wwww.risalaty.net


انـْهيَارُ أمرِيْكـَة.. رِسَــــــــــــــالـَةٌ مِنَ الله


بقلم : المُحِبَّة لله

بسم الله الرّحمن الرّحيم

والصّلاة والسّلام على رسوله الكريم

 

       أحبّت الظّهور.. رغبت بالسّيطرة.. حلمت بالسّيادة.. وفعلاً تحقّق لها هذا الحلم، حتّى سيطرت على العالم بقوّتها، وسحرت قلب كلّ جاهل بحضارتها الزّائفة. افتخرت بكونها بلداً متحضّراً راقياً، وما رآها العالم إلا كذلك، عظّموها أشدّ التّعظيم، وأكنّوا لها كلّ احترام، يقولون: نادت بحقوق الإنسان  حرصت على تحقيق الحرّيّة  وسعت لنشر الدّيمقراطيّة، يا لها من حضارة برّاقة!! بَيْدَ أنّها حضارة من نوع آخر، فلمّا بدأت بتنفيذ قراراتها المثاليّة، وأفكارها السّامية، ظنّت الحيوان إنساناً، وعاملت الإنسان معاملة لا يمكن اتّباعها مع الحيوان. اعتنت بالكلاب أيّما اعتناء، وأكرمتها أيّما إكرام. قدّمت لها المنازل والمستشفيات، والملابس وأفخر المأكولات، وخصّتها بالرّفاه والنّزهات، وإذا شكا أحدها ألماً؛ سارعت لتنفق عليه ملايين الدّولارات، وكلّ همّها أن يبقى مرتاحاً على قيد الحياة، أمّا البشر؛ فقد اتّخذت منهم موطئاً لقدميها، وجعلت أولى واجباتهم أن يشكروها كلّما تفضّلت بإنهاء حياة أحدهم، وفعلاً ما كان من أكثرهم إلا أن ضربوا لها تحيّة التّبجيل والثّناء.

       سيطرت.. تكبّرت.. تجبّرت.. قتـّلت.. بطشت.. أجرمت.. ومع ذلك كلِّه؛ لم نرها إلا قدوة، وغدا من يخطو بقدمه على أرضها محسوداً على هذا الشّرف، طبعاً! لقد زار أمريكة، وما أدراك ما أمريكة؟!! ولكن إلى متى؟ هل ستستمرّ أمريكة ناجحة في خداعها هذا؟ لا والله! فرسولنا الصّادق صلّى الله عليه وسلّم قال: " حقّ على الله ألا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه " صحيح البخاري. وها هي أمريكة تنهار، نعم.. إنّها تنهار، فكلّكم وصله نبأ انهيارها، لقد ابتلاها الله بأغلى ما عندها، ابتلاها بأعزّ شيء تملكه، إنّه المال، إنّها المادّة الّتي بنت حضارتها عليها، وها هو عدل الله يتحقّق بالظّالمين: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (115) سورة الأنعام.ألم يقل ربّي: {يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا...} (276) سورة البقرة. سبحان الله! لقد محق الله أموالهم، محق اقتصادهم، وسيمحقهم عن الوجود بإذنه تعالى.

       إنّها رسالة عظيمة، وصلت لأمريكة وأخواتها، وإنّي لأرى أنّها موجّهة لنا قبل أن تكون لهم، لقد أراهم الله ويريهم عواقب التّولّي عن اتّباع النّهج الإسلاميّ ، وتطبيق أحكامه، حتّى جعلهم وفي عدّة مواقف يتراجعون عن الممارسات الخاطئة رغم أنوفهم، فمنهم من حرّم الخمر، ومنهم من حرّم الاختلاط، وها هم الآن يحرّمون الرّبا. إنّ الله يُثبت لهم أنّ السّلامة فقط باتّباع دينه، وهنا جاء دورنا لنقرأ بانتباه هذه الرّسالة، ونستدرك أنفسنا قبل فوات الأوان، علينا العودة إلى ديننا وشرعنا، علينا إعادة الحياة الإسلاميّة الصّحيحة، لقد تهاونّا كثيراً في أمر الحجاب، وروّجنا للسّفور، تهاونّا في الانضباط بأوامر الشّرع، فادّعينا أنّ الاختلاط مباح، والخلوة فقط هي المحرّمة، لهثنا وراء سماع الأغاني والمحرّمات، وابتعدنا كثيراً عن أحكام ديننا، وأهمّ ما يجب أن ننتبه له بعد سقوط أولئك الطّغاة؛ أنّنا أيضاً:

تهاونّا في تعاملنا الاقتصاديّ، تعاملنا مع البنوك الرّبويّة، ولم نكترث بخطورة ما نفعل، نقول إنّنا مضطرّون، أو ندّعي أنّ ذلك ليس حراماً، ومعنا حجّة قوّيّة، ويا ترى ما هي تلك الحجّة؟ نكون قد سألنا أحد الشّيوخ - ليس المهمّ أن يكون ثقة، المهمّ أن يكون اسمه شيخاً، ومحسوباً من أهل الله - وبكلّ سهولة، أكّد لنا أن هذا التّعامل مباح، وبعد ذلك نقول بكلّ برود: هكذا قال الشّيخ، أنا لا علاقة لي، وإن كان هناك وزر؛ فالوزر عليه لا عليّ.

       لا بدّ لنا من إدراك الحقيقة، قبل أن يأتي يوم لا ننجو فيه من غضب الله. إن بقينا متهاونين على تلك الحال؛ فلن نأمن من عذاب الله، ولنتّعظ بما يحدث لأمريكة وأمثال أمريكة، إنّها رسالة تحذرنا من الاستمرار في ممارساتنا الخاطئة، ألا نخاف أن يجري معنا مثلما حصل معهم لا سمح الله؟! أم أنّ هذه الفكرة لا ترِدُ إلى البال، أو ربّما نحن متمسّكون بالتّفكير السّاذج؛ بأنّنا أمّة لا إله إلا الله، ولن يعذبنا الله مهما ارتكبنا من معاص ٍ، المهمّ أنّنا ننطق بالشّهادتين، فذلك يكفي لدخول الجنّة.

       ومن النّاحية الأخرى، كفانا أوهاماً وتعلّقاً بأولئك الفاشلين، وخاصّة أمريكة الّتي عبدناها من دون الله، ها هي أمريكة تسقط بإذن الجبّار، ونحن إذ ذاك، علينا الرّجوع عن ضلالنا، والعودة إلى إسلامنا، إسلامنا الّذي به فقط تتحقّق لنا السّلامة والسّعادة، وبه فقط تتحقّق لنا الطّمأنينة، وبه فقط يحيط بنا الأمن والأمان، وبه فقط نميّز العدوّ من الصّديق، وبمعرفته ندرك أنّ فخرنا يكون بديننا، لا بحضارات تبدي الرّقيّ، وتخفي شيئاً إذا ما رأيناه سقطت من أعيننا، وأيقنّا أنّ أمريكة وأمثال أمريكة؛ ما هم إلا أوغاد سيصبحون حكاية نتداولها لأخذ العبرة، بعد أن عصفت بها رياح الخراب والدّمار.    أنفسنا