wwww.risalaty.net


هل نحن من الجيل الذي سيهزم الهزيمة ؟


بقلم : ريما محمد أنيس الحكيم

متى ستأتينا نوبة ( صحيـــان ) !!

 

قد لا يوافقني البعض في استخدامي لمصطلح ( النوبة ) في مقالتي هذه، لكنه يستخدم في اللغة الدارجة بمعنى: ( الشيء المتكرر الذي يحدث على فترات متباعدة ) .. وقد عدتُ إلى مختار الصحاح الذي يقول عن النوبة : " النوبة والنيابة بمعنى تقول جاءت نوبتك ونيابتك، وهم يتناوبون في الماء وغيره " ..

المهم ..

تجتاحنا في حياتنا العامة نوباتٌ متعددة، نوبات جنون .. نوبات حزن .. نوبات اكتئاب.. نوبات غباءٍ قاتل .. ونوبات صمت ..ونوبات خروج عن المألوف ..

وتؤثر تلك النوبات في عقولنا وأقلامنا وقلوبنا لتجعلنا عاجزين عن أي حركةٍ أو فعل يساهم في تحقيق تنميتنا أو الارتفاع بنا درجة واحدة في سلم التطور الحضاري العالمي ..

وحديثي الآن يتركز على نوبات الصمت .. لأنها الأكثر اجتياحاً لحياتنا المعاصرة ..

قد أكون مخطئةً في وجهة نظري .. وأنا مستعدة للنقاش، لكنني أرى نوبتين للصمت العربي غريبتين من نوعهما .. نوبتان في الصميم اجتاحتا حياتنا في هذا الوقت معاً، صمَّتا آذاننا عن سماع أي شيء، وأخرستانا عن النطق، وجعلتانا غير قادرين على فعل أي شيء يساهم في كسرهما، ووضعتا جداراً أمام أعيننا أعمانا عن رؤية أي حقيقة سوى الخوف والجبن والتبعية !!

 

تتركز النوبة الأولى في صمتنا نحو الرسوم الدنمركية التي طالت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزعمت أنها تهينه – وأكرر زعمت -، وقد استُثيرت مشاعرنا جراء هذه الرسوم وتوالى منا الرفض والاستنكار، ونددنا حتى شبعنا من الكلام، ثم ما لبثت أن اجتاحتنا نوبة الصمت، لنمارس هوايتنا المعتادة : الصمت !!

فصمتنا .. ولازلنا صامتين .. وسنبقى صامتين .. وسيستمر صمتنا حتى يرث الله الأرض ومن عليها فيعم الصمت الأكوان كلها !!!!

 

أما نوبة الصمت الثانية، فقد تسبب بها الصهاينة الحاقدون ، قتلة الأنبياء ، أحداث غـزة الحالية تُقطع القلوب، ومئات الجرحى والقتلى باتوا يمرون على شاشات التلفاز دون أن يؤثروا فينا أدنى تأثير .. والصواريخ التي تنزل في غـزة، تستهدف الضمير والعزة والسمو العربي، لكننا لا نشعر بوخزاتها في أجسامنا المخدرة ؟!! ..

تكلمنا عن غـزة في البداية، ورفضنا الأمر واستنكرنا (( وانظروا على أننا نستعمل صيغة الفعل – استنكر – بالزيادة ليدل على المبالغة في الإنكار )) ونددنا .. ثم صمتنا ..

كما حالنا منذ الأزل ..

صمتنا .. وسنبقى صامتين ..!!!

فإلامَ هذا الصمت المستمر ؟؟

ضجيج صمتنا يقلقني .. أشعر به في دواخلنا، بتنا نصمت لأدنى سبب، ونمارس الصمت مع أي أمر لا نستطيع رده لضعفنا ..

إلى متى سيستمر صمتنا ؟؟ وهل سيتحول إلى صمت أبدي ؟؟!!

قد تكون نوبة الصمت الأولى مقبولة .. علنا نمارس الفعل بدل الكلام .. والأفضل برأيي في أزمة الرسوم الزاعمة أنها تهين أغلى مقدساتنا أن لا نتكلم عنها .. لأنها أقل من أن تحتل حيزاً من كلامنا .. وهي تفاهات دنماركية، سيزيد حديثنا عنها من انتشارها، فالأولى في رد هذه الترهات أن نفعل ما يقصم ظهورهم، وفي حالتنا ليس لنا إلا المقاطعة، فقد أثبتت مقاطعتنا السابقة لهم فعاليتها حين تراكضت الشركات معلنة الاعتذار .. فالمقاطعة هي الورقة الأقوى بيدنا الآن ..

أما نوبة الصمت الثانية .. فغير مقبولة أبداً .. لأننا لا نستطيع فعل أي أمر في ضعفنا الحالي .. وأهلنا في غـزة يقتلون بكل عنجهية وتكبر من الصهاينة، والعالم كله صامت .. لقد نقلنا عدوى الصمت إلى العالم أجمع ؟!!

لم يتحرك أي ساكن لإنقاذ غـزة من براثن الصهاينة ..

أقول هنا فكرة :

إن استشهاد مسلم واحد أشد عند الله من كل شيء ..

وحوادث غـزة تستحق أن تأخذ من أفعالنا وكلامنا الآن أكثر من مجرد تنديدنا بالرسوم، طبعاً أنا لا أنكر أهمية المقاطعة وأدعو إليها عقاباً لهم على ما فعلوا .. ولكن قتل مسلم أهم عند الله من رسومٍ تدعي السخرية من رسول الله .. ومن هم لبسخروا من أقدس إنسان وأكرم بني البشر ؟؟؟ !!

لقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لأن تنقض الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق )) – رواه النسائي - ..

وقال أيضاً : (( لو اجتمع أهل السماء والأرض على قتل مسلم لأكبهم الله جميعاً في النار)) – رواه البخاري - ..

فما بالنا نصمت هذا الصمت القاتل ؟؟

وإلامَ السكون ؟؟

وإلامَ تنام العيون ؟؟

وإلامَ تتجمد الدموع في المآقي وتتحجر القلوب ؟؟

متى سنصحو ؟؟

وفي ظل هذه النوبات المتلاحقة لي سؤالان :

هل سنكون من الجيل الذي ناداه نزار قباني :

(( وأنتم الجيل الذي سيهزم الهزيمة )) ؟؟

والسؤال الثاني :

متى ستجتاحنا نوبــــة ( صحيـــــان ) ؟؟!!

الله أعلــــــــــم  ...