wwww.risalaty.net


حوار مع أمين فتوى دمشق الدكتور علاء الدين الزعتري


بقلم : ريما محمد أنيس الحكيم

د. علاء الدين الزعتري ( أمين الفتوى في وزارة الأوقاف ) .

على هامش ملتقى الحضارات أجرت الكاتبة ريما الحكيم هذا الحوار مع الدكتور علاء الدين الزعتري:

 

- ما هي الأهداف التي يسعى أن يصل إليها ملتقى كهذا في أمريكا؟

 

بعيداً عن خصوصية الملتقى، سأتحدث بشكلٍ عام، لأن أي لقاء ينفع الأمة وأي حوار يفيدها في حاضرها ومستقبلها، لا نتحدث عن خصوصية الزمان أو المكان بمقدار ما نتحدث عن مبدئية الحوار وأهمية الفكرة التي ينبغي أن تكون بها حياة الناس جميعاً انطلاقاً من قوله تعالى: ) يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا (  فهذا التعارف الذي كان شعار الملتقى هو الذي يغذي بالروح حياة الأمة ويجري الدم في عروقها، وقد دخل بعض اليأس إليها، والمعلوم أن اليأس داءٌ قاتل، والخروج منه يكون بالتواصل، قال تعالى: ) ولا تقنطوا من روح الله (، وإنما نتحدث عن هذا التواصل منع الشعوب لأننا لسنا ضد أي شعبٍ مسالم، أو شعبٍ يؤمن بالوحدة الإنسانية وبتعدد الثقافات وإنما المشكلة التي تكمن في الأمة العربية والإسلامية في الأدوات السياسية، فالولايات المتحدة الأمريكية كشعب هم شعبٌ مسالم صديق، لنا معهم حوارات، والمشكلة مع إدارته السياسية التي تتغير وتتلون حسب ما تريد الصهيونية العالمية، أو ما يسمى المسيحية المتصهينة، وبالتالي عندما نجد عدداً من المفكرين قادمين من جامعة أمريكية على بلاد الشام ويتم الحوار ليس فقط على المستوى الرسمي بالبريستيج العام، بل على مستوى طلاب الجامعة، فهذا الذي يعطي الانطباع الجيد من أن الأمل بالمستقبل مزدهر سواء كان بالشباب هنا في سورية أو هناك.. فالتواصل مطلوب والتعارف أمر شرعي ..

وبالتالي عندما نتحدث أن هذا ضمن الأسرة الإنسانية الواحدة، بعد التعارف أقدم ما عندي من خير، وأسمع ما عند الآخرين، كما قال الله تعالى ) وإنا وإياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين ( .. لم تصل لقاءاتنا بعد على درجة الحوار العقائدي وإنما هو الحوار الاجتماعي في العيش المشترك والوحدة الإنسانية فأهمية العدالة المطلقة في استقرار الشعوب، أهمية الأمن والاطمئنان والسلام في ربوع البلاد.

فالآن ليس زمن الحديث عن العقائد ولا زمن المناظرات والمجادلات حول أي العقائد أفضل. فإذا كان القرآن قد وصل في بيانه إلى جواز الوصول إلى المناظرة العقائدية، فنحن قبل هذا نتحاور ونتعارف في المسائل الاجتماعية، والمسائل الأكاديمية والجامعية، علنا في يوم من الأيام نصل على مثل تلك المنظرات التي نثبت فيها أحقية الإسلام في كيان الإنسان وأهمية الدين في حياة البشر..

 

- برأيك هل يمكن أن يقف هذا الملتقى في وجه سيطرة الإعلام الغربي على عقول المشاهدين، بما أنك تقول إن الخلل يكمن في الإدارات لا في الشعوب، لكن الشعوب لديها صورة مشوهة عن الإسلام بسبب الإعلام، فملتقى كهذا كيف يمكنه أن يقف في وجه سيل الإعلام الغربي؟؟

 

هنا ننساق للحديث عن خصوصية هذا الملتقى،وزمانه وتكرره، فنقول هذا جزء من فرض الكفاية المطلوب من المسمين بين الحين والآخر للتعريف بالإسلام ومدى نصاعته وجوهره وبياضه، لنقول للعالم أجمع هذا هو الدين، لماذا تريدون أن تأخذوه عبر وسائل الإعلام الفرعونية، لما لا تبحثون عن حقائق الأشياء بدل أن تكون الأشياء مأخوذة من صور؟ ( كما الإرهاب مثلاً ) هي صنيع الإدارة السياسية في أمريكا، وليست نابعة من الشعور الداخلي لدى كل مسلم، كما يصوره الغرب أنه صاحب كراهية أو حقد.. وإنما هذه الأشكال والصور الإعلامية عن المسلمين من صنيع الولايات المتحدة كسياسة وبالتالي خصوصية هذا الملتقى من فرض الكفاية بين الحين والآخر .. فنحن آمنا بقول رسول الله r : (( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه))

فإن كنا نحب السلام لأنفسنا فلنعرف الآخرين على الإسلام ولنقل لهم: هذا هو سلامنا، فأين سلامكم؟؟ ..

 

- ما رأيك بمن قال من مشايخنا أن لا يجوز لنا التعامل مع ملتقيات كهذا؟؟

 

دائماً ينبغي للمسلم أن ينظر نظرة استراتيجية بعيدة، فرسول الله r كان ينظر في أحلك الظروف ويقول: ستفتح لكم الشام، سيبلغ الإسلام ما بلغ الليل والنهار، كان دائماً يزرع الأمل في النفوس، والهجرة النبوية هي فاتحة أبواب الأمل للمسلمين في كل زمان ومكان، فيوم أن ضاق الأمر برسول الله r ، فمكة لا تستجيب له، والطائف قد طردته، وإذ بستة نفر في بيعة العقبة يستمعون في موسم الحج بحديث رسول الله r ويؤمنون به، هل كان من المتوقع أن هؤلاء الستة سيغيرون مجرى التاريخ ويبدأون بمسيرة بدأت بالهجرة وانتشر الإسلام من بعدها إلى العالم كله، عندما نتحدث في أمل صور الهجرة، هل كان من الظروف المادية يُعتقد سلامة رسول الله r عندما هاجر أم أن الأمل بإخلاص العمل هو الذي يدفعنا إلى أن نسلك ذات المسلك، فعندما نكون مع الله يكون الله معنا، وعلينا أن نأخذ بالأسباب ونبدأ في أول الأمر بصور الهجرة في صناعة الأمل  ..

عندما نتحدث عن صناعة الأمل نحضر هذه الملتقيات، أما إذا كنا نزيد من اليأس في النفوس فلنبتعد عنها ..

فنحن نؤمن بأمل أن تكون هذه الملتقيات وهذا التعارف هو الذي يؤسس لمرحلة قادمة ملؤها الخير والعدل والسلام ...