wwww.risalaty.net


المسلسلات المدبلجة إعصار هائج


بقلم : الشيخ محمد خير الطرشان

المسلسلات المدبلجة إعصار هائج

موضة جديدة و فيروس خطير ، اجتاح عالمنا العربي و الإسلامي ، و بدأ يأخذ طريقه في الانتشار ، ويؤسس لمستقبل مجهول في عالم الفن والتمثيل ، وقد بدأت المحطات الفضائية تتسابق لعرض هذه المسلسلات على قنواتها ، وتختار الأكثر إثارة وتحريكاً للغرائز ، لتكسب أكبر قدر ممكن من الدعاية والإعلان ..

هذا هو واقع ما يسمى بالمسلسلات المدبلجة إلى العربية .. فيروس قاتل ، تنقل إلى المجتمع العربي والمسلم ثقافة هجينة ، وسلوكاً مستنكراً .

إنه نوع من هدر الوقت وتضييعه بما لا ينفع ، بل بما يهدم أخلاق الشباب والبنات ،ويسيء إلى القيم الإسلامية العظيمة ، وهو نوع من اللهو غير المباح الذي حذَّر منه الله تعالى بقوله : " يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون " المنافقون / 9 .

لقد زهد كثير من الناس بأوقاتهم ، ولم يستثمروها بما هو نافع وصالح ،وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل : " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ " .

يلاحظ اليوم أن الفراغ الذي يعيش فيه كثير من الناس أدى إلى الغرق باللهو واللعب والمجون ، وممارسة أنواع من الألعاب التي لا ترضي الله ورسوله ، كالقمار والميسر ، مع تعاطي المخدرات والمسكرات والمفتِّرات ، ومعاشرة النساء بغير عقد شرعي حلال ، والتعدي على حرمات الناس وأعراضهم ...

ترى هل تنبَّه الناس إلى خطر هذه المسلسلات التي سيطرت على عقول الشباب و أحلام البنات ؟ هل فكَّر الآباء والمربون بتحصين أخلاق أبنائهم وبناتهم من هذا الوباء الذي يجتاح المنطقة العربية ؟

أيها السادة : لم يعد خافياً على أحد أن المسلسلات المدبلجة تقوم على العري ، والتحلل من القيم ، والجرأة في العلاقات المشبوهة بين الرجال والنساء ، وكسر الحواجز بين عالم الشباب والبنات ، وخيانات زوجية ، وحب محرَّم ، وحمل من الزنا ، ومشاهد غرامية ، ولقطات ساخنة ، و علاقات غير شرعية ، مع تطاول على حرمة الدين ، و دعوة إلى التخلي عن مبادئه ، وعبث بالمسلَّمات الإيمانية والمعلوم من الدين بالضرورة ، وتتلخص عوامل الجذب في المسلسلات المدبلجة في النقاط التالية :

1-الإغراق في الرومانسية والمشاعر الحالمة.

2-التشويق والإثارة .

3-اعتمادها على مبدأ المفاجآت غير المتوافرة في الواقع أو الدراما العربية.

4-أبطال المسلسل رجال ونساء يتمتعون بنسبة كبيرة من الجمال.

5-أوقات بثها في الفضائيات مناسبة للنساء والفتيات في المنازل.

6-مداعبة أحلام الأبناء ، فدائماً البطل ينتقل من الفقر إلى الثراء المفاجئ في ليلة وضحاها.

7-المناظر الطبيعية الخلابة والمنازل الكبيرة الفخمة ذات الديكورات المتميزة.

8-الملابس الفاضحة والقصيرة، والضيقة والشفافة والماكياج وتسريحات الشعر.

هذا هو باختصار ما تقدمه إلينا هذه ( الدراما ) المستوردة ، ثقافة هجينة ، تحمل فكر الانحلال من الدين والقيم والمبادىء ، وتسعى لهدم ما تبقّىَ من مروءة وشهامة في نفوس الناس ...

رضي الله عن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز الذي قال : " إن الليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما " . ترى هل ترك أحدنا بصمة له في الحياة يذكر فيها بعد موته ؟ هل عمل في ليل أو نهار عملاً صالحاً ينعكس على أمته بالخير ؟

وهل تنبه أولئك القائمون على هذه المسلسلات إلى أنهم يحملون إثم من يتابع ويشاهد من غير أن ينقص إثم أحدهم شيئاً ؟

ترى هل نعيش في" سنوات الضياع " الحقيقية حينما تسيطر علينا هذه المشاهد ؟

 أو أن " نور " الإيمان سيستيقظ فينا ليكسر حجب الظلام ؟

إنها رسالة بل أمانة أحمّلها لكل من ألقى الله في قلبه الإيمان ، و حمل بين جوانحه الغيرة على أعراض المسلمين ، وأحس بالجمر يحرق يديه ، لأن هذا الزمان هو من تتحقق فيه معاني قول الرسول عليه الصلاة والسلام : " يأتي على الناس زمان القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر " .

محمد خير الطرشان

المشرف العام لموقع رسالتي