::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> قضية ونقاش

 

 

مآذننا .. ستبقى شامخة مهما فعلوا !!!

بقلم : هيئة التحرير  

 

 

  حين نراها شامخة سامقة تطاول الغيوم، خضراء مزدانة بأنوراها الربانية، نورها يشع على المحيط حولها، وصوت المؤذن يتردد من ثناياها.. نشعر بالطمأنينة..

من منا لا يحب شكل المئذنة، حين نراها عالية في سماء صافية، النجوم تزين الهالة حولها، والقمر يبتسم لنا جانبها.. وأنوارها مضيئة أشد من نور القمر أمامها!!

*     *     *     *     *     *

قضية "حظر المآذن في سويسرا" تشغل بال المسلمين هذه الأيام، ذلك أن الهجمات على الإسلام ما فتئت تتوارد على المسلمين في الغرب، الهجمة تلو الهجمة، وقد اعتادوا على ردها، ولكن الهجمة هذه المرة كانت على رمز إسلامي يزرع الطمأنينة في نفوس المسلمين، وينشر في نفوسهم البهجة والعزة بالإسلام، فنحن لا نتصور حياتنا دون المآذن، ولم نعد نتخيل مساجدنا دون مئذنة!!!

وبغض النظر عن كونها مجرد شكل معماري لا يحمل أي صفة دينية، أو كونها شكلاً مستحدثاً على المساجد لم يكن أيام النبوة، إلا أن هذا لا يعني عدم أهميتها بالنسبة لنا..

 

بداية الحكاية:

كانت البداية منذ بدء الدعوة، حين جهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الإسلام، وبدأ المشركون يهاجمونه ويحاولون صده عن نشر دعوته.. وهكذا عبر العصور حتى وصلنا إلى العام 2009م، حيث طرح حزب الشعب اليميني المعادي للإسلام في سويسرا استفتاء على الناخبين في سويسرا كانت نتيجته أن اختار [57%] منهم أن يتم حظر بناء المآذن في سويسرا، وهذه هي نقطتنا، حيث ثار المسلمون وكتبوا المقالات في رفض هذا الأمر، وفي المقابل نهض بعض المدعين ليحتجوا على ثورة المسلمين ويرفضوا احتجاجهم على رفض المآذن بحجة أن هذا قانون بلد كامل (سويسرا) ولا يجوز لنا التدخل به أبداً..

وبغض النظر عن الديمقراطية المزيفة التي نسمع عنها من الغرب، وبغض النظر عن مبدأ حرية الدين والاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية التي يُنادى بها في محافل حقوق الإنسان، فلندع هذه النداءات الآن جانباً، ولنستقصِ حقائق الموضوع..

 

ليست شرطاً شرعياً..

قال بعض العلماء: (المئذنة رمز حضاري.. فلنواجه حظرها بتحضر)..

وكلامهم منطقي، حيث أننا نرفض العمليات اللاحضارية التي تمارَسُ باسم الإسلام في سبيل الرد على الهجمات ضده..

فقد اعتبر هؤلاء العلماء أن "المئذنة رمز حضاري وليست شرطاً شرعياً لا يصح بناء المسجد إلا به، ولا ينبغي أن يستدرجوا ويجعلوها معركة الدين".

ودعا د. عبد المعطي بيومي، عضو مجمع البحوث الإسلامية بمصر، مسلمي سويسرا لـ "الانصياع لقرار الدولة إذا قننت حظر المآذن، خاصة أن المسجد يصح بدون مئذنة".

ونصح بـ "عدم إحداث خلاف بين الأقلية المسلمة والحكومة السويسرية جراء أشياء لا تعد من ثوابت أو أصول الدين، حتى إن كان هناك تعسف من بعض الفئات من أهل البلد في رفض المآذن".

و اعتبر د. أحمد كريمة، أستاذ الفقه بالأزهر، أن "حظر المآذن لا يعتبر محاربة للإسلام، وإنما شأن داخلي تنظيمي"، موضحاً أن "تشييد المآذن هو عمل معماري في المقام الأول".

ولفت إلى أن "الإسلام لم ينتشر بمئذنة ولا مسبحة ولا عمامة أو قبعة، وإنما انتشر بذاتيته في الموضوعية والواقعية والثبات والمرونة والعقلانية والوسطية مع مكارم الأخلاق وحسن فهم الإسلام وحسن عرضه".

 

 

لها مدلول رمزي!!

