::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> مقالات متنوعة

 

 

غزة: رمزية الحفرة و نسبية النصر

بقلم : أ . عصام عيدو (عضو الهيئة التدريسية في جامعة دمشق)  

الوضع المأساوي في غزة ومانتج عنه من هذه الحفرة في الجدار يكاد يشكل رمزا إبداعيا على هامش المأساة ويكاد يبشر بالنصر، فحصرُ شعبٍ كاملٍ يربو عدده على المليون ونصف ضمن أجدرة العنصرية هو مأساة حقيقية، وبغض النظر عن الانتماءات المذهبية والدينية والطائفية والسياسية والتحليلات الاستراتيجية لمآل الفعل وما سينتج عنه، يجد المتأمل والناظر في وضع غزة بما كانت عليه من قمقم الحصار وما آلت إليه من انفجار هذا القمقم حدثا فريدا وإبداعا عالي المستوى على جانب المأساة، يكاد هذا الحدث يأخذ الأضواء و يلقي بظلاله على كل الأحداث القمعية التي تقوم بها السلطات الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني، والتي تجرده من حقوق إنسانيته، وذلك بسبب ما نتج عنه هذا الحدث من صدى عالمي تابعته وسائل الإعلام العالمية بشغف عالٍ، إن هذا الحدث هو خروج من أسر الدعاية الإسرائيلية التي تلح على القضية الأمنية وهاجسها العالي التوتر تجاه حماس إلى التركيز على القضية الإنسانية التي يعاني منها أهل غزة، إن السيناريوهات التي كانت متوقعة من قبل السلطات الإسرائيلية هو مزيد من القمع ومزيد من القتل تجاه أهل غزة وتركيز على الجوانب الإرهابية في هذا الشعب الغزي، ولكن ما حدث هو كسر إبداعي لهذا التوقع، هو أن أهل غزة حولوا هذا الحصار إلى حالة من النصر يكاد يجمع عليها الصديق والعدو، وبالتالي أدت هذه الحالة إلى شد الأنظار إليها من كل أنحاء العالم، فالحدث ألقى بظلاله على وسائل الإعلام بشكل صارخ، وبشكل جعل من حكومة إسرائيل أفضل نموذج لتهديم الإنسان وحقوقه. وهذا ما جعل الحدث على بساطته إبداعا يكاد يشكل نصرا في وجهة نظر كلا الطرفين، ففي الوجهة الغزية يعتبر البقاء على قيد الحياة ومجرد التنفس و الاستيقاظ والنوم والذهاب إلى العمل نصراً على الجيش الإسرائيلي، ولهذا يهتم أهل غزة في الوقت الحاضر بشكل كبير بالتكاثر في الولادة، وبهذا هم يريدون إرسال رسالة للعالم هي أننا هنا ونتحدى الموت. في المقابل نجد أن السلطات الإسرائيلية وقعت في خيبة أمل لما كانت تتوقعه من هذا الحصار الذي يراد منه كسر إرادة الحياة و قبول الموت والتركيع. وهذا يعيدنا في الحقيقة إلى ما حصل في سنة 2006 في الحرب الإسرائيلية على جنوب لبنان، حيث أجمع الطرفان ورأى الفريقان - حسبما أظهرته وسائل الإعلام - أن المنتصر في هذا الحرب إنما كان حزب الله. في جهة حزب الله كانت الرؤية تعتمد على مجرد التحدي للجيش الإسرائيلي والحفاظ على الحدود كما كانت عليه قبل الحرب، ومن جهة الجيش الإسرائيلي تتمحور الخسارة في عدم تحقيق تقدم على الأرض و كسر سمعة الجيش. وهنا تأتي نسبية النصر المتفق عليه بين الطرفين مع اختلافهما في مفهوم النصر، ولكن المخيف في الأمر أن هذه النسبية متأرجحة زمنياً حسب قوة وضعف الطرفين، والملاحظ أن قوة الجانب الإسرائيلي تكبر مقابل الحصار السياسي والاقتصادي والاجتماعي للجانب العربي المقاوم لهذا الاحتلال. وهذا ما يمكن ملاحظته قبل سنوات من نسبية هذا النصر، حيث كانت وجهة النظر الفلسطينية قبل سنوات تقوم على كمية العمليات التفجيرية التي تحدث داخل حدود إسرائيل، ثم تناقص هذا الواقع إلى القدرة على المقاومة ثم التحدي بالبقاء على قيد الحياة والتكاثر. ولكن ماذا بعد؟

 

 

 التعليقات: 0

 مرات القراءة: 3649

 تاريخ النشر: 30/04/2008

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 759

: - عدد زوار اليوم

7401487

: - عدد الزوار الكلي
[ 65 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan