wwww.risalaty.net


المسلسلات وعلاقتها بالحشر يوم القيامة


بقلم : ديمة محمد ديب هديب

 

يحشرالمرء مع من أحب

 

كثيرةٌ هي الأقلام التي كتبت عن هذا الموضوع  .. كثيرةٌ هي المنابر التي ارتجت بالخطب تحذر من هذا الحدث . كثيرةٌ هي الأفواه التي انطلقت بالكلام عن هذا الأمر.. ويحق لهم ذلك ؛ فالأمر جِدُ خطير والموضوع استفحل وانتشر ولم يعد هناك مجالٌ للصبر، فقد استشرى هذا الأمر كما يستشري السرطان في جسد ابن آدم فلا يتركه حتى يكون قد انهار تماما وقُضي عليه ؛ وهذا ما يحصل الآن مع هذه الموجة الجارفة من المسلسلات المدبلجة التي تجتاح العالم العربي والاسلامي .. لا أستطيع أن أقف صامتة .. مكتوفة الأيدي.. متعبة النفسية.. فما هكذا علمني  ديني ما هكذا فهمني النبي المختار صلى الله عليه وسلم فقد أمرني أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر فيما أستطيع ؛ وكل واحد منا الآن أصبحت المجالات مفتوحة أمامه فلا يوجد أحد فينا إلا يتحمل مسؤولية أهله وأقاربه وجيرانه وأصدقائه وطلابه ويمكن أن أقول مسؤولية المنتديات في الانترنت التي يدخل عليها والمواضيع السخيفة التي تتحدث عن أبطال هذا المسلسل وذاك ؛ فكلنا مسؤولون ويجب علينا أن نقف وقفة صادقة حيال هذا الأمر فقد بقي هذا الأمر مُستحملاً إلى وقت قريب ولكن لكل أجل كتاب .. فقد زاد هذا الأمر عن حده ورأيت بعيني أشياء تمنيت أني لم أرها وسمعت قصصاً انفطر قلبي من سماعها ؛ وليَ هنا همسة ببعض ما سمعت وشاهدت لكيلا يأتي شخص ويقول : (( تريدون تحريم كل شيء )) فيكفي أن يسمع مني هذه المواقف _والله على ما أقول شهيد_ أنها كلها حصلت أمام ناظري أو نقلها لي أشخاص موثوقون فأول هذه الأمور وقد انتشرت كثيرا :" الطلاق " وقرأت في عدد من المجلات والصحف طلاق بعض النساء وذلك لغيرة أزواجهنَّ من بطل المسلسل أو لأنَّ هذه الزوجة لم تعد ترغب بالحياة مع هذا الرجل العامل الذي لا يحسن فنون الغزل أو لا يتمتع بقدر من الجمال !! وهذه مصيبة .. فقد كنا نرى للطلاق أسباباً واهية وأعذاراً سخيفة ؛ فكيف بسبب يخرب البيوت ويشتت الأسر ونجني منه كل سوء؟! فهذا ما لا أستطيع تصديقه ... وهناك أيضاً أمور أخرى كثيرة فمن ذلك الأعداد الهائلة من الصور المنتشرة على واجهات المحلات التجارية وعلى ملابس الأطفال والنساء ناهيك عن نغمات الجوال وخلفيات الشاشات والمواقع الالكترونية التي تبث بعض المقاطع المحذوفة ويرتادها الناس بشكل فظيع !! فهذه كلها من مظاهر انتشار هذه المسلسلات ولكن ما ينفطر القلب لسماعه قصة فتاة صغيرة ذات السنة الخامسة من عمرها تصف لصديقتها أحداث المسلسل كما هي بتفاصيلها التي أعف لساني عن ذكرها فلا أدري من أحاسب ؟! هذه الفتاة؛ أم اهلها الذين سمحوا لها برؤية هذه المسلسلات.. أم أحاسب نفسي ؟! بأننا ما نشرنا الوعي الكافي للحض على ترك هذه المهزلة السخيفة.. لا أدري ما أقول!! أقف عاجزة صامتة وأمامي كل هذه الأحداث .. إلى أن تفجرت أمامي كل المواقف بفتاة صغيرة في أحد المساجد .. ولا أذكر هذا الكلام انتقاداً للمسجد ، لأنهم مثلنا تصلهم هذه المصائب ويعملون جاهدين على التخلص منها ويستعينون بالله ؛ ولن يضيع الله عملهم بإذنه -ولا أدري إن كان في هذا الزمن طفولة نقية نقاء الثلج ،طاهرة طهر ماء السماء-  فطفلتنا هذه ذهبت إلى المسجد وقد نُزع الغلاف الخارجي لمصحفها لسبب ما ، فوضعت مكان هذا الغلاف صورة لأحد أبطال مسلسلها المفضل!! هنا .. توقفت الحروف ..وتاهت الأصوات.. وتسمرت العيون ماذا نقول؟! نحن إلى الآن لم نقدِّر ما هو هذا الخطر الجاثم على قلوبنا ولا زلنا نقول أين المشكلة ؟! نحن نراهم فقط ولا نقلدهم ولم ندري أننا وصلنا إلى مرحلة التقليد الأعمى لهم ؛ فهل هذه المظاهر خيالٌ من صنعي أم وهمٌ أتوهمه !! لا أظن ذلك أبداً .. ولو وقف كلُّ شخص منا وقال لنفسه : " أنا تابعت هذه الحلقات فماذا أثرت عليّ " وليكن صادقاً مع نفسه أولاً ؛ هنا فقط نعلم كم تأثرنا ؛ وكم خطت هذه الحلقات المتتالية أفكاراً في عقولنا لا نهاية لها؛ وتقمصنا هذه الأفكار ونسينا من أين أتت لنا وتجاهلنا ماذا تحمل من سموم مدسوسة ؛ وغابت عنا الدعوة الحقيقية التي تدعوها هذه المسلسلات ؛ فإن أيقنا أن هذا الكلام صحيح علمنا أن من يتابعهم فقد أحبهم وإن وصلنا إلى هذه المرحلة الخطيرة فقد خسرنا كثيرا وأضعنا خيري الدنيا والآخرة لأن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فرَّح قلوب أصحابه بحديث : (( يحشرُ المرءُ مع من أحب ))

فهل من يتابع هذه الحلقات سيفرح بهذا الحديث ؟! لا أعتقد ذلك ؛ أم سيكون حافزاً ومؤثراً لنعودَ إلى أصلِ عقيدتنا وندعوا الله أن يحشرنا مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ...

اللهم إني أسألك حبك وحب حبيبك المصطفى صلى الله عليه وسلم  وحب من أحبك وحب عمل صالح يقربنا إلى حبك .. آمين يا أرحم الراحمين ...