بينما دعا بعضهم إلى "عدم التهوين" من الأمر، معتبراً أن "منع المآذن له مدلول رمزي تكمن خطورته تكمن في أنه يعتبر إيذاناً بسلسلة من القرارات والقوانين التي قد تسن مستقبلاً لتقييد حرية المسلمين الدينية في كثير من النواحي".

ويرى المفكر السويسري أستاذ الدراسات الإسلامية الحديثة بجامعة أكسفورد البريطانية طارق رمضان في مقال له نشرته صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية أن هذه النتائج تنذر بالخطر. ويتساءل "ليس هناك سوى أربع مآذن في سويسرا, فما الذي جعل مبادرة حظر المآذن تنطلق من هناك؟" وهنا يؤكد رمضان أن سويسرا كجُلِّ البلدان الأوروبية تواجه ردة فعل على المستوى الوطني على تزايد المظاهر الإسلامية في ربوعها, وما المآذن إلا ذريعة لشن حملة على الإسلام.

ويذكر رمضان هنا أن حملة الحزب الشعبي السويسري استهدفت في البداية طريق ذبح الحيوانات لدى المسلمين, لكن حساسية الموضوع بالنسبة لليهود السويسريين جعلت الحزب يحول أنظاره إلى المآذن بوصفها رمزاً إسلامياً صرفاً يفي بالمطلوب.

 

إنها البداية فقط!!

يعتقد البعض أنها البداية فقط، وأنها مجرد ذريعة لشن حملة على الإسلام، وقد دعا الشيخ القرضاوي "الأقلية المسلمة في سويسرا إلى المناضلة بالوسائل البرلمانية والقانونية، والقضائية المشروعة، أمام المحاكم الفيدرالية والدولية، وهيئات حقوق الإنسان، لإلغاء هذا القرار".

وحذر من أن تصل الاستفتاءات في المستقبل إلى حظر المساجد، قائلاً: "فاليوم المآذن وغداً المساجد نفسها!! وما الذي يمنع ذلك ما دام اليمين العنصري المتعصب ضد الأجانب هو الذي يقود الحملة".

وبالفعل هذا ما حصل، فقد كشفت مصادر إعلامية النقاب عن الحملة التي تبناها الحزب المناهض للإسلام في "شمال راين- وستفاليا" بألمانيا ضد بناء المساجد على غرار استفتاء حظر بناء المآذن في سويسرا. وطالبت المجموعة (برو نورث راين – وستفاليا) بدعم حظر بناء المساجد كجزء من حملتها ضد ما أسموه "احتلال المسلمين لأراضينا" قبل الانتخابات التي ستجرى في مايو عام 2010.

 

 

"دعواتٌ للمقاطعة"

دعت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) دولَ العالم الإسلامي إلى مقاطعة سويسرا تجاريّاً وسياحيّاً، وسَحْبِ الأرصدة المالية من بنوكها، وذلك ردّاً على نتائج الاستفتاء الذي جرى في سويسرا، والقاضية بحظر بناء المآذن في البلاد.

حيث قال الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري المدير العام للـ(إيسيسكو) أنّ العالم الإسلامي مدعوٌّ إلى التحرُّك الإيجابي للردّ على الاضطهاد الذي يتعرض له المسلمون في سويسرا بالأسلوب المتحضر الملتزم بالقوانين الدولية، والذي يتمثل في المقاطعة المالية والتجارية والسياحية.

وفي أحد أقوى ردود الفعل الرسمية القليلة الصادرة من العالم الإسلامي إزاء التصويت بمنع بناء المآذن في سويسرا حثَّ وزيرٌ بالحكومة التركية الدول الإسلامية ورجال أعمالها على سحب أموالهم واستثماراتهم من سويسرا وتوجيهها إلى تركيا "التي تفتح بنوكها القوية أبوابها على مصراعيها لأموال إخوتنا المسلمين".

حيث قال "أجامان باغيش"، وزير الدولة ورئيس فريق التفاوض مع الاتحاد الأوروبي: "بعد استفتاء الأحد 29-11-2009 فإنني أدعو المسلمين إلى إعادة التفكير في خياراتهم المصرفية، وأنا على يقين من أن هذا الاستفتاء مناسبة لإخواننا في الدول الإسلامية الذين يودعون أموالهم في البنوك السويسرية لأن يعيدوا النظر".

ووسط عدد من الصحفيين الذين كان يتحدث إليهم في العاصمة السويدية استوكهولم حث باغيش المسلمين على "أن ينظروا إلى تركيا كبديل.. أبواب بنوكنا التي نجت من عاصفة الأزمة المالية العالمية الضخمة تفتح ذراعيها لاستقبالهم".

 

على من يقع اللوم؟؟!!

يقول الدكتور فهمي هويدي في إحدى مقالاته: ((لا يقلقنا حظر بناء المآذن في سويسرا، ولكن ما يقلقنا حقا هو مشاعر النفور التي دفعت 57 ٪ من الناخبين السويسريين إلى تأييد الحظر. فما كانت المآذن يوماً ما جزءاً أساسياً من المسجد. وما كان شكله ومعماره موضوعاً شغل به المتدينون في أي وقت، وهم الذين عرفوا أن المسجد هو كل مكان طاهر يصلح للسجود فيه.))

 

وقد يكون كلامه صحيحاً، فالذي يقلقنا أننا لم نعد نؤدي دورنا الدعوي بالشكل الصحيح الذي يوصل صورة الإسلام الصحيحة، فلماذا قصرنا، وعلى من يقع اللوم؟؟!! علينا نحن المسلمين في البلاد الإسلامية؟؟، أو على المسلمين في سويسرا نفسها؟؟، حيث يتساءل المفكر السويسري طارق رمضان عن ذلك ويقول: "لقد ذكرت المسلمين مراراً وتكراراً لسنوات كثيرة أن عليهم أن يكونوا في الواجهة, وينشطوا ويتفاعلوا مع مجتمعاتهم الغربية". ويوضح أن المسلمين السويسريين ظلوا دائماً يصارعون من أجل البقاء بعيداً عن الأنظار لتفادي أي صدام مع المجتمع, وكان عليهم -حسب رأيه- أن يدخلوا في تحالفات جديدة مع كل الأحزاب والمنظمات السويسرية التي عبرت عن معارضتها لمبادرة حظر المآذن.

 

فسحة أمل!!!

ولكن.. أملنا بالله كبير كما عودنا سبحانه، ذلك أنه من قلب الألم يشع نور الأمل، ومن قلب هذه الأزمة للمسلمين لا بد أن يخرج لهم خير )وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم(، ويمكننا أن نرى ملامح هذا الخير في كل هجمة كانت ضد الإسلام قبل الآن، كما في أزمة الرسوم الدنماركية التي أسلم من جرائها آلاف الأوربيين بعد تعرفهم على الإسلام من بعدها، ويقول الكاتب جوناثان فريدلاند في مقال له بصحيفة غارديان في هذا الشأن: "أعتقد أن حظر المآذن بسويسرا سيؤدي إلى نتيجة واحدة لم يكن من وقفوا وراءه وأيدوه يحسبون لها حساباً، وهي أن أعداد المسلمين الذين يذهبون إلى المساجد بسويسرا ستتزايد إذ إن تلك هي ردة فعل الناس عندما يحسون أنهم مهددون".

 

وأخـــيراً !!!

هي قضية باتت تشغل العالم الإسلامي، يخشاها البعض، ولا يهتم لها البعض الآخر.. وهناك من لم يعلم بالأمر بعد..

هي قضية إسلامية، نقف عندها ما بين مدافعٍ حتى الصميم، وغير مبالٍ بالنتائج..

فأين أنتَ أخي القارئ منها؟ وما هي المئذنة بنظرك؟

هل هي مجرد شكل معماري غير مهم؟ أم أنها رمز إسلامي مقدس؟؟!!

وما وجهة نظرك في سبب هذا الاستفتاء؟؟ وعلى من يقع اللوم؟؟

وهل نحن مقصرون في أدائنا لواجباتنا الدعوية؟؟؟

هذه هي قضيتنا هذه المرة على موقع رسالتي.. ننتظر آراءكم وأفكاركم..

علنا ننجح في إيجاد حلول تجنبنا مواجهة استفزازات كهذا في لاحقات الأيام!!!!

 

 


 التعليقات: 5

 مرات القراءة: 3272

 تاريخ النشر: 20/12/2009

2009-12-30

هيئة التحرير

للأخ محيي الدين : كن متفائلاً ، يا أخانا ، فالإسلام دين يدعو أبناءه و أتباعه للبشر و الأمل ، و ما تعانيه الأمة اليوم هو سنة كونية ، فالصراع بين الحق و الباطل دائم لا ينتهي أبدا ... و كيف سيبدو الحق إن لم يكن هناك باطل يتحداه و يقارعه ، لكن مهمة الإعلام الإسلام التنبيه للخطر و التحديات التي تواجه انطلاقتنا و مسيرتنا الحقة .. شكراً لإبدائك رأيك .

 
2009-12-30

محيي الدين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كفانا كفانا الإسلام قوي بالمسلمين بتوادهم و محبتهم وخدمتهم لبعضهم البعض ولكن بتنا هذه الأيام خبراء في النقض و التخريب والرضى بما لا يرضي الله علينا الإعتراف والتسليم بأن طريقة التعامل و الخطاب غير مجدية و الدليل واضح في الدول الإسلامية العربية و غير العربية نرى الظلم و المظالم و التنصير على مرآى منا في أفريقيا المسلمة و إخوانهم في الشرق الأوسط يبيعون الدين مقابل النظريات الوضعية كفى كفى الغرب عندما يرى المسلمين وصدق إسلامهم سيبادرون إلى احترامنا المثل بالمثل و السلام .

 
2009-12-30

أم عبادة - مدرسة تاريخ

شكراً لهذا الموقع و إدارته التي تتابع الأحداث أولا بأول . و أقول كانت دمشقنا عبر التاريخ تباهي بمآذنها السامقة المرتفعة و لا زالت و لله الحمد ، و ندعو الله تعالى أن يحفظ المآذن و المساجد و هذا الدين من ألاعيب الحاقدين ، و أهم شيء أن نلفت أنظار الناس إلى الأخطار التي تتهدد المسجد الأقصى كله حرماً و ساحات و ليس المآذن فقط .

 
2009-12-25

بنان الحرش

السلام عليكم ..لا يخفى على أحد أن قرار حظر المآذن هو نتيجة الخوف المتزايد من أسلمة البلاد وكما ذكرتم ليس القلق من هذا القرار تحديداً ..فالخوف من ما يعقب هذا القرار فاليوم المآذن وغداً المساجد ،فالمئذنة هي رمز للمسجد والمسجد هو رمز للدين، لذلك يجب أن لا نتهاون في هذا القرار يجب على كل مسلم أن ينكر هذا القرار من لم يستطع بلسانه فبقلبه وذلك أضعف الإيمان. هاهم يهود أوروبا يندّدون بـ"حظر المآذن"!! ولكن هل تضامناً مع المسلمين؟؟؟بالتأكيد لا.. فلقد حذّر اجتماع للحاخامات الأوروبيين في موسكو، الجمعة 4-12-2009، من أن الحظر الذي فرضته سويسرا على بناء المآذن سيشعل العداء للأجانب ويهدد بجعل اليهود الهدف التالي لعدم التسامح الديني . إذن يهود أوروبا يندّدون بـ"حظر المآذن" خشية وصول موجة العداء لهم ..دائما يسبقون الزمن ويخططون للمستقبل قريبا كان او بعيد ويتحسبون لما سيجري أما المسلمين فلا حول ولا قوة إلا بالله

 
2009-12-22

علا صبَّاغ

بالنسبة لي هي رمز إسلامي مقدس.. وطالما نسمع أذان المساجد وأجراس الكنائس في بلدنا المسلم.. فلماذا لا يرضى الغرب برفع أربع مآذن فقط في دولة! أين الديمقراطية المزعومة؟ أعتقد أنها بداية مؤامرة لمحاربة الاسلام هناك - ولكن هل بات الاسلام ضعيفا إلى هذا الحد؟ ولماذا؟ اللوم أولا وأخيرا على من رضخ بتنفيذ الأوامر مع السمع والطاعة!...... مقصرون نعم من ناحيتين - اولا دعوة الدول الغربية الى الاسلام وهو امر لا بد منه فعليه السلام بات يدعو مشارق الارض ومغاربها حتى وصلت الدعوة الاسلامية الى ما هي عليه - ثانيا - الدفاع عن حقوق هذا الدين.. لماذا نجد أن من لا دين له - له قواعد وبنود خاصة به.. ودين الاسلام يتم تجاهله واستنكاره بهذه الطريقة؟ أين صوت الشباب وهمتهم في الدفاع عن دينهم؟ وما هو هم شبابنا هذه الأيام.. هل يتمعر وجههم لقضية كهذه؟ أضعف الإيمان المقاطعة اقتصاديا - ونجد الناس يقولون - لن تساوي شيئا لهم اذا اشترينا هذه أو تلك - وحتى السيارات .. حدث ولا حرج.. حسبنا الله ونعم الوكيل.

 

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 1497

: - عدد زوار اليوم

7448773

: - عدد الزوار الكلي
[ 48 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan