::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> دراسات وأبحاث

 

 

قراءة في كتاب مع المصطفى

بقلم : علاء آل رشي  

 

.

( مع المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم  ):  رحلة غير تقليدية ، واستقصاء وتتبع لمسار النبوة الشريفة (مدنيا ) ؛ فبعد أن حولنا السيرة النبوية إلى وزارة للدفاع ،  وتم تغييب أوارق هامة من سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم  عن طيب نية ، وحسن قصد،  ولكن من غير وعي بأن السيرة النبوية أكبر من أن تحصر في غزوة ، أو تصور على أنها معارك فقط .

(إن الإسلام ليس دينا يتعطش للدماء والحروب بل هو دين هداية ، دين إنساني عالمي ، لكن إذا وقف في وجه دعوته وحورب وعودي فهو دين له مخالب وأنياب ، فلا يواجه القنابل والسيوف والحروب  بالورود والزهور والياسمين ) [1].

 بعد المطب الخطير المتمثل في  حصر السيرة بالغزوات فقط يأتي الشيخ  سلمان العودة ليؤكد على  الوجه الحضاري  الماثل  في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلى النواحي المدنية والعلمية والسلوكية في سيرة  النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

يقول الشيخ العودة : (إن سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم مذكرة تفسيرية لتطبيق الإسلام وتنفيذ قيمه وزراعة الفعل الصحيح ، والنظر الصحيح عند كل المؤمنين بهذا النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم  .)[2]

تكمن  أهمية الكتاب في سياق الترفع عن السرد التقليدي المعهود للسيرة العطرة،  بل استطاع الشيخ العودة أن يمزج بين الموقف والحدث، واللفظ الرشيق الشاعري  والفكرة المعاصرة الندية ، ونحى في وقفاته منحى تأصيليا مجذرا الجانب الإنساني في السيرة النبوية.

 

 

 

يقول الشيخ سلمان :

( إن عام الحزن يؤكد المعنى الإنساني في هذا الدين وعظمته حتى وهو يواجه الحرب والعداء من الناس وأنه يحزن حتى لأولئك الذين حرموا نعيم الهداية على موتهم على غير دين الإسلام  ) [3] .

(الكفار درجات وينبغي أن نراعي أن التعامل مع هؤلاء الناس بالعدل والصدق من أهم أسباب تقريبهم للدين ، فالذي أعلن دخوله في الإسلام اليوم كان يفكر في الإسلام بالأمس ، وقبل شهر قرأ ، وقبل سنة سمع وحاول التعرف على الدين فهو قد قطع طريقا طويلة ، وهكذا يكون قد تلقاه من غير المسلمين من قد قطع مرحلة الطريق إلى هذا الدين. ولذا يفترض فينا ألا نصد عن سبيل الله ، بل نكون ممن يقرب الناس لهذا الدين بالخلق الفاضل وحسن التعامل وإدراك أن الكفار هم محل للدعوة أيضا )[4].

 وفي صراحة تامة يقول الشيخ : ( نحن بحاجة إلى دعوة إسلامية تبرز القيم العليا للإسلام ، وتقول للإنسان في الشرق أو الغرب : إن دين الإسلام قام على أساس تكريم الإنسان )[5]

يتنقل الشيخ العودة من خلال  خانات ذكية فبعد تمهيد عاطفي توصيفي لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم يفتتح به الكتاب يبدأ  بضبط جذوة الحب بيقظة العقل ، في دروس حضارية وفهم غير منمط أو مقلد.

 من الممكن استخلاص اليقينيات الإسلامية المتحضرة من ثنايا  المحطات التي يقف العودة في رحابها ليتفيء  في ظلال  مدرسة الحبيب  المصطفى .  

  • لا خلاف بين الدنيا والدين

يفك  الدكتور العودة الاشتباك  الموهوم بين الدين والدنيا (فكما هو مطلوب من العبد مثلا أن يخشع في صلاته ، كذلك مطلوب من العبد أن يجتهد في وظيفته ودراسته وتعليمه ، وأن يجتهد في أي عمل يقوم به مادام هذا العمل مباحا ينفعه في دنياه )[6]  ويستنكر العودة متسائلا و مرسخا مفهوم المصالحة بين التدين والدنيا ( كثيرا ما يمتدح المسلمون بأن فلانا مات وهو ساجد ودون شك أن هذا معنى جميل .... لكن لماذا لا يمتدح المسلمون أيضا بذلك المسلم الذي مات وهو يدأب في عمله الدنيوي أو يجتهد في وظيفته أو يعكف في معمله أو مختبره ؟ أليس هذا من الدين ؟)[7].

  • العقل أولا وليس الانفعال  :

 يعرج العودة على العقل فهو (جوهرة نفيسة عزيزة وبه صار الإنسان إنسانا يجب ألا نسمح له أن يكون وعاء يستوعب الخرافات والأساطير .الدين لايتعاطف مع الخرافة بل يفضحها ويعلن الحرب عليها )[8] .  

وأما التكوين العقلي للمسلم ف(يفترض أنه مثال للنقاء والتجرد والدقة والمعيارية في عدم القبول للأخبار والأمور إلا بالبرهان والدليل )[9] .

 لذلك يحذر الشيخ العودة من الغضب فإن الغضب للعقل مثل الكسوف للشمس :       ( أرأيت هذه الشمس التي تغمر الكون بجمالها ونورها وإضاءتها وحرارتها المتزنة ، إنها بمثابة العقل الذي يكشف للإنسان خفايا الأشياء ،ويساعده على تصورها بشكل دقيق ، فإذا عرض لها الكسوف أفقدها نورها أو جزءا من نورها ، وهكذا الغضب في مواجهة الأزمات يفقد الإنسان عقله واتزانه ونظره فيتصرف بشكل غير صحيح )[10] ، ( إن الهدوء في مواجهة الأزمات أيا كانت أمر ضروري ، لا يعني الهدوء الرضا بالخطأ ، ولكنه يعني أن ينظر الإنسان إلى هذه المشكلات والأزمات نظرا متأنيا )[11] .

  • إنسانية الخطاب الإسلامي :

 وهل تعاليم الدين تنفي إنسانية الإنسان ؟

يثبت  الشيخ العودة نفي ذلك ب(إنسانية الدين وعظمته وأنه لايتناقض مع ماجبل عليه الإنسان من المعاني الإنسانية الكريمة بل هو يؤيدها ويعمقها ويزكيها .) .

 

 

 

 

  • أتقن فالدين جد واجتهاد :

لكن ماذا يعني الإسلام للمسلم؟

  إنه على حد قول  الشيخ العودة : ( إن مسلم اليوم بحاجة إلى أن يعرف أن الانتماء للإسلام يعني الجدية والإتقان )[12] .

  • الوهن الداخلي مدعاة لاستعداء الخارج :

ويلفت  الشيخ الجليل النظر إلى ضرورة النقد الذاتي ،  وأن المشكل سببه هو الضعف الذاتي (مجرد التمني لا يصنع شيئا وكذلك أمر الحياة الدنيا فإن المسلمين اليوم في مشارق الأرض ومغاربها يتحدثون كثيرا ويأملون ويعتبون كثيرا ، ولو صدقوا لعتبوا على أنفسهم، ولو أنصفوا لكانوا هم أحق باللوم ) [13].

  • الدعوة فكرة والتزام وليس غلظة وكلام :

يؤكد الدكتور العودة على وجود  تقصير من المسلمين وعلى قصور نشاطهم إذ (الإسلام محجوب بمساوي أهله فهل نكون نحن من يصحح هذه المساوي ) [14].

  إن(مشكلة هذا الدين هي وراثة هذه الأمم التي ضعفت رابطتها بدينها )[15].

وفي ملمح دعوي يلقي الشيخ العودة حزمة ضوئية على واجب  المسلمين المقيمين في الغرب فيطالبهم بأن( يتقنوا أساليب التعامل مع هؤلاء القوم ومخاطبتهم ودعوتهم ، بالإقناع والقدوة وبيان محاسن الإسلام ... فالمسلمون دعاة قبل أن يكونوا جباة أو مقاتلين وإنما القتال دواء لداء ، أو عبارة عن الكي الذي هو آخر الدواء .)[16].

ويؤكد العودة في محطاته الموفقة أن( الأخلاقيات التي تربى عليها المؤمنون الأولون هي مانحتاجه اليوم أيضا حتى نقدم بها الإسلام لغير المسلمين والذين يظن الكثير منهم أن الإسلام دين العنف والدموية والقتل والانتقام ) [17].

 

 

الجهاد فكر معتدل ونطق بالعدل :

لا يتوانى العودة في تأصيل المفاهيم وتحرير معانيها فالجهاد مثلا : ( لم يكن يستهدف الناس ،ولا يسعى لابتزاز أموال الناس وإنما يسعى لدينونة الناس لله عز وجل ورفع الظلم عنهم)[18].

و( الفتح لم يكن عدوانا ولا اغتصابا ولا تسلطا ، ولكنه كان فتحا للقلوب وحماية للشعوب. )[19].

وفي لفتة ذكية إلى أن الجهاد يمكن أن يكون بالنسبة للمسلم المعاصر  ب( فتح القلوب بصدقه وأخلاقه النبيلة وعلمه الصحيح ، وتفكيره المعتدل ، وقوله السديد ، وأن يكون ناطقا بالقرآن ، ناطقا بالحق والعدل )[20] .

 

  • الدين بسمة للضمير ونسمة للروح :

ابتسم :

يحاول الدكتور سلمان حشد أكبر قدر من المفاهيم وتصويب الدلالات:            فالمسلم متوازن : (الحياة ليست جدا دائما ، ولا أمرا صارما ) و ( الحياة بغير فرح لا تدوم ولا تستمر  ولا يقوى العبد على مواجهة صعوباتها وآلامها فلنفرح )[21]

ثم ومن غير مواربة وفي صراحة واضحة يقول الدكتور العودة ( ليس من الوقار التكلف الزائد والجد الصارم ، فالابتسامة صدقة ، والكلمة الطيبة صدقة ، وحسن  المؤانسة والمعاشرة لمن تحت يدك من زوج أو ولد أو متعلم  إحسان وصدقة ، ينبغي أن نلقن هؤلاء هدي الإسلام في الفرح والسرور ) [22].

 

 

 

 

الزواج كفاح باسم :

وفي واقعية ملحوظة يطالب الدكتور العودة الزوجين باستذكار أن ( للحياة الزوجية تبعات ومسؤولية) و( الكلمة الهادئة والنظرة الراضية ، والصبر الجميل أساس في العلاقة الزوجية ) [23] .

 ولا تتهدد الحياة الزوجية بالفشل إلا عندما يصبح ( كل طرف يطالب الطرف الآخر بالبذل بينما لايقوم هو بالبذل )[24].

 ويفسر العودة  العلاقة الزوجية بأنها : (تفاهم عقلي ورؤية مشتركة وتفاهم قلبي في مشاعر الحب والحنان ، والعطف والصبر ، والستر ، وليست العلاقة حبلا يحاول كل طرف أن يجره إليه فالمرأة تطالب وتعاتب ، والرجل يوبخ وينتقد وحينئذ  يكون التفاهم ضعيفا أو معدوما والضحية الحياة الزوجية ثم الأطفال بعد ذلك ) [25]

كن وفيا :  

 يشدد الشيخ العودة  على التماسك الاجتماعي والوفاء للوالدين وللمعلم والأصدقاء فالصديق يكتب معك حاضرك ومستقبلك [26]

كن جميلا فالله جميل يحب الجمال :

يخصص الدكتور العودة بابا من الكتاب لمحبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم  للجمال وينبه الشيخ أن ( كثيرا من المسلمين يغفلون عن معنى ضرورة العناية بالجمال في ملابسهم وشعورهم )[27] صحيح أن ( الجمال ليس مظهرا فقط  )[28]  .لكن إذا ( وسع الله عليك فالبس الأشياء الجميلة ؛ لأنها ليست حكرا على أحد ، والإسلام ليس عدوا لهذه الأشياء بل إنه يطلبها من أصحابه )[29]. على المسلم أن (يراعي المجتمع الذي يعيش فيه فيلبس مثل لباسهم مالم يكن حراما.. )[30].  

 

التشبه المنكور في العقائد والخلال لا في الملابس والنعال[31] :  

 فالإسلام ( لا يشترط لباسا خاصا ، وإنما له شروط ومواصفات في نوع اللباس )[32].

أخدم دينك في يقظتك ولا تعش أسير المنامات :

وفي نقد لعادات بعض المجتمعات التي تعيش على المنامات والرؤى يحذر الشيخ العودة من (إعطاء الرؤيا حجما كبيرا ) [33].

  • الدعوة عقل يقظ وأخلاق مزكاة  :

دعوتك شرفك فاحرص على صونه :

يرى الدكتور العودة أن الدعوة لايقصد منها ( أن تتحول إلى بضاعة للمعارك الكلامية والخصومات والجدل والتعاظم ، وإنما المقصد الأسمى من رسالات السماء هو تحقيق التزكية للإنسان في طيب الأخلاق وكرم الخصال والمحافظة على القيم ، وبناء المجتمعات الرشيدة النظيفة وإقامة الحضارات السامقة ، التي لاتستهدف استعباد الإنسان لأخيه الإنسان ، والإطاحة بإنسانيته واستقلاليته )[34] .

كن رحمة لمن حولك :

على الداعية : ( أن يراعي ظروف المدعوين والمخاطبين وليعلم أن الإنسان الذي أمامه ليس مجرد عظام ولحم ودم ، بل هو كتل من المشاعر والأذواق ، والارتباطات والمعاني ، والتجارب والأخطاء التي ربما تلقاها في الطفولة ولاسبيل إلى التخلص منها بسهولة )[35] .

تريث ولاتتعجل :

ومن هنا ( فيجب علينا ألا نحكم على الناس بموقف محدد أو خطأ أو ذنب ؛ بل يجب أن ندرك أن هؤلاء الناس قد يعانون من ظروف نفسية ).[36]

ارحم وأرفق :

ليكن همُّ الداعية هو ( نقل "الناس "  من الوضع الذي هم فيه إلى وضع أفضل وأحسن ، وهذا يتطلب قدرا كبيرا من الرحمة والرفق واللين والصبر والدعوة غير المباشرة ).

ليس من ( الضروري أن تتحول الدعوة إلى نوع من الفضيحة والتشهير بفلان أو علان ، وليس من الضروري أيضا أن تتحول الدعوة إلى مواجهة وقسوة)[37]

الدعوة ليست سببا للتنافر والتدابر:

 ( فلو أن إنسانا وضع الكأس أمام عينيه فلاشك أنه سيحجب عنه رؤية العالم الفسيح لكنه لو وضعه في مكانه فسيراه بحجمه الطبيعي .) [38]

(إن الواجب علينا أن نتربى في محاضننا المنزلية والدعوية العامة والخاصة على تقدير معاني الترابط مع هذه  الأمة والوحدة والانسجام ، وأن نضع جوانب الاختلاف في حجمها الطبيعي ولا نجعلها تتغلب على وحدتنا وأخوتنا )[39].

اقبل النقد المبرهن :

وفي موضع آخر يلمح الدكتور العودة إلى بعد تربوي غائب في حياتنا فيقول : ( المسلم المقتدي برسول صلى الله عليه وآله وسلم  عليه أن يتدرب على قبول النقد والتوجيه حتى لو كان علانية مادام مؤيدا بالدليل والحجة والبرهان ، كما أنها تزرع التواضع لله عز وجل والانكسار لعظمته ، ومعرفة أن الذين ينتقدونك أو يواجهونك سرا أو علانية – مادامت دوافعهم نظيفة وشريفة – يسهمون في تعميق شخصيتك وبنائها بناء صحيحا ، وعزل جميع المؤثرات السلبية عنها ) [40].

كن داعية هداية لاطالب نكاية :

( أيها الداعية الزم غرزه صلى الله عليه وآله وسلم  فإنه على الحق ورب نفسك على معاني التسامح والقيم ، ولا تغلب جانب النكاية الهداية )[41] 

اعبد ربك بخدمة زمانك :

يفتح الدكتور العودة النافذة أمام صور معاصرة للتعبد فبعد تأكيده  على أن هزيمتنا من صنع أيدينا بامتياز ( بسبب التخلف والتمزق والشتات وبسبب أننا لا نزال نعيش في سبات ).[42]

يذكر الدكتور العودة نماذج للتقرب إلى الله سبحانه ومن صورها  ( محاولة اكتساب عوامل القوة التي يفتقر إليها المسلمون ، مثل : تحصيل التقنية والصناعة والعلم والوحدة وغير ذلك من المقاصد والمصالح )[43] والمؤمن ( الصادق لا يمكن أن يلقي الراية فمازالت عليه التبعة والمسؤولية )[44]

 

كن فكرة محاورة :

يقرر الدكتور سلمان أن أسلوب التنزل للخصم (  الأخذ والعطاء والرد هو الأسلوب الرباني .. ومن الضروري أن يكون هذا الأسلوب شائعا في ثقافتنا ومجالسنا وإعلامنا .)[45]

ويعتقد العودة أن ( من الحكمة أن يكون دخول الإنسان في الحوار مبينا على نوع هذا الحوار وموضوعه ، بحيث يكون موضوعه علميا صحيحا ، وأن يكون المجال الذي يتم فيه هذا الحوار هادئا ، لا يعتمد على الصخب والضجيج ، بقدر ما يعتمد على الحجة والبرهان وأن يكون الهدف هو إظهار الحق ) [46]

كن عقل بناء لا صرخة شكوى :

لم يترك العودة مجالا للشك بل نفى أي شبهة قد ترد فصرح أن فكر المؤامرة ليس هو المساحة المسيطرة على ذهنيته فقال :( إذا كان المجتمع الإسلامي عبارة عن مجموعة من تسلسل المظالم من أعلى المستويات إلى أدناها – وهذا مع الأسف مانعانيه – فمعنى ذلك أننا أمة ليست جديرة بالمجد والبقاء ،ولكن عندما يبدأ الناس باستشعار مسؤولياتهم ومحاولة إقامة العدل وحفظ الحقوق في داخل الأسرة بين الزوجين ،مع الأولاد ، داخل الفصل الدراسي،داخل المنشأة أو الإدارة أو الشركة أو المؤسسة ،ويمتد هذا الأمر لحفظ الحقوق داخل المجتمع وداخل الدولة فعند ذلك تكون هذه الأمة جديرة بالتمكين والبقاء ) [47] .

ثم يتساءل سؤال الخبير الذكي ( متى يتحالف المسلمون أفرادا وجماعات ومؤسسات على إقامة المؤسسات المدنية التي تحفظ للناس حقوقهم وتعين الفرد المسحوق أو المظلوم على استرداد حقه ، وتأخذ على يد الظالم ؟!)[48].

 ويختم هذا التساؤل بتقرير ( إذا تحقق ذلك حفظ الله البلاد والعباد )[49] .

الرسالة التي وجهها الشيخ سلمان العودة من خلال سرد مواقف من سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كتابه ( مع المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ) ، هي :

 انحياز الإسلام التام للإنسان فالإسلام كما يفهم العودة( ليس دينا لصناعة المعارك مع الأشخاص  ، وإنما الإسلام دين للرقي بالإنسان ولصناعة الأخلاق والقيم وصناعة الروابط الاجتماعية بين الناس )[50] .

كما يسعى  الشيخ الجليل لأن يقول للدعاة كونوا كنبيكم الحبيب المصطفى مبشرين (ينبغي أن نسعى أن تكون أبواب الإسلام مشرعة في وجوه الناس جميعا  )[51] 

حسنا ، لنفرض أن إنسانا كان على خطأ ثم رجع عنه فهل يجب أن يعلن على الملأ توبته؟.

لا يرى الشيخ سلمان وجوب ذلك ( فليس من الرشد أن نفرض المزيد من الحواجز بين الناس وبين الدخول في الإسلام )[52] .

إن عتبة التغيير تبدأ من أن كل واحد منا يجب عليه  ( أن يتعلم ، وأن يربي أطفاله على القراءة منذ نعومة أظفاره  )[53] ( وبغير العلم لن نصنع دنيا ولن نصلح دينا ، فأول ما يجب علينا هو أن نتعلم لنقيم دنيانا ونصلح ديننا )[54]  .

كما أن التغيير يكون ببناء المجتمع الراشد الذي يعرف حقوقه وواجباته وليس في صراعات بين المسلمين ( إن أعراض المسلمين ودماءهم خط أحمر يجب أن نقف عنده . ) [55] .

 النهوض بالإنسان هو أولا الطريق الصحيح لأي تغيير ، يقول  الدكتور العودة ( يجب ألا تظل بلادنا تجتر تخلفها وضعفها وتراجعها والسبب هو الإنسان الذي لم يتم إعداده بشكل صحيح )[56] .

الكتاب دارسة حضارية لجوانب من السيرة النبوية ووقفات مع المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم من خلال مسح معرفي لكثير من الشواهد القرآنية والسنة النبوية المطهرة ، كان المؤلف الفاضل كالمقاتل الفارس الذي يتحرك على كل الأصعدة وكان بيانه صادقا شجاعا ومعركته واضحة فأقدم في بانوراما معرفية على الدخول إلى الزوايا المحرجة في العادات والفهم والحياة والتدين المنقوص والعقل القاصر والرؤى المحنطة )حارب وناقش وحاور ورفض بيقين المؤمن ونقد وأسس لقراءة معرفية معاصرة لحياة النبي الكريم .

وفي الختام أتوجه للأستاذ عبد الوهاب الطريري الذي أشرف على تحرير الكتاب ، وكذلك شكري للصديق الأستاذ أحمد السعدون الذي أمدني بنسخة من الكتاب فأجبرني على المطالعة فيه، والشكر موصول لفضيلة الشيخ الدكتور سلمان صاحب اللافتات الذكية العديدة التي تختلف في مسمياتها وتتفق في مضامينها حرصا على ضرورة الصحو الذاتي والتفكير الجدي برسالة الإسلام ومقاصدها ، وقد استطاع العودة بذكائه الدعوي ومخزونه المعرفي المكين أن يقول : الباب مفتوح فانهلوا من سيرة نبيكم وكونوا عقلا ذكيا وحبا وإخلاصا وأكد أن المجتمعات لاتبنى بالقهر وسلم التغيير أول خطواته مصالحة بين الدين والإنسان .

                                                علاء الدين آل رشي [57]



[1] مع المصطفى ص93.

[2]  مع المصطفى ص 82.

[3] مع المصطفى ص41

[4] مع المصطفى  ص 35

[5] مع المصطفى ص40

[6] مع المصطفى ص84

[7] مع المصطفى ص83 -84.

[8] مع المصطفى ص 68

[9] مع المصطفى ص 67

[10] مع المصطفى  ص244 .

[11] مع المصطفى ص244 -245

[12] مع المصطفى ص83.

[13] مع المصطفى ص83.

[14] مع المصطفى ص70

[15] مع المصطفى ص85

[16] مع المصطفى ص98

[17] مع المصطفى ص107

[18] مع المصطفى ص 112

[19] مع المصطفى ص 113

[20] مع المصطفى ص 114

[21] مع المصطفى ص 115

[22] مع المصطفى ص 120

[23] مع المصطفى ص 136

[24] مع المصطفى ص137

[25] مع المصطفى ص 137

[26] مع المصطفى ص 372

[27] مع المصطفى ص 173

[28] مع المصطفى ص 172

[29] مع المصطفى ص172

[30] مع المصطفى ص 175

[31] علاء الدين آل رشي هكذا علمني محمد الغزالي ص 124

[32] مع المصطفى ص 176

[33] مع المصطفى ص 187

[34] مع المصطفى ص 226

[35] مع المصطفى ص 196

[36] مع المصطفى ص197

[37] مع المصطفى ص 198

[38] مع المصطفى ص 210

[39] مع المصطفى ص 210

[40] مع المصطفى ص 229

[41] مع المصطفى ص 240

[42] مع المصطفى ص 207

[43] مع المصطفى ص 215

[44] مع المصطفى ص 256

[45] مع المصطفى  ص 275

[46] مع المصطفى  ص 275

[47] مع المصطفى  ص 284

[48] مع المصطفى  ص283

[49] مع المصطفى  ص283

[50] مع المصطفى  ص298

[51] مع المصطفى  ص301

[52] مع المصطفى  ص300

[53] مع المصطفى  ص318

[54] مع المصطفى  ص318

[55] مع المصطفى  ص 335

[56] مع المصطفى  ص378

[57] العنوان الإلكتروني:  

 alaa_1993@hotmail.com

الشواهد الدراسية:

  • إجازة في الشريعة الإسلامية واللغة العربية من معهد المحدث بدر الدين الحسني 1/7/ 1998 م . دمشق .
  • بكالوريوس  في الدراسات العربية والإسلامية من جامعة السند  12 /8/ 2004م باكستان .
  • ماجستير في الدراسات العربية الإسلامية والثقافة الإسلامية من جامعة السند  12 /8/ 2006م باكستان.

.

 

- المدير التسويقي السابق لدار الفكر –سورية – في المملكة العربية السعودية .

- عضو مؤسس لمركز الراية للتنمية الفكرية في سورية.

- عضو مؤسس لمركز الراية المعرفية في جدة .

- المدير الإعلامي في مركز الراية المعرفية في جدة  .

- كبير المستشارين الثقافيين في مركز الناقد الثقافي في سورية .

- عضو اللجنة العربية لحقوق الإنسان – باريس -.

- عضو رابطة أدباء الشام .بريطانيا .

 

 

 التعليقات: 0

 مرات القراءة: 4296

 تاريخ النشر: 03/04/2008

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 1700

: - عدد زوار اليوم

7405251

: - عدد الزوار الكلي
[ 62 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan