::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> ضيف وحوار

 

 

حوار مع الأستاذ الدكتور محمد حسان الطيان

بقلم : ريما محمد أنيس الحكيم  

حوار مع الأستاذ الدكتور محمد حسان الطيان

أجرى الحوار : ريما محمد أنيس الحكيم

أ. د. محمد حسان الطيان ( عضو مجمع اللغة العربية في دمشق ) .

 أهلاً بك في موقع رسالتي

ويسرنا أن نلتقي بخبرة لغوية وأدبية للإفادة من آرائك وتصوراتك والاطلاع على تجربتك التعليمية وأداء رسالتك العظيمة...

 

أهلاً بكم وبموقع رسالتي الذي نحب ونشجع .

 

رسالتي - إن من واجب الدعوة تقديم صورة نموذجية للعمل الإسلامي، لتكون الميزان الذي يقيس به الناس غيرها في الساحة، فهل يمكننا اعتبار النورسي مثالاً، وهل يعد تقديمنا له من باب تقديم صورة لهؤلاء المجددين؟

 

أنا لا أشك في هذا، فقد كان النورسي داعية وقدوة ومثالاً يُحتذى بين الدعاة، كان من النوع الذي لم يجلس راهباً في محرابه فقط بل انطلق للدعوة بكل ما تعنيه الدعوة، حتى وصل إلى حد الجهاد في سبيل الله وأوذي وعُذِّب وسُجن وحُكم عليه بالإعدام من وراء جهاده في سبيل الله، ثم هو كان داعية يتطلع نحو إرساء دعائم الخلافة الإسلامية وإعادة النهضة الإسلامية، وبث روح الدعوة بين الناس، بث التفاؤل والأمل وإعادة إشاعة المحبة بين الناس، فدعوته تتضح من خلال الخطبة ومن خلال الرسائل النورانية،فقد كان يسير في طريق واضحة ومنهجية يريد فيها أن يدحض دعوات المبطلين ويثبت أركان الإسلام ودعائم الشريعة السمحاء في أذهان الناس، وينفي عنهم الإحباط واليأس ..

لأن هذه الدعوة والخلافة الإسلامية كانت في أواخر الخلافة العثمانية حين تألب عليها الناس من كل مكان، يهود الدونما من الداخل والغربيون من الخارج، وكانت شبه تحتضر آنذاك، فقد شعر الناس بظرف من القنوط عجيب، فبعث الله النورسي ليجدد روح الأمل في الأمة، تلك التي لا تُمحى، لكنها يمكن أن تخبو، فجاء النورسي ليكون خير مؤثر لبعثها من جديد ..

 

رسالتي - هناك مقولة : (( وقصيدة الانتصار أممية الأبيات، يضع كل شعبٍ مسلم حرفاً في قافيتها الموحدة .. )) .. ما هي رؤيتكم المستقبلية للحرف الذي يمكن أن يضعه الشعب التركي في تلك القافية بناء على فكر النورسي ؟؟

 

هذه المقولة تثبت أن الإسلام عالمي والعولمة التي أتت في عصرنا سبق إليها الإسلام، فهو دين عالمي لا يعرف عرقاً ولا شعباً، وتلخصه الآية الكريمة: ) يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ( فالمعول عليه في الإسلام هو التقوى والصلاح وصحة وصدق الطلب والإخلاص لله ..

الشعب التركي يمثل لبنة ويضع أكثر من حرف في هذه القافية في الواقع، لأنه شارك ويشارك وما زالت الدماء الإسلامية شرايين الأتراك ومن زعم غير ذلك لم يعرف الأتراك على حقيقتهم، فهم شعب مسلم إسلامه عزيز عليه، وقد رأيت مظاهر إسلامهم فقد زرت تركيا مرتين، وكنت كلما صليت في مسجد راعني هذا الإقبال العجيب في صلاتهم، كنت أشعر بهذه العاطفة المتأججة فيهم، فهم شعب يفدون الإسلام بأرواحهم ويتطلعون لعودته إلى ديارهم كما كان أول مرة ، فبنظري الشعب التركي يضع أكثر من حرف في هذه القافية الموحدة ..

 

رسالتي - إن تساءلنا بيننا وبين أنفسنا: (( أما كانت الخيالات والرؤى الحالمة هي مصدر التخطيط الناجح دائماً؟؟)).. كيف تجد تطبيق هذه الرؤية على واقع العمل الإسلامي في تركيا وارتباطه بالفكر النورسي الذي كان يقول: (( أنا أكتب للأجيال القادمة ما بعد 100 سنة )) بالنظر إلى قيام حكم إسلامي نابع من طلاب رسائل النور ، فـ أردوغان من طلاب رسائل النور ؟؟

 

تطبيق رؤى النورسي رائع جداً، ويبدو لي أنه كان ذكياً، فأن يصل على سدة الرئاسة رجل ملتزم دينياً شيء مذهل.. ولو سألت الناس قبل عشرة أعوام أكيد أنهم كانوا سيستبعدون أن يصل أثر من آثار الحكم الإسلامي أو الالتزام إلى الرئاسة خاصة بعد أن رأى الناس ما حل بأربكان الذي كنا نتطلع إليه بإعجاب وهو من الشخصيات التركية الإسلامية التي كانت تهز ضمائر المسلمين في كل مكان ومع ذلك أحيط بمؤامرات عدلته عن سدة رئاسة الوزراء فظن الناس أنه لن تقوم للإسلام قائمة بعد ذلك، ونرى الأمور الآن قد رجعت، وهذا هو الأسلوب الذي نحتاجه اليوم، الأسلوب السلمي، فالفكرة لا تحتاج لوصولها إلى عنف، بل تحتاج إلى تلاقح الأفكار، فهي تثبت نفسها في النهاية، أما استعمال العنف في هذا الميدان ما كان يزيد الفتنة إلا اشتعالاً ...

 

رسالتي - لماذا يصر الغرب على الديمقراطية كحل جوهري وجذري لمشكلات العالم العربي أو الشرق الأوسط؟ وإذا كان الدين لا إكراه فيه فكيف يكرهوننا على الديمقراطية؟ هذا إذا سلمنا بنقاء الديمقراطية من المخططات والمؤامرات التي تُحاك سراً وجهراً ..

 

سأجيبك من حيث انتهيت.. من يُسلم بنقاء ديمقراطية تستهدف أرواح الأبرياء، من يُسلم بنقاء ديمقراطية لا تُبقي ولا تذر، مئات الأرواح يومياً في العراق وأفغانستان، ديمقراطية إسرائيل هذه التي تحجب الناس وتحاصرهم في غزة وتحت النار والدمار، تحت المآسي والعذاب، هذه ليست ديمقراطية، وبات هذا الأمر مفضوحاً، حتى الغربي نفسه بات يشك في كل هذه الأمور التي يصدر منها إلينا، فهي كلمة جوفاء لا حقيقة لها، أشبه بطبل أجوف ..

من المفترض أن تسعى إلى سيادة الشعب وإرادته، أين الإرادة هذه التي سُحقت، أين السيادة هذه التي أُبيدت، أين الحرية هذه التي لم يبق منها ولا حتى رائحتها، فهذه كلها كلمات خادعة وكما قال الشاعر :

ألقاب مملكـةٍ في غـير موضعهـا          كالـهر يحكي انتفاخاً صولـة الأسد

فلا يكون الهر سبعاً، هذا كله كلم معسول، يريدون أن يكرهونا على شيء ليته كان صحيحاً، إذاً لقبلنا هذا الإكراه .. لكن ما أمهرهم في تصدير المصطلحات الطنانة والرنانة والتي هي في الواقع خاوية ..

 

رسالتي - كيف تنظرون إلى الواقع الإسلامي، وهل هناك مبشرات بالصحوة الإسلامية ؟

 

هذا واضح لكل ذي عينين، لا يشك إنسان فيه مسحة عقل أن الصحوة ليست قادمة، بل حادثة.. فنحن نراها بأم أعيننا وإن الإسلام بمده الكبير واضح في كل مكان، ونسأل الله أن يرعانا ويُلهم القادة والدعاة الطريق السديد الرشيد الذي لا يورطهم في كثير مما يراد لهم أن يتورطوا فيه، فأنا أعتقد أن الغرب اليوم حين يرى هذه الصحوة يريد أن يدينها من داخلها فهو يشجع كل ما كان منها عنيفاً ويوحي إليه سراً وجهراً أن يزيد من عنفه وتورطه وأن يزيد من هذه الصورة التي تبدو للناس غير حضارية لكي يبرزه للناس فيقول: انظروا إلى هذا الإسلام إنه كالغول المخيف، إنه إرهاب..  لكن حقيقة الأمر ليس كذلك ..

من هنا أدعو الله أن يُلهم الدعاة وكلُّ معني بأمر هذه الأمة أن يكون رشيداً في فكره سديداً في خطواته محاطاً بكل ما من شأنه أن يبرز الإسلام على وجهه الحضاري، أنا لا أدعو إلى وقف المقاومة المشروعة عندما يُنال من المسلمين كالمقاومة في فلسطين، فهذا أمر مشروع في كل العقائد والأنظمة وفي كل زمان ومكان، وهم يصورونه تصويراً خبيثاً لكي يعتموا واجهة الإسلام، أما في المناحي الأخرى ينبغي أن يتنبه الدعاة لعدم استعمال العنف لا سيما في بلد مسلم، كما يحدث الآن في المملكة، أفكر فيهم سبحان الله هؤلاء الذين يهاجمون أرواح الأبرياء كيف يلقون ربهم، أما مقاومة الاحتلال والاستيطان الإسرائيلي أمر مشروع وهو من الأعمال الإسلامية التي نفخر بها ..

رسالتي - شكراً لك دكتور حسان ، وأنت بالنسبة لطلاب العربية في الشام قدوة نافعة ، انتفع بعلمك الكثيرون ، وأثمرت جهودك العلمية وآراؤك اللغوية ثماراً طيبة .


 التعليقات: 3

 مرات القراءة: 3297

 تاريخ النشر: 10/03/2008

2008-03-11

توليب

أخ نائل .. لم تكن الخلافة الإسلامية في آخر زمن العثمانيين هي الخلافة التي نرتضيها .. ومعروف الفساد الذي انتشر في دعائمها وفي أخفى ثناياها .. والأستاذ لم يقل أن كل المسلمين من طلاب رسائل النور .. ولكن الذين وصلوا إلى سدة الحكم اليوم منهم .. وهذا يشهد للنورسي بدقة نظرته وبعدها المستقبلي ..

 
2008-03-10

نائل خميس

يقول الدكتور حسان:كان النورسي يتطلع نحو إرساء دعائم الخلافة الإسلامية وإعادة النهضة وهذا غير دقيق فقد ذكر الأستاذ قادر مصر أوغلو في كتابه السلطان عبد الحميد خان الثاني طبعة دار السبيل استنبول أن النورسي ومحمد عاكف و زهدي أفندي و حمدي يازر كانوا تألبوا على الخلافة وإسقاط السلطان عبد الحميد وقد اعتذر النورسي من ابنة السلطان. أقول وهذه الحادثة مشهورة في تركيا حتى عند تلاميذ النورسي ثانيا: الذين يتربعون على سدة الحكم اليوم هم تلاميذ أربكان ... وللعلم والفائدة : المسلمون في تركيا ليسو جميعا من طلاب النور ..

 
2008-03-10

دعاء الطيان

ملكنا فكان العفو منا سجية....ولما ملكتم سال بالدم أبطح وحللتم قتل الأسارى وطالما....غدونا عاى الأسرى نمنّ ونصفح فحسبكم هذا التفاوت بيننا....وكل إناءٍ بالذي فيه ينضح هذا هو الفارق بين الإسلام وأعدائه هذا مانحن عليه وهم كانوا ولازالوا عليه وشكرا للدكتور القدير كلامه الرائع والحفز أدامك الله لنا وللشام وللأسلام والمسلمين ذخراً

 

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 2087

: - عدد زوار اليوم

7406811

: - عدد الزوار الكلي
[ 55 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan