wwww.risalaty.net


وأقرضوا الله قرضاً حسنا


بقلم : بتول : B

 

وهو في طريقه مسافراً، وضع شاحنته جانباً، وذهب ليصلي لله عز وجل إحدى الصلوات المكتوبة, شاءت حكمة الله أن يكون في تلك البقعة من الأرض بيتٌ للنمل. تنحّى جانباً كي لا يصيب تلك النملات أذىً من ركوعه وسجوده، وعندما فرغ من الصلاة ذهب إلى شاحنته، وأتى بحفنة قمح، ورمى بها لتلك النملات.

رحل من ذلك المكان، وأثناء قيادته شعر بالنعاس, تحامل على نفسه، ولكن أخذته سنة من النوم، شاءت حكمة الله أن يستيقظ مذعوراً إثر نملة قرصته، ولكن الصاعقة كانت عندما نظر أمامه، حيث وجد نفسه أمام وادٍ سحيق, تحرك حركات سريعة أوقفت الشاحنة.

من الذي أنقذه؟ من الذي جعله يستيقظ قبل الخطر بثوانٍ؟ إنها قدرة الله ورحمته, إنها مكافأة الله عز وجل لهذا العمل البسيط الذي لا يهتم له العبد، ولا يكترث له، جعل إحدى تلك النملات تعلق به، وتقرصه في الوقت المناسب، وكأنها تكافؤه على صنيعه.

{مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ}

(11) الحديد.

من منّا لا يعمل أعمالاً صالحة؟ كثيرة أو قليلة، مع أي مخلوق كان، إنساناً، أم حيواناً، أم نباتاً، ولكن البعض يفقد ثواب هذه الأعمال من حيث يشعر أو لا يشعر إما بالمن والأذى، أو باستجلاب المديح، أو عندما لا تكون خالصة لوجه الله تعالى…

{وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ…}

(25) البقرة.

ولقد خلقنا الله عز وجل لعبادته، ولكي نعمل أعمالاً صالحة يرضى بها عنا، ويرفع بها درجاتنا، فعندما نقوم بخدمة خلقه يزداد قربنا منه… ولربما يعمل أحدنا عملاً صالحاً لا يكترث له لصغره في عينه، أدخله الله الكريم به الجنة، وغفر له به خطاياه. وبعضنا يقوم بالأعمال اليومية، والمنزلية على أنها واجب، وعليه أن يفعله، ولكن يغفل عن أنه لو نواه لطاعة الله عز وجل، وفي سبيله، لحصل على الأجر والثواب. فالأعمال بالنيات، وأبسط مثال: الأكل والشرب عادة يومية وضرورية، فلو نَوَيْنَا ذلك للتقوّي على طاعة الله عز وجل لَتحولَ من عادة إلى عبادة. وبهذا تكون حياتنا كلها في سبيل الله وطاعته، أينما تحركنا ومهما فعلنا، نقوم بأعمال صالحة ومن ثم نحصل على الأجر والثواب.

اللهم ارزقنا أعمالاً صالحة، متقبلة، نتقرب بها إليك، خالصة لوجهك الكريم، ابتغاء مرضاتك ترضى بها عنا إلى يوم الدين.