كحرص نصر أبو زيد على طمس الحق وقتل الحقيقة أن يحدثوا لغطاً وجلبة عند قراءة القرآن، وقد أخبر الله تعالى عنهم بقوله: ﴿وَقَالَ اْلَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا اْلْقُرءَانِ وَاْلْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ [فصلت/26].

  فالذين كفروا هنا هم أئمة الكفر يقولون لعامتهم: لا تسمعوا لهذا القرآن، فإنهم علموا أنَّ القرآن كلام هو أكمل الكلام شريف معان، وبلاغة تراكيب، وفصاحة ألفاظ وأيقنوا أنَّ كل مَنْ يسمعه وتُداخل نفسَه جزالةُ ألفاظه، وسُمُوُّ أغراضه قضى له فهمُه أنَّه حق اتباعُه، وقد أدركوا ذلك بأنفسهم ولكنهم غالبتهم محبة الدوام على سيادة قومهم فتمالؤوا ودبروا تدبيراً لمنع الناس من استماعه، وذلك خشية من أن ترقَّ قلوبهم عند سماع القرآن فصرفوهم عن سماعه.... [19]

ــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

(1) انظر: إتقان البرهان، للدكتور فضل عباس (1/417).

(2) انظر: مناهل العرفان، للعلامة الزرقاني (1/195-197).

(3) مفهوم النص (177-178).

(4) النص القرآني (249-250)، ويزيد طيب تيزيني على جدلية النص والواقع ما سمّاه جدلية الشيطاني والإلهي ويستدل لذلك بقصة الغرانيق المفتراة، وهو في ذلك يحذو حذو المستشرق يوسف شاخت ويسطو على كلامه. انظر: النص القرآني (289-290) والمستشرقون ومصادر التشريع الإسلامي، للدكتور عجيل جاسم النشمي (33-37).

(5) قضايا قرآنية في الموسوعة البريطانية، للدكتور فضل عباس (146). وادعاء التناقض بين الآيات فرية مغرقة في القدم وخاصة الآيات التي ذكرها طيب تيزيني، فقد خصص الإمام أبو بكر الباقلاني فصلاً كاملاً للرد على مَنْ سمّاهم الملحدين من كتابه العظيم : الانتصار للقرآن (2/628) وما بعدها.

(6) انظر: العقيدة الإسلامية، للشيخ عبد الرحمن حبنكة الميداني (677-678).

(7) النص القرآني (61-62).

(8) قضايا قرآنية في الموسوعة البريطانية (136). ويقسم طيب تيزيني القرآن كله إلى مراحل، والمرحلة المكية وحدها إلى مراحل أيضاً ويدّعي أنها ذات أهمية حاسمة في تحديد المصائر التاريخية للنص القرآني. النص القرآني (289-290). وهو تقسيم استشراقي، قال به بلاشير في كتابه: القرآن، نزوله ... (45-58).

وانظر: إتقان البرهان (1/418-421).

(9) انظر: مناهل العرفان (1/209-215)، وعلوم القرآن الكريم، لأستاذنا الدكتور نور الدين عتر (68-71)، وقضايا قرآنية في الموسوعة البريطانية (136-137)، وإتقان البرهان (1/408).

(10) مفهوم النص (79-81).

(11) انظر: مناهل العرفان (1/219-220).

(12) جامع البيان عن تأويل القرآن (1/205-224) والانتصار للقرآن (2/782). وانظر: الشبهات التي أثارها بعضهم بشأن هذه الحروف: شبهات حول الإسلام، للدكتور محمد عمارة (27-33).

(13) انظر: علوم القرآن الكريم، لأستاذنا الدكتور نور الدين عتر (156) وقد ذكر لهذا الرأي مؤيدات.

(14) سيرة ابن هشام (35-36).

(15) مفهوم النص (80).

(16) قضايا قرآنية في الموسوعة البريطانية (42).

(17) انظر: إعجاز القرآن، للإمام الباقلاني (270-271)، والبديع في ضوء أساليب القرآن، للدكتور عبد الفتاح لاشين (140-145)، والمعجزة الكبرى، للشيخ أبو زهرة (216-217).

(18) انظر: سيرة ابن هشام (264).

(19) انظر: تفسير التحرير والتنوير، للعلاّمة محمد الطاهر بن عاشور (24/276-277).

 

 

 

 التعليقات: 1

 مرات القراءة: 4936

 تاريخ النشر: 19/10/2009

2012-12-24

brahim

رعاكم الله على ما تقدمون

 

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 2064

: - عدد زوار اليوم

7406719

: - عدد الزوار الكلي
[ 57 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan