::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> مساحة حرة

 

 

الطلاق: رؤية مقاصديـة عند الإمام (محمد عبده)...

بقلم : الأستاذ علاء الدين آل رشي  

 

الطلاق:
رؤية قرآنية مقاصدية عند الإمام محمد عبده...
 
الإمام محمد عبده
 
مازلت متأثراً بالرواية الرائدة الرائعة (لم يهزمني لكنه بقي وحيداً) حبكة واقعية تمتاز برشاقة أسلوبية، ولغة وإبداع، ونكهة أنثوية عاشقة مظلومة، وقد توقفت عند عبارة المؤلفة الدكتورة زيزيت عبد الجبار الروائية الطبيبة المبدعة بامتياز وهي تصف الطلاق بأحرفه :
-        طاء: طوق العبودية الذي يلبسك إياه المجتمع .
-        لام: لام الذل التي تختال بينهما وتنهش كبرياءك وتلصق بك تهمة أنت بريء منها.
-        ألف: ألف السيف الذي يقتل روحك.
-        قاف: قطع حبلك السري عن الحياة الطبيعية.
 
ولعل إدراك الإمام محمد عبده للأذى المعنوي الذي يلحق بكل من الرجل والمرأة جراء الطلاق دفع به لأن يثني على تلك الأمنية الطيبة عند بعض أهل الشرائع من استدامة عقد الزواج مدى الحياة فيقول:
(إن من أماني الأمم الصالحة أن تكون عقدة الزواج عندها عقدة لا تنحل إلا بالموت)،ومع هذا التنويه إلا أنه يقول: (مما تجب مراعاته أن الصبر على عشرة من لا يمكن معاشرته أمر فوق طاقة البشر)[1].
ومن ثم نجده يرحمه الله تعالى يصرح بأنه (لا يجمل فينا أن ننتظر ذلك الزمان الذي يبلغ فيه النساء بالتربية والتهذيب، ما يملأ قلوب الرجال من توقيرهن واحترامهن, بل يجب على كل من يهتم بشأن أمته أن ينظر في الطرق التي يخفف من مضار الطلاق)[2].
ـ ترى كيف ينظر الإمام محمد عبده إلى فض العلاقة (الزوجية) المقدسة وحل عقدة التشابك الروحي والشعوري والعقلي وتصفية شراكة الزواج؟!
وأطل صوت الأزهري محمد         يفري التراث لكي يميز أصيلا:
يا من يحقق للكرى مخطوطة           أشقيت قومك إذ سكنت طلولا
ارفع جبينك للسماء معانقاً              ألم الأنـام تحقق المأمـولا
ارفع جبينك للسماء محلقاً               تكشف لنا المستقبل المجهولا
إن المحقق من يشق يراعه                  كبد الظلام ولا يهاب قتولا
ليس المحقق من أجاد هوامشاً            وحواشياً تدع البصير كليلا
يرى الإمام محمد عبده أن اللائق بالعقلاء أن ينظروا (في الطرق التي تخفف من مضار الطلاق)[3] ولذلك نجد الشيخ الإمام محمد عبده ينقد الواقع الجاهل والمستعجل، والمستهتر في الطلاق ويخالف المشهور في كتب الفقه ويؤكد على ترابط الحكم الشرعي بمقاصد الدين من حفظ الحقوق والرحمة وإقامة العدل:
(نحن في زمان أَلفَ رجال فيه الهذر بألفاظ الطلاق, فجعلوا عصم نسائهم كأنها لعب في أيديهم يتصرفون فيها كيف يشاؤون ولا يرعون للشرع حرمة ولا للعشرة حقا).[4]
في إطار مقاصد الشريعة، لماذا أحل الله سبحانه وتعالى الطلاق؟ ولماذا جعله أبغض الحلال؟
الزواج نموذج حي لمؤسسة إسلامية يستهدف الإجابة على مشكلة جوهرية: كيف يوفق الإنسان بين تطلعاته وأشواقه الروحية وبين حاجاته المادية، وكيف يحافظ على العفة دون أن يتخلى عن الحب.[5]
تقوم فلسفة تشريع الطلاق على سنة حياتية فطرية واقعية إذ ليس من الضروري كما يذكر د.يوسف القرضاوي: أن ينجح كل زواج، قد يتزوج الإنسان وقد يظن أن هذا الزواج قد ينجح ويوفق، ولكن يتبين عكس ذلك، قد يكون هناك :
§       خلاف في الطبائع أو العادات أو التقاليد أو المفاهيم.
§        قد تدخل منغصات شتى على الحياة الزوجية فتحيلها لجحيم لا يطاق.
إذا لم يشرع الطلاق في هذه الحالة ستكون النتيجة أن يعيش الإنسان مع من يكره، ويكبت غيظه، وهذه ليست حياة، قد يستمر ذلك لسنة أو اثنتان ولكن من المستحيل أن يستمر طول العمر. قد قال حكيم قديماً (إن من أعظم البلايا مصاحبة من لا يوافقك ولا يفارقك)، وعبر عن ذلك الشاعر الكبير أبو الطيب المتنبي وقال :
ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى          عدواً له ما من صداقته بدُّ[6]
ومن هذه المنطق التفسيري لمشروعية الطلاق نلاحظ أن الإمام محمد عبده لايجيز فكرة الزواج الذي لا انفكاك فيه أو منه لأنها فوق طاقة البشر، ولكنه ومع هذا ينهى عن الاستخدام التعسفي لفكرة الطلاق لأن الطلاق حلال مقيد بشروط حيث يقول:
(إن إباحة الطلاق بدون قيد لا تخلو من ضرر، ولكنه من المضرات التي لا يستغنى عنها ويكفي لتسويغه أن منافعه تزيد عن مضاره، فإن كل نظام لا يخلو من ضرر والكمال التام في هذه الدنيا أمر غير مستطاع) [7].ويتشدد الشيخ محمد عبده في تبيان ماهية الطلاق وعواقبه فيصرح محذراً من الاستخفاف في إيقاعه:
(الطلاق عمل شرعي يترتب عليه ضياع حقوق وإنشاء حقوق جديدة، والاستخفاف به إلى هذا الحد أمر يدهش حقيقة كل من له إلمام ولو سطحي بالوظيفة السامية التي تؤديها الشرائع في العالم.)[8].
والعلم ليس مدارساً ومناضداً             تروي القديم وتحفظ المنقولا
علم بلا فكر وتجربة معا                      كغثاء وديان يسد مسيلا
قل للذي حسب الدروس رواية          حفظ المتون وردد التسجيلا
إن المحاضر مبدع متحرر                   كشف الخبيء وعلم المجهولا
بلوى الديانة من حفيظ قاعد               لم يدر أحداثا غدون شكولا
من يجهل الدنيا وأحوال الورى                لن يفقه التحريم والتحليلا
لا تحفظوا تلك المتون بل احفظوا             متن الحياة لتفهموا التنزيلا [9]
ـ يعرف الإمام محمد عبده الطلاق بأنه: (عمل يقصد به رفع قيد الزواج).[10]وقد تبعه الفيلسوف عباس محمود العقاد واصفاً الطلاق بأنه: (قسوة مكروهة)[11].ونجد الصياغة الفقهية كما جاءت على لسان الإمام القرضاوي تؤكد: (أن الأصل في الطلاق الحظر، وإنما أبيح لحاجة وضرورة أو دفع ما هو أشد منه، فهو ارتكاب أخف الضررين وأهون الشرين، الطلاق شر والبقاء في عشرة غير مجدية وغير محببة ضرر أكبر وأطول. فهو ليس حلاً على الإطلاق، فإن الله عز وجل جعل التفريق بين المرء وزوجه من عمل السحرة الكفرة يقول تعالى: ((فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه)) فهذا يعتبر من الكبائر وجاء في الحديث، أن إبليس - لعنه الله - يجمع جنوده ويسألهم كل يوم عن حصيلة المكايد الشيطانية، فيقول أحدهم ظللت وراءه حتى شرب الخمر، فيقول يوشك أن يتوب ويتركه، ويقول آخر ظللت وراءه حتى لعب القمار، فيقول يوشك أن يتوب ويتركه، وآخر يقول ظللت وراءه حتى طلق امرأته، فيقول له أنت أنت ويضع على رأسه التاج. لأن وراء هذا آثار كبيرة وخطيرة وانهيار وتفكك وتشرد أسرة. من أجل هذا لا ينبغي للمسلم أن يلجأ للطلاق إلا مضطراً، فإن اضطر فهذا حكم الله)[12] .
وقد استمر علماء الاعتدال وفقه الوسطية في تأصيل ربط الحكم الشرعي (الطلاق) بمقاصد الدين في رعاية الحقوق والرحمة بالخلق وقد رأينا أن الإمام القرضاوي (يرجح الاستمرار في التضييق في إيقاع الطلاق) [13]. معللاً بأنه علينا أن نبقي على الأسرة ولا نهدمها لأول وهلة أو نزوة، وهذا من حكم التشريع.
 
وفي نقد علمي وتصريح مباشر يقول الإمام يوسف القرضاوي: أنا ممن يضيقون على مسألة الطلاق، هناك من يوسع في إيقاع الطلاق، فهناك من:
1-يوقع الطلاق المكره.
2- هناك من يوقع طلاق السكران.
3- البعض يعتبر إيقاع طلاقه عقاباً له، ولكننا بهذا نعاقب الأسرة وليس عقاباً له وحده، فأنا مع سيدنا عثمان بن عفان والتابعين له الذين قالوا بعدم وقوع طلاق السكران.
4- هناك من يوقع طلاق الغضبان، ولكني مع الذين لا يوقعون طلاق الغضبان.
5-هناك من يوقع الطلاق الهازل، المذاهب الأربعة توقعه ويرددون حديثاً (ثلاث جدهن جد وهزلهن جد، الطلاق والنكاح و الرجعة) ولكن هذا الحديث قال ابن يقظان إن راويه مجهول ولا يبلغ أن يكون حديث يثنى عليه.
 قاعدة : (أن نعامل الهزل معاملة الجد) قد يقع هذا قضاءاً، إنما بينه وبين الله في رأيي لا يقع، كما لا يقع الخطأ ((وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم))، "إن الله وضع عن هذه الأمة الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه".
6-الإمام البخاري في صحيحه لا يوقع الطلاق في هذه الحالات ويروي كلمة عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما (إنما الطلاق عن وطر) أي عن حاجة، فالإنسان لابد أن يكون له هدف وحاجة ونية عن الطلاق، كذلك ما ذكره ابن تيمية وابن القيم من أن الطلاق الذي يراد به اليمين كأن يقول: (علي الطلاق..) وقد يكون الخلاف بين الرجل وآخر في مكان ما ويجد نفسه وقد وقع الطلاق، أنا لا أوقع هذا الطلاق، أو كذلك طلاق المعلق ويراد به التهديد.
7-الكثير يفتي بمذهب ابن تيمية بعدم وقوع الطلاق، إنما فيه كفارة يمين، مثل تحريم الحلال، كما قال تعالى: ((لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك)) ثم قال: ((قد فرض الله لكم أيمانكم))، وهذا يرجح أن تحريم الحلال فيه كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، ولا تعتبر المرأة طالق.
8-أنا من أنصار التضييق في إيقاع الطلاق، كذلك الذي يطلق بالثلاث، البعض يوقعه، وأنا لا أوقعه،[14] وهذا من أسباب زيادة الطلاق، إن مثل هذه الطلاقات تقع، ولكي يراجعها لابد من محلل، وهذا فيه مشكلة، ففي كثير من الأحاديث صححها كثير من العلماء "لعن الله المحلل والمحلل له" واعتبر كالتيس المستعار، فهذا توسع في إطار الطلاق أدت لزيادة ضحايا الطلاق، القرآن جعل الطلاق مرة بعد مرة، فقال: ((الطلاق مرتان، فإمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان))، أعطى للإنسان فرصته، كذلك ما حدث أيام سيدنا عمر رضي الله عنه أن الطلاق إذا كان بثلاث لفظات أو في جلسة واحدة، يقع مرة واحدة، فكان هذا في عصر النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وفي خلافة عمر أوقعه لعقوبة الناس (هم استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أنا أمضيناه عليهم وفعل هذا) ولكن في نهاية عمره ندم على هذا، فهو قد جعلها عقوبة تعزيرية. فنحن مع المذهب الذي يضيق نطاق الطلاق، ونجد أن هذا هو اللائق بروح الإسلام ومبادئه في الحفاظ على الأسرة.
q لماذا كان الطلاق بيد الرجل ؟!
§هذا جزء من قوامة الرجل على الأسرة، قال الله تعالى: ((الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم))، فالزواج شركة لابد لها من مدير، فهل نتركها بدون إدارة ورئاسة؟ هل نعمل لها سلطتان متكافئتان؟ لا يصلح هذا.. هل نجعل المرأة هي صاحبة السلطة؟ لا الرجل أولى، لعدة أسباب أهمها: إن الرجل هو الذي ينفق على الأسرة وعلى تأسيسها ودوامها، يدفع مهراً ويؤسس بيتاً، فإذا حاول أن يهدم هذه الأسرة، ستهدم على أم رأسه، من أجل هذا أعطى الرجل حق الطلاق.
 ماذا أعطيت المرأة من حق في مقابل الطلاق : يقول الإمام محمد عبده : لا يصح في الحق أن شريعة سمحاء كشريعتنا تسلب المرأة جميع الوسائل التي تبيح لها التخلص من زوج لا تستطيع المعيشة معه, ولكل امرأة تتزوج أن تشترط في أن يكون لها الحق في أن تطلق نفسها متى شاءت أو تحت شرط من الشروط, وهو شرط مقبول في جميع المذاهب[15].
ü من خصوصيات التشريع الإسلامي للمرأة :
هذا وقد منح الشرع المرأة عدة أشياء منها في مقابل حق الرجل بأن يكون الطلاق بيده:
1-الخلع: تخلع نفسها من الرجل أو بتعبير القرآن تفدي نفسها منه ((فلا جناح عليها فيم افتدت به)) كما قالت امرأة جاءت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت له عن زوجها، إني لا أعتب عليه في خلق ولا في دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال لها: أتردين عليه حديقته (كان مهرا أعطاها إياه) قالت نعم، فقال له: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة. فالخلع طلاق بائن وليس بينونة كبرى، ويجوز الرجوع برضاها، ولا يجوز له أن يراجعها بعدما دفعت،
2- التحكيم: ((وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها، إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما))، والفقهاء مختلفون هل هذا الحكمان وكيلان أم هما حكمان، والقول الصحيح أنه حكيمان، وهذا ما جاء عن الصحابة وقد قيل لهما إن شئتما أن تجمعا فاجمعا، وإن شئتما أن تفرقا ففرقا، أعطي لهما الحق، فهذه وسيلة مهمة، وحكماً من أهله وأهلها ليبقى الخلاف في نطاق الأسرة، فالحياة أسرار ولا ينبغي أن تصبح مضغة في الأفواه، الناس تلوكها هنا وهناك ويحافظ على الأمور السرية في هذا. .
3- الطلاق في يد القاضي: الزوجة تلجأ للقاضي، وإن ثبت الضرر، القاضي يجبر الزوج على التطليق، أما إن كانت كارهة فتدفع له، أما إن كان هو الكاره لا يجوز أن يطالبها بشيء لقوله تعالى: ((وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً، أتأخذونه بهتاناً وإثماً مبيناً، كيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض، وأخذن منكم ميثاقاً غليظا)ً).. إذا كنت تريد أن تتزوج أخرى أتريد أن تدفع الأولى الثمن؟ هذا لا يجوز، إنما إذا آذاها وأساء عشرتها وشكت للقاضي فالقاضي من حقه أن يجبره على الطلاق، والقاضي يطلق لأمور كثيرة منها الإعسار في المهر (إذا كان المهر مؤجلاً)، الإعسار في النفقة، أي إذا لم ينفق عليها، الغيبة الطويلة عنها، ولو ضربها وآذاها، هناك أشياء تجعل للقاضي الحق في تطليقها.
4-العصمة بيدها: هذا يكون شرط يدون ضمن شروط الزواج، فبعض المذاهب تجيز هذا، وبهذا يكون لها الحرية أن تطلق الرجل متى شاءت، إنما أيضاً ليس لها أن تطلق نفسها دون مبرر، لأن هذه المؤسسة الزوجية التي سمى الله الرباط فيها ميثاقاً غليظاً، لا يجوز هدمها إلا عند تضييق السبل.
ü الطلاق نظام عند الشيخ الإمام :
اجتهد الإمام في رفض إيقاع الطلاق بمجرد التلفظ به فهو يوجب أن يفهم بأن (الطلاق إنما هو عمل يقصد به رفع قيد الزواج وهذا يفترض حتماً وجود نية حقيقية عند الزوج وإرادة واضحة في أنه يريد الانفصال عن زوجته, وليس مجرد التلفظ بحروفه).[16]
فالإمام يلغي التلفظ غير المبني على نية حقيقية في الانفصال غير المقرون بالإرادة. وهذا من فقه الإمام محمد عبده وإلمامه بحكم التشريع التي جاءت لصيانة مصالح الناس والدفاع عن كراماتهم ...
ïإن أرادت الحكومة أن تفعل خيراً للأمة فعليها أن تضع نظاماً للطلاق على الوجه الآتي:
§       المادة الأولى: المثول بين يدي القاضي:
كل زوج يريد أن يطلق زوجته, فعليه أن يحضر أمام القاضي الشرعي أو المأذون ويخبره بالشقاق الذي بينه وبين زوجته.
§       المادة الثانية: القاضي يأمر بالتروي لأسبوع:
يجب على القاضي أو المأذون أن يرشد الزوج إلى ما ورد في الكتاب والسنة مما يدل على أن الطلاق ممقوت عند الله تعالى, ويأمره أن يتروى لمدة أسبوع.
§       المادة الثالثة: الحكمان المصلحان:
 إذا أصر الزوج بعد مضي الأسبوع على نية الطلاق, فعلى القاضي أو المأذون أن يبعث حكماً من أهل الزوج وحكماً من أهل الزوجة أو عدلين من الأجانب ليصلحا بينهما.
§       المادة الرابعة: الحكمان يقدمان تقريراً للقاضي:
إذا لم ينجح الحكمان في الإصلاح فعليهما أن يقدما تقريراً للقاضي وعند ذلك يأذن القاضي للزوج في الطلاق.
§       المادة الخامسة: لا طلاق دون شهود وبوثيقة رسمية:
 لا يصح الطلاق إلا إذا وقع أمام القاضي أو المأذون وبحضور شاهدين ولا يقبل إثباته إلا بوثيقة رسمية[17]
إن مدرسة الإمام محمد عبده إذ تقيد الطلاق بهذه البنود تجعل من الأسرة حصناً لا يسقط أمام طيش أو نزق البعض وبهذا يتحقق مقصد الشرع الحكيم في أن الدين رحمة الرحمن وأن الشرع خادم للإنسان وصلى الله على نبينا الكريم محمد الذي قال "أكلفوا من الدين ما تطيقون" ونحمدك يا ربنا الذي قلت: ((يريد الله بكم اليسر ولايريد بكم العسر))
ü إن الشيخ الإمام محمد عبده يعد من أوائل من أسسوا علم الإناسة الوحياني الذي يشكل عمارة العلم المتعالي: الإنسان موجود واع عالم مخير صاحب إرادة وقدرة على الاختيار، وبذلك نحرر الفقه من أي اسر لصالح التجهيل أو التغفيل ويكون الدين ليس دكاناً وليس ديناميتاً وإنما هو شرع جاء في مبتغاه ليقول:
الإنسان أولاً ((وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)) ..
  

[1] الأعمال الكاملة ص114 ح/2.
[2]الأعمال الكاملة ص124.ج 2
[3]الأعمال الكاملة ص124.ج 2
[4]الأعمال الكاملة ص124.ج 2
[5]) ) ا). تفسير غير عربي للإسلام والحضارة والإنسان – من روائع أفكار رواد الإصلاح والتغيير في العالم الإسلامي – ( روائع أفكار علي عزت بيجوفيتش ) رشا باكير . مركز الناقد الثقافي دمشق
[6]موقع الجزيرة .
[7]الأعمال الكاملة ص116.ج 2
[8]الأعمال الكاملة ص121.ج 2
[9] طيف محمد عبده للدكتور أبو بلال عبد الله الحامد. يصدر قريبا عن مركز الناقد الثقافي 
[10]الأعمال الكاملة ص121.ج 2
[11]المرأة في القرآن ص 95 .
[12]موقع الجزيرة .
[13]المرأة في القرآن ص 95 .
[14] ولايقع الطلاق عند الإمام محمد عبده لابد من توافر شرطين: ( النية ، وإرادة الانفصال ). وليس مجرد التلفظ .ويرى الكثير من فقهاء الوسطية أنه لم يثبت الإجماع على أن ثلاث طلقات في مجلس واحد تقع ، لأنه كما يذكر الإمام القرضاوي (هناك في كل عصر من العصور من خالف هذه القضية، ويكفي أننا نرجع في هذه القضية إلى ما كان عليه الحال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر وفي صدر من خلافة عمر نفسه، وهذا يضيع مقاصد الطلاق التي جاء بها القرآن، القرآن جعل الطلاق مرة بعد مرة، فأجعله في لفظة واحدة؟ كأني أهدرت القرآن. فأي إجماع هذا الذي يخالف صريح القرآن وما يقصد القرآن.إن سيدنا عمر رضي الله عنه فعل هذا عقوبة تعزيرية، وهذه العقوبات، والعقوبات التعزيرية في الإسلام ليست عقوبة دائمة والأحكام في الإسلام نوعان، هناك أحكام لها صفة الدوام، وأخرى لها صفة التغير، والتعزيرات متغيرة أي لها صفة التغير، وتختلف باختلاف الزمان، وروى الحافظ الإسماعيلي في سنده عن سيدنا عمر رضي الله عنه أنه في آخر حياته ندم عليها، فالقرآن يترك لنا المجال، الطلاق مرة بعد مرة الطلاق مرتان، الطلاق الذي يجوز معه الرجعة، إلا الطلاق على مال والطلاق قبل الدخول، فالمطلقة قبل الدخول طلاقها بائن ولا عدة عليها.
[15]الأعمال الكاملة ص125 ح2.    
[16]الأعمال الكاملة ص121 ح/2.
[17] الأعمال الكاملة ص123 ح2.

 التعليقات: 3

 مرات القراءة: 8185

 تاريخ النشر: 28/10/2010

2010-11-12

غسان

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم .....إن الشيخ الإمام محمد عبده رحمه الله اجتهد.... ولكل مجتهد نصيب ...وعنده دلائل...و الفتاوى التي أصدرها تأملوا فيها تجدوها مستنبطة من رحمة الإسلام بالناس حيث أنه دين رحمة والرسول عليه الصلاة والسلام لم يرسله ربه عز و جل إلا رحمة للعالمين وللحفاظ على الحياة الزوجية وعدم التفكك و التفريق و تشرد الأولاد للحكم بالطلاق السريع.... أعجبت به كثيرا رحمه الله تعالى.

 
2010-11-04

سلطان

هل يوافقك علماء الشام فيما ذهبت إليه من أفكار الشيخ محمد عبده ؟؟ من من علماء الشام يحمل هذه الأفكار ؟

 
2010-10-28

غسان

كلام فيه وعي كبير جداً ............. الحمد لله الذي هيأ من أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من كان رحيماً بالناس و شفوقاً عليهم في أهم نقاط حياتهم ........رحمك الله يا إمام الدنيا وجزاك الله خيرا ً على هذه التوعية الكبيرة التي تصلح أكثر بيوتات المسلمين إن لم نقل كلها...........شكراً جزيلاً للأستاذ المحترم علاء الدين آل رشي

 

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 723

: - عدد زوار اليوم

7395623

: - عدد الزوار الكلي
[ 64 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan