::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> أقلام نسائية

 

 

الــــطّــلاق

بقلم : آلاء محمد خالد الخطيب  

 

عندما تُغيّب شمس الشريعة وتنتكس الفطر لا بدّ من شيوع الفساد فيُدمّر الأسر،ولشدّة هذه الأمواج المتلاطمة والرياح العاتية التي تعصف بمجتمعنا أصبح من المألوف أن نرى الانحلال الخلقي وما يخلّفه من جور وضياع في هذه الأمة،وفي ظلّ هذا الانحلال والضياع لا بدّ من انتشار الظلم والفساد فها هي أروقة المحاكم تعجّ بمعاملات الطلاق والخلع فأضحى من اليسير أن يطلق الزوج زوجته أو أن تخالع الزوجة زوجها ونسينا بأنّ الطلاق هو أبغض الحلال إلى الله وما لهذه الكلمة من عواقب وخيمة على كلا الزوجين،إلاّ أننا للأسف أمسينا نرى كلمة الطلاق باتت ألعوبة بيد الناس فمن أيسر الأمور أن يلفظ الزوج بكلمة الطلاق لا بل ويستخدمها فاصلةً بين جملتين!!!

احذر لسانكَ أيّها الإنسانُ     لا يلدغنّك إنّه ثعبانُ

وأمست الزوجة لا تأبه لأي عواقب سيخلّفها ذلك الخلع لها!!

ربما تختلف وجهات نظر الناس في الطلاق ولكن مما لا شك فيه ولا اختلاف أنّ الانحلال الخُلقي والفقر الديني سببان أساسيان لكثرة وقوع الطلاق،فإذا كان كل من الرجل والمرأة قد تزوج وهو لا يعلم ما الحقوق الواجبة عليه ولكنه عني بجمع وحفظ الحقوق الواجبة له فقط،وما حجم الكوارث التي يشكّلها الطلاق،وما ميزان هذه الكلمة في الشرع لا بدّ من حدوث الطلاق وإنهاء الطريق الذي لم يرَ نور البداية بعد،أليس من الواجب على كل رجل وامرأة أرادا الشروع في حياة جديدة مشتركة وبناء أسرة على أسس سليمة متينة أن يعلما الحقوق والواجبات التي فرضها الشرع والتنازلات التي تتطلبها الحياة؟؟    

أم أننا أصبحنا نقول في عقد الزواج على سنة الله ورسوله ولا نأبه لعظيم خطر هذه الكلمة!!

ربما عندما ابتعدنا عن خالقنا فأصبحنا نعصي الله ولا نخاف من عقابه ونقمته سَهُل علينا الظلم فلم يعد هناك من زوج يخاف الله في زوجته أو زوجة تخاف الله وتتقيه في زوجها،فإذا لم يعد لدينا خوف ومراقبة لله تعالى في أنفسنا فهل سيكون هناك خوف ومراقبة له سبحانه وتعالى في أزواجنا؟!!!

من هنا كانت الكارثة والطامة الكبرى فإذا اندثر الوازع الديني من النفوس وقلّ ماء الحياء من الوجوه أبشر بفساد اجتماعي وتفكك أسري فها هي النفوس تعاني من شحٍ ديني في الفطر حتى أورث هذا الفقر الديني انحلالاً أخلاقياً أعقبه انحلال فكري،فأمسينا نرى الزوجة تخرج مع زميلها والزوج يخرج مع زميلته،وكل منهما انشغل بنفسه ونسي ما عليه حتى أصبحت الغيرة معدومة لدى كل من الزوجين على الآخر فانتشرت الدياثة والزنى إلى أن أمسى كل من الزوجين يكره الآخر ويسعى للتخلّص منه في أسرع وقت ممكن،وازدحمت المحاكم بقضايا الخلع والطلاق كل ذلك كان نتيجة عدم استيعاب الآخر وفهمه وعدم التضحية من قبل الزوجين؛لأن الأهداف معدومة فليس هناك من غاية منشودة تستحق التضحية

خلق الله للمعالي أناسا       وأناساً لقصعة وثريد

فبات الشباب لا ينظر إلى الزواج إلاّ نظرة دونية ونسي الغاية الأسمى والهدف الأنبل وهو بناء أجيال مثقفة واعية تعمل جاهدة لاستعادة عزها ومجدها وإعلاء راية إسلامها لتصل إلى القمة فلا تُسلب حقوقها ولا تُغتصب ثرواتها ولا يُقتّل أبناؤها فتحقق العدل وتنشره عندها تكون قد حققت ما أراده الله منها وهو خلافة الأرض وبناؤها

((وإذ قال ربّك للملائكة إنّي جاعلٌ في الأرض خليفة))

ليت الشباب يدرك أهمية الزواج ومسؤولياته الجسيمة وأيّ ضعف سيضيفه إلى مجتمعه إذا فشل وبأيّ منظور سينظر له؟؟فإذا وقع الطلاق كيف ستكون نظرة المجتمع للمطلقين؟؟فمن المؤسف أن أقول إنّ مجتمعنا لا يرحم المطلقين وينظر لهم نظرة دونية،لا أعلم من أين جاء هذا الفهم الخاطئ ولكن الذي يبعث على الحزن هو أن لا يأبه الناس لهذا الواقع المر ويمضون قدماً في الطلاق،وعلى كل حال سواء وقع الطلاق لكونه الخيار الوحيد أو لجهل كل من الزوجين هل يحق لنا أن ننظر للمطلقين نظرة دونية؟كيف ذلك!!هل يحق لنا أن نحرم الناس من حقوقهم إذا طُلقوا؟!

لا بدّ من إعادة النظر في ذلك وإلاّ فلن نصل إلى مجتمع متعايش يحب بعضه بعضاً،ولا بدّ من نشر الوعي الديني والخلقي بين الناس ليعلم كل منّا ما له وما عليه عندها سنبني أجيالاً وأمماً ونكوّن حضارةً تستضيء بنور قرآنها وسنّة نبيّها فتعلو ولا يُعلى عليها وتمرض ولكن لا تموت فهي شروقٌ لا غروب

                                                          

    

 التعليقات: 0

 مرات القراءة: 2760

 تاريخ النشر: 23/02/2008

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 1052

: - عدد زوار اليوم

7459563

: - عدد الزوار الكلي
[ 52 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan