wwww.risalaty.net


وصايا هامة مع افتتاح العام الدراسي الجديد


بقلم : المحبة لله

كـَيْفَ تـَدْرُس ؟ 

       تفضّل الله عزّ وجلّ على البشر عامّة بنعم عظيمة وثمينة ، وبها كرّمهم على سائر خلقه ، وإحدى تلك النِّعم الباهرة نعمة الذاكرة ، فقد ظنّ العلماء قديماً أنّ عمل الذاكرة لا يتعدّى إجراءات بسيطة تقوم بها لتخزين المعلومات الّتي يكتسبها الإنسان ، لكنّهم عادوا ليكتشفوا أنّها تقوم بعمليّات معقّدة لتثبيت وحفظ المعلومات . وكثير من النّاس إذا أراد أن يدرس كتاباً ما ، فإنّه يصادف مشكلات في دراسة ذلك الكتاب ، فيجد صعوبة في حفظه أو فهمه . وربّما يحفظه ، وبعد مدّة من الزّمن لا يذكر منه شيئاً . في الحقيقة إنّ لديه خللاً ما في طريقة دراسته ، لذلك عليه اتّباع أساليب أكثر فائدة ؛ تعينه من أجل الاحتفاظ بالمعلومات وقتاً طويلاً ، إن لم يكن الحياة كلّها .

لماذا تدرس ؟ ثمّة اختلاف بين دارس وآخر من حيث الغاية من دراساته ، فعدد كبير من الطّلاب عندما يكونون في المراحل الأولى من دراستهم ، يشجّعهم أهلوهم على التّفوّق في دراستهم ؛ من أجل الحصول على شهادة تُعلي شأن الأب والابن معاً في المجتمع ، أو الحصول على شهادة تؤهّله للعمل ضمن وظيفة معيّنة لكسب رزقه ، أو الوصول إلى مناصب رفيعة ... وغايات دنيويّة كثيرة تجعل كلّ همّ الطّالب العلامة لا العلم . لكن ما هو الهدف الرّاقي من الدّراسة ، ولماذا نبذل جهودنا في تحصيل العلم ؟ علينا أوّلاً قبل أن ندرس أن نفكّر في غاية سامية ندرس من أجلها ، بل هي أسمى الغابات ، إنّها التّقرب من الله عزّ وجلّ ، وإرضاء ذاته العليّة ، علينا أن نطمح في الحصول من خلال دراستنا على عمل صالح ندّخره عند الله عزّ وجلّ ، لينفعنا عند الوقوف بين يديه ، علينا أن ننوي طاعة الله ، واستخدام العلم الّذي اكتسبناه في خدمة عباده ، فأنتَ كطبيب يجب أن تكون غايتك التّعرّف على عظمة الله ؛ من خلال التّفاصيل العميقة الّتي تدرسها في كلّيّة الطّبّ ، وعليك أن تعالج الخلق راجياً بذلك مرضاة الله عزّ وجلّ ، وعليك مساعدة كلّ محتاج وفقير بتخفيف تكاليف المعالجة عليه . وأنتِ كمدرسة عليك أن تضعي في الحسبان أنّ أمامك مهمّة عظيمة في تربية الأجيال على طاعة الله ورسوله وحبّهما ، وأن تَجهَدي في تدريسهم ، وتعملي على تزويدهم بالمعلومات المفيدة لهم في دراستهم ، لا أن تجلسي على كرسيّك ، وتضيّعي معظم الحصّة الدّرسيّة مطمئنّة بأنّ أحداً ليس على علم بإهمالك ، وتنتظرين راتبكِ الشّهريّ دون تعب أو عناء . إذاً الهدف الأسمى والأرقى من دراستنا هو التّعرّف على الله عزّ وجلّ ، والتّقرّب إليه بعمل صالح نبتغي به وجهه الكريم .

فيما يأتي عدد من النّصائح الّتي إذا ما اتّبعناها ؛ فبإذن الله تكون عوناً لنا في تسهيل الدّراسة ، والاحتفاظ بالمعلومات المدروسة :

* استعن بالله : على الطّالب أن يتوجّه إلى الله ، ويدعوه ليعينه في دراسته ، سواء وجد صعوبة في ذلك أم لم يجد ، حتّى الطّالب الذّكيّ عليه ألا يعتدّ بنفسه ، فيعتقد أنّ تفوّقه يكون بعقله وشطارته ، فالله عزّ وجلّ هو المعين ، وهو الميسِّر ، وهو الّذي منحك الذكاء الّذي يوصلك للتّفوّق .

* اعتمِد على نفسك في دراسة الموادّ العلميّة : عادةً ما يدرس الطّلاب مزيجاً من الموادّ العلميّة والأدبيّة ، فإذا واجهتَ صعوبة في دراسة مادّة الرّياضيّات ، أو الفيزياء ، أو غيرها ، ووجدت أنّك لا تستطيع فهم هذه الموادّ وحلّ مسائلها ؛ فعليك ألا تيئس . ربّما تلجأ دوماً لأهلك وإخوتك لطلب المساعدة ، وهذا سبب لزيادة الخمول في تلك الموادّ ، كن متأكّداً أنّك عندما تستعين بالله ، وتحاول مرّات عديدة التّفكير في المادّة العلميّة الّتي تدرس ، وحلّ ما يصعب فيها من مسائل ، فبإذن الله ستنجح في محاولتك ، لا مانع من الاستعانة بالأهل وغيرهم ، لكن لا تضع كلّ اعتمادك عليهم ، وسأذكر لإخوتي الطّلاب الّذين يجدون صعوبة في فهم الموادّ العلميّة ، وفي حلّ المسائل منها خاصّة ؛ أذكر لكم تجربة حدثت مع إحدى الطّالبات : فمنذ التّعليم الابتدائيّ ، لم يكن معلّموها ذوي كفاءة ليساعدوا طلابهم في الاعتماد على أنفسهم في حلّ المسائل ، كان معظم الطّلاب يكتبون الوظيفة بأيديهم ، لكن من عقول غيرهم ، وفي المذاكرات والامتحانات تكون المسائل المطروحة حرفيّة كما في دفتر الطّالب ، ولا يحدث في الأسئلة أيّ تغيير يختبر فهمه ، ممّا يزيد من خموله ، فيكتفي بحفظ حلّ المسألة دون فهمها . هذه الطّالبة كانت أحياناً كباقي الطّلاب ، إذا صادفتْ مسألة صعبة ولم تعرف حلّها ، فإنها تيئس من البداية ، وتوقِن بعدم قدرتها على إيجاد الحلّ ، فتلجأ لإخوتها طالبةً الإعانة في حلّ تلك المسألة ، وعندما وصلت إلى الثّانويّة العامّة ، أحسّت بالخطر الّذي لم يكن الأساتذة ينبّهون إليه ، الأسئلة هذا العام ستصدر عن الوِزارة ، وبالتّأكيد لن تكون بشكل حرفيّ ، كيف ستواجه الأسئلة ؟ وكيف ستتعامل مع المسائل الّتي لم تعتد حلّها ؟ كان موقفاً محرجاً بالنّسبة لها ، وشعرت بالنّدم لما فاتها من أشياء لم تفهمها في السّنوات الماضية ، وطبعاً الآن عليها الاعتماد على نفسها في حلّ المسائل والتّمرينات ، وإلا لن تتفوّق هذا العام ، وفي إحدى أبحاث الرّياضيّات ، صادفتْ مسائل صعبة الحلّ ، وتحتاج إلى التّفكير ، فقرّرت مواجهة تلك الصعوبة ، والتّغلّب عليها . عمدت إلى حلّ إحدى تلك المسائل ، لم تستطع الوصول إلى نتيجة إيجابيّة في البداية ، لكنّها استعانت بالله وعزمت وأصرّت على حلّها ، فكّرت وفكّرت في جميع جوانب المسألة ، وفي النّهاية توصّلت للحلّ الصحيح ، ثمّ حاولت حلّ مسألة أخرى ، ونجحت في ذلك ، ومنذ ذلك الحين بدأت تعتمد على نفسها في حلّ المسائل ، بل وتستمتع بذلك . أيضاً أذكر لكم جانباً مهمّاً : أحياناً كانت تلك الطّالبة تبدأ حلّ المسألة ، وتنسى أن تسمّي بالله في البداية ، فتجد تعسيراً ، ثمّ تذكر الله ، وتسمّي ، وتعاود الحلّ من جديد ، وفوراً تجد حلاً للمسألة . فسبحان الله ! إنّها بركة عظيمة أن تقول " بسم الله الرّحمن الرّحيم " في بداية أيّ عمل تقوم به ! ضربتُ لكم ذلك المثل ؛ كشاهد حيّ ومُؤكِّد على أنّكم أيّها الطّلاب إن اعتمدتم على أنفسكم ، ووثقتم أنّكم بعون الله تستطيعون الوصول للنّجاح ، فستصلونه ، وسيهون كلّ صعب ، ولا تنسوا أنّ الممارسة لها دور كبير في ذلك الأمر .

* أحبب المادّة الّتي تدرس ، وكن مهتمّاً بها : إذا كنت تدرس مادّة معيّنة وأنت تكرهها ، فكرهك لها لن ينفعك بشيء ، لن تنجح في دراستك ما دمت تكره ما تدرس ، فاعلم أنّك في أيّ مجال من العلوم إن درست دراسة سطحيّة ، بالتّأكيد لن تحبّ المادّة ، وستملّها ، وإن تعمّقت بها فستحبّها كثيراً ، وستجد متعة كبيرة في دراستها . إذاً اهتمامك بما تدرس مهمّ جدّاً في تسهيل الدّراسة .

* ضع في حسبانك أنّ ما تدرسه يجب ألا تنساه : نلاحظ دوماً أنّ معظم الطّلاب يذكرون ما حفظوا من موادّ حتّى وقت الامتحان ، وعند الخروج من قاعة الامتحان ينسون كلّ ما درسوا ، ولا يكادون يذكرون منه شيئاً والسّبب في ذلك هو إدراكهم أنّهم سيُسألون في تلك الموادّ ، فقرّروا الاحتفاظ بها حتّى وقت الامتحان فقط ، لذلك عليك أن تقرّر الاحتفاظ بالمعلومات الّتي تدرسها . وتخيّل أنّك معرّض مستقبلاً وفي وقت لا تعلمه لإجراء امتحان فيما درست . وقد أُجرِيتْ تجرِبة على فئتين من الطّلاب : أُلقِيَتْ معلومات معيّنة على كلتا الفئتين ، وذكِر لإحداهما أنها ستجري امتحاناً بالمعلومات الّتي تلقّتها في وقت حدّده القائم بالتّجربة ، وتُرِكت الأخرى دون تنبيه . وبعد مدّة أجري الامتحان للفئتين معاً ، فكانت النّتيجة أنّ الفئة الّتي قرّرت الاحتفاظ بالمعلومات ، قد احتفظت فعلاً بكميّة من المعلومات أكبر من الكمّيّة الّتي احتفظت بها الفئة الأخرى ، وبناءً على ذلك ؛ فنيّتك وعزيمتك على  الاحتفاظ بالمعلومات المكتسبة أمر ضروريّ لتثبيتها في الذّاكرة .

* ضع مخطّطاً للنّصّ الّذي تدرس بعد فهمه : إنّ الكثير من الطّلاب عندما يقومون بحفظ مادّة نظريّة ، يحفظونها بصماً دون فهم ، وهذا ما يدعو لنسيان المادّة بشكل سريع ، لذلك عليك أن تفهم المادّة الّتي تدرسها . فمثلاً عندما تقوم بحفظ نصّ ما ، ضع مخطّطاّ لذلك النّصّ متّبعاً الخطوات الآتية :

1- اقرأ النّصّ أكثر من مرّة لتفهم محتواه ، وتستوعبه جيّداً .

2- قسّم النّصّ إلى وحدات وأجزاء رئيسة ، وضع عنواناً لكلّ جزء .

3- أوجد العلاقات والرّوابط بين تلك الأجزاء .

4- وحّد واجمع الرّوابط في تلك الأجزاء .

ليس بالضّرورة أن تحفظ النّصّ بحرفيّته ، يمكنك حفظ أفكاره الأساسيّة ، ثمّ صَوْغ تلك الأفكار بطريقتك الخاصّة ، ويمكنك أن تضع خطوطاً تحت الكلمات الّتي تراها ذات أهمّيّة في ذلك النّصّ ، كما يمكنك تلخيصه ، وهذا يساعد على تثبيته في الّذاكرة ، ويمكنك أيضاً وضع أسئلة للنّصّ والإجابة عليها ، وسأذكر مثالاً تطبيقيّاً لتوضيح الخطوات السّابقة ، وسنطّبقها على النّصّ الآتي ، وقد اخترته طويلاً نسبيّاً :

مفهوم صراع الأجيال

 الأسرة هي البيئة الاجتماعيّة الأولى والأساسيّة الّتي تنشأ بين أفرادها علاقات تتسم بالمحبّة والاحترام والتّعاون . ولكنّها لا تخلو أحياناّ من بعض الاختلافات أو الصّراعات الفكريّة أو الاجتماعيّة ، ولا سيما بين الآباء والأبناء ، أي بين جيل الكبار وجيل الشّباب ، حيث لكلّ من الجيلين فلسفته الفكريّة الّتي تحدّد نظرته إلى الحياة .

 ولذلك فإنّ الصّراع بين هذين الجيلين أمر طبيعيّ إذا ما نُظر إليه على أنّه خلاف في وجهات النّظر ؛ في سياق التّطوّر الاجتماعيّ العامّ ، دون أن تكون له تأثيرات سلبيّة في العلاقات الأسريّة . أمّا إذا انقلبت العلاقة بين الجيلين إلى التّنافر والتّصادم المستمرّ في المواقف أو الآراء ، فإنّ هذا الصّراع يتحوّل إلى مشكلة اجتماعيّة تعكّر أجواء الأسرة ، وتعوق مهامها التّربويّة .

 ومن هنا يستخدم مصطلح صراع الأجيال للدّلالة على تلك الفروقات النّفسيّة والفكريّة ، والّتي ينجم عنها فجوة بين آراء الكبار ومواقف الشّباب ، تجاه الكثير من الأمور الحياتيّة ، وهذا يؤدّي بالتّالي إلى اختلافات اجتماعيّة بين الأجيال ، وهذا يعود إلى اختلاف الزّمن ( العصر ) الّذي عاشه الكبار عن الزّمن الّذي يعيشه الشّباب ، هذا الزّمن الّذي يختلف بمنطلقاته وعلاقاته لدى كلّ منهما .

 قد يكون الاختلاف بين الوالدين والشّباب ( المراهقين ) على أمور كثيرة عامّة أو خاصّة ، كالتّوجّه الدّراسيّ أو المهنيّ أو نوعيّة الرّفاق ، أو مدّة الغياب عن البيت ..... وغيرها من التّصرّفات الّتي يقوم بها الشّباب المراهقون ، ولا تروق للكبار .

 إنّ الكثيرين من الآباء لا يدركون خصائص مرحلة المراهقة وطبيعتها ، يرون أنّ معظم تصرّفات الشّباب تحمل طابعاً شائناً ، ويحاولون تقديم النّصح لأبنائهم في كيفيّة اختيار الأصدقاء مثلاً ، والتّعامل مع الآخرين ، ورسم صورة المستقبل . وقد يخضع الأبناء لتوجيهات الآباء ويتمثّلون إرشاداتهم ، وقد يتمرّدون عليها ، ويثورون على هذا التّدخّل في شؤونهم الخاصّة ، وهنا تتحدّد شخصيّة الشّابّ المراهق ، نتيجة لهذا الصّراع .

 وخلاصة القول ، إنّ الصّراع بين الأجيال ؛ سواء أكانت نتيجته رضوخ المراهق لوالديه وامتثاله لقراراتهما ، أو تمرّده عليهما وعدم استسلامه لما يُملى عليه منهما ، فإنّ نموّ المراهق وتحديد طبيعته الشّخصيّة ، لن يكون في مأمن إذا لم يعمد الوالدان إلى تفهّم حاجاته النّفسيّة والاجتماعيّة ، وإدراك دور الأسرة في التّعامل مع هذه الحاجات ، لتمكين المراهق من اجتياز هذه المرحلة بصحّة جسديّة ونفسيّة .

 

بعد قراءة النّصّ عدّة مرّات ، وتكوين فكرة عامّة عنه ، نضع خطوطاً تحت الأفكار الّتي نراها مهمّة كما هو موضّح أعلاه ، ثمّ نقسّمه حسب خطواتنا إلى أجزاء ، وترون  أنّ كلّ مقطع من النّصّ له لون مغاير عن المقاطع الأخرى ، وهكذا نكون حدّدنا أجزاءه ، بعد ذلك نضع عنواناً لكلّ جزء كفكرة أساسيّة :

الجزء الأوّل – الأزرق – : لا بدّ من وجود اختلافات بين الآباء والأبناء في الأسرة .

الجزء الثّاني – الأخضر - : يكون الصّراع سلبيّاً أو إيجابيّاً حسب النّظرة إلى تلك الاختلافات .

الجزء الثّالث – الورديّ - : تعريف صراع الأجيال .

الجزء الرّابع – البنّي – بعض أنواع الاختلافات بين الكبار والشّباب .

الجزء الخامس – الأسود – تصوّرات خاطئة لمعظم الآباء عن أبنائهم في سنّ المراهقة.

الجزء السّادس – البنفسجي – على الأهل معرفة كيفيّة التّعامل الصّحيح مع أبنائهم المراهقين .

وبعد أن جزّأنا النّصّ إلى أفكاره الأساسيّة نوجد العلاقات بين أجزائه ونوحّد بينها ؛ كأن نقول مثلاً : ثمّة اختلافات بين كبار الأسرة وصغارها (1) ، وهذا يقود إلى حدوث صراعات ليتمسّك كلّ من المختـَلِفـَين برأيه (2) ، ثمّ نحن بحاجة لتحديد مفهوم هذا الصّراع (3) ، ونذكر بعض أنواعه (4) ، وأنّ من الآباء من يحاول دوماً فرض آرائه - الّتي يراها صحيحة - على ابنه (5) ، وصولاً إلى حلّ لتلك المشكلة ؛ وهو ضرورة تفهّم الآباء لأبنائهم في سنّ المراهقة ، وإشعارهم بالثّقة بأنفسهم وبآبائهم ، لمساعدتهم في النّهاية على تلبية حاجاتهم النّفسيّة والاجتماعيّة ضمن الأطر الشّرعيّة (6) .

ويمكنك استخلاص بعض الأسئلة من هذا النّصّ ، كأن تقول :

ما أهمّيّة الأسرة ؟ – لماذا ينشأ صراع بين الآباء والأبناء؟ – ما هو تعريف الصّراع ؟ - كيف يمكن للمراهق اجتياز مرحلة المراهقة بأمان ؟ وغيرها من الأسئلة الّتي من شأنها ترسيخ أفكار النّصّ في ذهنك .

* استخدم أكثر من حاسّة في دراستك : عندما تدرس ، لا تكتفِ بقراءة المادّة بعينيك فقط ، بل من الأفضل إشراك حواسّك الأخرى في الدّراسة كأن تقرأ بصوت عالٍ ، وتُسمِع نفسك ما تقرأ ، وتكتب بيديك أيضاً – وقد أشرنا إلى ذلك في البند السّابق – ويستحسن أن تلقي ما تقرأ على شخص آخر ممّن حولك إن أمكن ، فكلّ هذا بإذن الله يعينك في ترسيخ ما درست ، وتذكّره عند الحاجة .

* راجع ما تدرس : لتبقى محتفظاً بما درست ، وحتّى لا تنساه ؛ يجب استذكار ومراجعة المادّة أو الكتاب الّذي تدرسه بين حين وآخر ، فإذا اكتفيت بدراسة المادّة مرّة واحدة ؛ ستكون هذه المادّة عرضة للنّسيان ، أمّا المراجعة المستمرّة فتساعد في تثبيتها بشكل دائم ، والأفضل أن تتمّ المراجعة في فترات متباعدة .

نصائح لطالب مُقبـِل على امتحان :

1- واظب على الصّلوات في وقتها ، وحافظ على تلاوة القرآن الكريم ، ولا تظنّ أنّ ذلك يضيّع من وقتك اللازم للدّراسة ، على العكس ، إذا اتّصلت بالله ، واقتطعت من وقتك جزءاً لتلاوة القرآن ؛ فسيبارك الله تعالى لك في وقتك ، وستلحظ تلك البركة وتسعد بها .

2- ادرس في مكان هادئ ، بعيداً عن أهلك ، فإذا درست في غرفة الجلوس ، حيث الأحاديث المُلهية ؛ لن تستطيع التّركيز . ولا تتوهّم أنّ الموسيقى مريحة للنّفس ومهدّئة لها ، ومساعدة على الدّراسة ، فهذه أوهام لا يؤمن بها إلا كلّ ساذج ، وخذ حذرك من الدّراسة خارج المنزل ، وبين المناظر الجميلة ، أو حيث وجود النّاس ، فهذا يشغلك كثيراً ، والأفضل التزام مكان تكون فيه وحدك إن سمحت الظّروف ؛ لتصبّ تركيزك كلّه في دراستك .

3- لا تلتزم بدراسة مادّة واحدة حتّى نهايتها ، بل نوّع بين مادّة وأخرى في اليوم الواحد ، وعندما تضجر وتملّ من الدّراسة ، اترك الكتاب على الفور ، وخذ استراحة ، حتّى تجدّد نشاطك ، فإذا أجبرت نفسك على الدّراسة مع وجود الملل والضّجر ، فإنّك لن تستفيد شيئاً من تلك الدّراسة .

4- نَمْ جيّداً قبل الامتحان ، ولا تعتقد أنّك إذا سهرت اللّيل ستستزيد من المعلومات ، بل إن النّوم الكافي يساعد على الاحتفاظ بكمّيّة أكبر من المعلومات ، وهذا ما أثبتته تجرِبة أجريتْ على طالبَين أعطيا معلومات معيّنة ، وطُلِب من أحدهما أن ينام عدداً من السّاعات قبل اختبار سيُجرى لهما ، وطُلِب من الآخر أن يبقى مستيقظاً أثناء مرور تلك السّاعات ؛ حيث يزاول نشاطه اليوميّ المعتاد ، وعندما حان وقت الاختبار ؛ دلّت النتائج على أنّ كمّيّة المعلومات الّتي احتفظ بها الطّالب الّذي أخذ قسطاً من النّوم كانت أكبر من كمّيّة المعلومات الّتي احتفظ بها الآخر . وفي تجارب أخرى وُجـِد أنّه بازدياد ساعات النّوم تزداد كمّيّة المعلومات المُحتفظ بها ، فالنّوم الكافي قبل الامتحان ضروريّ جدّاً .

5- إيّاك والغشّ في الامتحان : إنّ ما آلت إليه حال الطّلاب في عصرنا مؤلم جدّاً ، فلا تكاد تجد طالباً لا يغشّ في الامتحانات – إلا من رحم ربّي – وعندما تذكّره بالله ، وتقول له هذا العمل حرام يقول : أنا مضطرّ . فقد أصبح كلّ مَن أراد أن يفعل شيئاً محرّماً يتذرّع بكلمة ( مضطرّ ) ! وتجد آخر يقول : أغشّ الآن وأحصل على درجة جيّدة في الامتحان ، وبعدها أتوب . وهل يضمن بقاءه إلى ما بعد الامتحان ليتوب ؟! اعتاد الطّلاب على كتابة المعلومات الّتي لم يحفظوها جيّداً على ورقة صغيرة ، وبخطّ صغير جدّاً لتدخل معهم قاعة الامتحان ، لكن العجيب أنّ الطّلاب الآن ليسوا بحاجة لأن يكلّفوا أنفسهم ويتعبوها في كتابة المعلومات على وريقات ، فقد أصبحت تُطبَع طباعة إلكترونيّة ، وبشكل دقيق ومُحكم وأنيق . أإلى هذا الحدّ وصلنا ؟! كن متيقّناً أيّها الطّالب أنّك إذا غششت ؛ فليس ضروريّاً أن تنجح ، فربّما تنقل لورقة إجابتك معلومات غير صحيحة ، وربّما يعاقبك الله عزّ جلّ بأن يُنسيك سؤالاً ما ، وبذلك تكون عصيت الله ورسوله ، وخسرت الدّرجات بآن واحد . واعلم أنّ من ترك شيئاً لله ، فإنّ الله سيعوّضه خيراً منه في دينه ودنياه ، فإذا تورّعت عن فعل هذه العادة القبيحة ؛ فسيوفّقك الله في امتحانك ، وسيكرمك بأن يبارك لك في نجاحك الّذي اكتسبته بيدك وجهدك مهما كانت درجتك ، وسيمنحك الرّضى . ثمّ إنّك إذا غششت في امتحاناتك ستحصل على شهادة مبنيّة على الباطل ، وإذا أتى يوم ندمت فيه على ذلك الفعل ، فستحار ماذا ستفعل بهذه الشّهادة ؟ فإيّاك ثمّ إيّاك ثمّ إيّاك أن تستخدم هذه الوسيلة ؛ فتكون ممّن تبرّأ منهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بسبب الغشّ ، ولا تنسَ أن الله يُعين من طلب رضاه وابتعد عمّا يسخطه .

أرجو الله أن يجعلنا ويجعل كلّ طالب علم ممّن يعي ويدرك أهمّيّة العلم ، ويعزم على  التّفوّق الدّائم ، فعارٌ على المسلم أن يبقى في جهل وتخلّف ، وأن يبتعد عن العلم النّافع الّذي هو فريضة على كلّ مسلم ومسلمة ، ويبقى لاهياً بسفاسف الأمور ، تاركاً التّقدّم والتّطوّر لأعداء الإسلام ، ممّا يؤدّي إلى استهزائهم بنا ، وبقاء الغلبة لهم علينا ، كلّ هذا بسبب إهمالنا وتقصيرنا . فأسأل الله أن يعيننا على اتّباع الوسائل المناسبة في الدّراسة ، والّتي توصلنا إلى النّجاح المستمرّ ، وأسأله أن يوفّقنا لتوظيف ما ندرس ونتعلّم في فعل الخيرات ، وأن يعيننا على خدمة عباده ، ونصرة دينه ، والانتصار على أعدائه .