::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> مساحة حرة

 

 

رِسَالَتِيْ الثَّانِيَةُ لِكُلِّ مَنْ كَانَ خَائِفاً عَلَى غَــزَّة ...

بقلم : المُحِبَّة لله (دعاء الأصفياء)  

*الخطوة الأولى والأهمّ على سبيل تحقيق النّصر*

بسم الله الرّحمن الرّحيم

والصّلاة والسّلام على رسوله الكريم

اثنان

 وعشرون يوماً، أرادوا خلالها إبادة شعب صمد أمام الحصار. اثنان وعشرون يوماً، أرادوا بها إخماد نارٍ اشتعلت في قلوبهم؛ نتيجة غلٍّ وحقد ملأها، وكاد يودي بأدمغتهم إلى الانفجار. اثنان وعشرون يوماً، بذلوا أثناءها أقصى ما في وسعهم؛ سعياً وراء هدفٍ لطالما ابتغوا الوصول إليه، وهو إفناء الإسلام من هذا الوجود، وإطفاء شموع تضيء الكون بالأنوار، وتفتح البصائر والأبصار. اثنان وعشرون يوماً، ظنّوا بكلّ حماقة أن تكون أقلّ من اثنتين وعشرين ساعة، ليُبيدوا شعباً آمناً، لكنّ نفوسَهم المليئة بالأكدار، وقلوبهم الّتي صدّت عن السّبيل القويم، وأبت إلا أن يكون دأبها الإنكار، جعلتهم يفرحون بغيِّهم، فما دروا أنّهم لو ملكوا الأرض بأكملها، فثمّة من هو لهم بالمرصاد، ألا وهو العزيز القهار؛ الذي اكتفى بحرفين ( الكاف والنون )، وبهما هو قادر على إفنائهم من هذا الكون، ومحو جميع ما خلّفوا وراءهم من آثار.

تهنئة بالنصر: وبعد حمد الله وشكره، والثّناء على جلاله إذ رأينا الخير العظيم بعد معركة الفرقان، والّذي ربّما ظنه بعضنا شرّاً، أحمد الله أولاً، والذي لولا رحمته وعظمته، لكنّا وإيّاهم على أسوء حال، ثم أوجّه تهنئةً مملوءةً بالمسك، معطّرة بأريج النّصر والثّبات. تهنئتي أوجّهها لغزّة، غزّةَ الصّمود والإباء، غزّة الإخلاص والوفاء، غزة الإيمان، غزة القرب من الرّحمن. أوجّهها لأبناء غزّة، لرجال غزّة، لشباب غزّة، لنساء غزّة، لأطفال غزّة، ولكلّ ذرّة ترابٍ تشرّفت بأن تكون جزءاً من أرض غزّة. أهنّئهم لا بالنصر فحسب، بل لأنّ كلاً منهم استطاع بإيمانه وعزيمته أن يُحدِث تغييراتٍ كبيرةً في حياتنا، أوجّهها لثـلّةٍ جاهدت ورابطت، أعدّت العُدّة وتأهّبت، لمجاهدي غزّة الأبطال، الّذين نذروا أرواحهم فداءً لربِّ غزّة، وجعلوها ثمناً غالياً لعِزّةِ غزّة. أوجهها لقادةٍ عظماء، بذلوا الجهد والعرق والتّعب الّذي لا يمكن أن يشعر بمداه سواهم، وعلى رأسهم أبطال حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، الّذين رفعوا هاماتنا عالية، وأثبتوا لكلّ إنسان على وجه الأرض كم هي عظَمة الإسلام، فبارك الله بجهودهم، وحماهم من كلّ غدر وسوء، ولن أنسى أبداً أن أهنّئكم أنتم، يا من أمضيتم تلك الأيّام متألّمين لألم إخوانكم، متوجّعين لأوجاعهم، داعين الله بالنّصر لهم. تهنئتي لكلّ من كان مع غزّة خلال تلك الأيّام، بقلبه، بروحه، بلسانه، وبكلّ جوارحه، لكل من ذرفت عينُه دمعةً من أجل غزّة، ولكلّ من قال كلمة حقٍّ خالصة من قلبه؛ دفاعاً عن غزّة، وأسأل الله أن يجزيكم خير الجزاء، ويأجركم خير الأجر على تضامنكم وإخلاصكم.

نقطة الانطلاق: إخوتي وأخواتي: أتذكرون بداية الحرب على غزّة؟ أتذكرون كيف كانت تلك الحرب سبباً لنهوض هممنا؟ اجتمعنا على اللّجوء إلى الله، والدّعاء بالفرج والنّصر العاجل، واقتربنا أكثر من خالقنا. أتذكرون ذلك الّذي أبى الحذاء أن يتركه ليرحل قبل أن يودّعه؟ أغلبُ الظّنّ أنّ هذه الحادثة هي السّبب المباشر لشنّ الهجوم العنيف على إخواننا المحاصرين. لقد أراد ذلك السّفيه أن يشغل البشر عن هذا الحدث، ليكفّوا عن السّخرية منه، وفعلاً نجح في ذلك، فبعد شنّ الهجوم نسي العالم كلّه قصّة الحذاء، ولكن لم يدرك ذلك الغبيّ خطورة ما يفعل، لم يدرك أنّ الله تعالى استعمله رغماً عنه ليكون سبباً في صحوة المسلمين، وإيقاظ ضمائرهم، لقد رأيتم بعد حادثة الحذاء كم من الطُّرف شاعت، وكم من القصائد نُظِمت، وكم من الألعاب صُمِّمتْ، حتّى غدا هذا الحديث على لسان كلّ مخلوق تقريباً، ونسي العالم الـْتفاف حبلٍ خانق ٍ على عنق غزّة، ولكن مع بداية هذه الحرب، عاد جلّ المسلمين، بعد هذا الهجوم انطلق صيحات العلماء؛ أملاً في إيقاظ هذه الأمّة، وبدؤوا مخطّطاً جديداً جدّيّاً من أجل إرشادها إلى السّبيل الّتي ستوصلها بإذن الله إلى النّصر، ومن تلك التّوجيهات الّتي صدرت عنهم، والنّصائح الكثيرة والمشروعات الّتي صدرت عن غيرهم: " قاطِع أمريكا وبضائع أمريكا، قاطع الصّهاينة وبضائعهم، أكثر من الصّلاة والاستغفار والتّوجّه إلى الله بالدّعاء، أقلِع عن الذنوب والمعاصي، جاهد بمالك لإخواننا في غزّة، ربِّ أبناءك تربية إيمانيّة، واحرص على التّربية البدنيّة(أعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة)، ثق بالله وبنصره......." ولكن إخوتي أريد أن أسألكم سؤالاً: هل الهمّة والعزيمة اليوم ما زالت كما هي آنذاك؟ هل سنستمرّ في دعمهم بكلّ ما نملك من جهد كي نحقّق النّصر؟ لا بدّ من أساس ٍ ثابت يدفعنا دوماً إلى الأمام. ما رأيكم بطلب العلم الشّرعيّ؟ ألا ترونه ضروريّاً وواجباً؟ بل ما رأيكم بأنّه ضروريّ وواجب، بل هو فرض علينا؟! باعتقادي لا يمكننا تطبيق خطوات النّصر، أو الاستمرار في تطبيقها، دون أن نعرف الله حقّ المعرفة، لن نطبّقها ما لم نتعرّف إلى المنهج الّذي ينبغي السّير عليه، وما لم نعرف ما لنا وما علينا. عندما نطلب العلم الشّرعيّ، يمكننا القيام بواجبنا على أكمل وجه، وكما يريد الله. بعد طلب العلم، سندرك وحدنا - بعون الله -  الأمور الّتي يجب علينا فعلها لمساعدة غزّة، سنقاطع بضائع الاستعمار، وستبقى ألسنتنا لاهجة بالدّعاء والاستغفار. بعد طلب العلم، سنتقن الأصول الصّحيحة، والخطوات النّاجحة لتربية أبنائنا. كيف ستربّي ابنك ما لم تتعلّم أسس تربيته؟! كيف ستغرس في نفسه حبَّ الجهاد ما لم تعرف المعنى الحقيقيّ للجهاد، وما لم يكن حبُّ الجهاد مغروساً في نفسك أوّلاً؟! كيف سنُعِدّ العدّة ما لم نتعلّم طريقة إعدادها؟! كيف وكيف وكيف...؟؟ ربّما ظننّا بعد وقف إطلاق النّار أنّ الأزمة قد انتهت، وأطفال غزّة الآن سعداء، نعم، لقد توقّف القصف نوعاً ما - مع محاولات لإعادة الكَرّة مرّة أخرى - لكنّ الحصار ما زال قائماً. هل تعلمون أنّ تلك الحرب أهون بكثير من الحصار؟! ربّما يقول بعضنا: نحن لا ندري ما الأصعب، فربّما الحرب كانت أصعب، والآن توقّفت، والحمد لله، زالت المصيبة. نعم ربّما نظنّ هذا؛ لأنّنا لم نذق طعم الحصار، لكنْ لنسمعْ رأيَ الأطباء الّذين دخلوا غزّة، وشاهدوا حالها بأمّ أعينهم، وعاشوا بعض ما يعيش أهلها، لقد قالوا: إنّ القنابل الفوسفوريّة، ومُفاعل الدّيمونا لا يساويان شيئاً أمام الحصار. ثمّ هل سألنا أنفسنا عن سبب إغلاق أبواب الجهاد بالنّفس في وجوهنا؟ ربّما نكون نحن السّبب في ذلك! كيف سيسمح الله لنا بالجهاد ما لم نكن أهلاً للجهاد؟! كيف سيسمح الله لنا بالجهاد ما لم يكن إيماننا عميقاً راسخاً، وعقيدتنا قويّة متينة؟! كيف سيسمح لنا بالجهاد ما لم نتعلّم كتابه، وسنّة نبيِّه صلّى الله عليه وسلّم؟! بل كيف سيسمح لنا بالجهاد ما لم ننصر نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم؟! لا بدّ أن ننصره أوّلاً كي ننصر إخواننا ثانياً، ولن ننصره ما لم نتعلّم سيرته وسنّته، كيف سندافع عن قرآننا الّذي يتعرّض للتّشويه والتّدنيس - وحاشاه من أيّ تدنيس - ما لم نتعلّم قرآننا ونطبّقه؟! كيف سنفكّ الحصار عن غزّة ما لم نتحرّر أوّلاً من حصار ذنوبنا ومعاصيناً؟! أيكون ذلك بغير العلم؟ هل تساءلنا يوماً عن سبب سماح الله عزّ وجلّ لأهل غزّة بالجهاد والاستشهاد؟! إنّ ذلك لم يكن لولا أنّهم أعدّوا العدّة؛ إيماناً أوّلاً، وسلاحاً ثانياً،لن ننال النّصر إلا بعد أن نطلب العلم، ونتسلّح بالإيمان. لا يُعقلُ أن يكون النّصر بكلمات نردّدها، أو شتائم نداوم عليها، موجِّهين إيّاها لم يظلم غزّة، لن يكون النّصر إلا بالعمل، ولن يكون العمل إلا بعد طلب العلم. إخوتي: لا نريد تأجيل النّصر أكثر من ذلك، ربّما نكون نحن السّبب في إعاقة النّصر. إن كنتم تريدون إرضاء الله تعالى فاطلبوا العلم، إن كنتم تريدون نصر غزّة فاطلبوا العلم، إذا أردتم إعادة البسمة لشفاه أطفال غزّة فاطلبوا العلم. صدّقوني هذا ليس كلامي! إنّه كلام العلماء، وليس رأياً أطرحه. ربّما نعتقد أنّ الجلوس لسماع درسٍ كلّ حين، وقراءة صفحات من كتاب، هي وحدها الّتي ستقوّي إيماننا. لا بدّ من ارتياد المساجد والمعاهد الشّرعيّة لنتعلّم أمور ديننا، هناك من يقرأ كلامي الآن، وهو من طلاب العلم، وبالتّأكيد سيؤيّدني فيما أقول. هناك من يريد طلب العلم، لكنّه لا يستطيع لسبب أو لآخر، هذا الإنسان ما عليه إلا أن يدعو الله، وسيجيبه بإذنه تعالى. هناك من لا زال يدرس، فما عليه إلا التزام المساجد مع الدّراسة، ومتابعة طلب العلم بعد إنهائها، وهناك آخرون يقولون: لا أملك وقتاً لذلك، وسأحاول إن سمح لي وقتي، ولا أظنّه سيسمح! فأنا مشغولٌ جدّاً. وما الّذي يشغلك عن الأمر الّذي من أجله خُلِقت؟! بل إلى متّى ستظلّ مشغولاً، ويبقى عملك حائلاً دون طلبك للعلم، ولِما يصلح عملك وشأنك كلّه؟! أقول لكلّ من يقول إنّه مشغول: هذه والله ليست حجّة، العلم أوّلاً، وشغلك في الدّرجة الثّانية، وسترى بعد أن تطلب العلم ما سيفتح الله لك من خزائن، ربّما لم تكن حصّلت جزءاً منها قبل طلب العلم. وكما يُقال: "هم في مساجدهم، والله في حوائجهم". ألا تريد المساهمة في تحرير فلسطين وغزّة؟! كيف تريد ذلك، وأنت قاعدٌ لا تتحرّك؟! أنا الآن أوجّه الكلام لنفسي أوّلاً، ومن ثَمّ لكلّ من لم يطلب العلم بعد؛ صغيراً وكبيراً، شابّاً ومُسِنّاً، في أيّ عمرٍ كان، وفي أيّ موقع كان. علينا بالعلم - طبعاً بعد أن نتحرّى صحّة ما سنتعلّم وعمّن سنأخذ العلم -. ألا توافقونني بذلك؟! لا بدّ أن نعود إلى الله، حتّى يستخلفنا في الأرض، ويمكّن لنا ديننا الّذي ارتضاه لنا، ويبدّلنا من بعد خوفنا أمنا. لن يكون ذلك إلا بالطّلب الصّادق للعلم. إخوتي: أنا قلت ما أريد أن أقوله، وأرجو الله أن يعينني على التّطبيق، وأمّا أنتم، فالقرار لكم أوّلاً وأخيراً.

 


 التعليقات: 1

 مرات القراءة: 3402

 تاريخ النشر: 04/02/2009

2009-02-04

علا عبد الحميد زيدان

أود أن أشكر الأخت دعاء على هذا الطرح المميز والنابع من حرقة حقيقية على هذا الدين وعلى ما آل اليه المسلمون اليوم .. وأنا أعتقد أن كل إنسان في مكانه يستطيع أن يجاهد وكلنا يعلم أن العيش في سبيل الله أصعب من الموت في سبيله !!! ولكن وياللأسف فلقد وصل المسلمون الى مالم يصلوا اليه قبل الآن .. كنت دائما أردد وأقول نحن السبب في كل ما يحصل في العالم الإسلامي من مصائب وأزمات ليس من باب إرادة التقهقر الوقوف على أطلال الماضي فحسب وإنما من باب حالنا السيء الذي كلنا يعلم فظاعة حقيقته ... فالتاجر الذي يغش هو مسؤول في الحرب على غزة ، والموظف الذي يرتشي هو مسؤول عن الحرب على غزة ، والداعية الذي يخون هو مسؤول عن الحرب على غزة ، والأم والتي تقضي وقتها بالزيارات والقاضي الذي لا يحكم بالعدل والزوجة التي لا تحافظ على حرمات زوجها و... و.... و..... كلنا مسؤولون عن هذه الحرب .. وإن لم نتق الله في أنفسنا أولا ً وفي جُلِّ حياتنا ثانيا فلم ولن يتحقق النصر !!! والأخت دعاء هنا قد طرحت سبيلاً لنصل الى النصر المنشود ألا وهو طلب العلم الشرعي .. وأنا أضيف صوتي الى صوتها فاقول العمل بالعلم الشرعي وتحقيق المراد من تعليمه على أرض الواقع ، ووقتها نستطيع أن نكون من جند النصر وممن تستحق نصرة الأمة على أيديهم ...

 

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 2004

: - عدد زوار اليوم

7406479

: - عدد الزوار الكلي
[ 66 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan