نداء إلى الإخوة السلفيين !
بقلم : علاء الدين آل رشي
حتى لا نحول الإسلام إلى قضية خاسرة !
بقلم علاء الدين آل رشي (المدير الإعلامي في مركز الناقد الثقافي )
شرف الكلمة يستمد طهره من مصداقيته وليس من عدوانه ( ولاتقف ماليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا ) 36 الإسراء .
وميثاق الحق معقود بالرحمة وليس بالنقمة ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) 107 الأنبياء ،وأمام الإسلام معركة العيش في الراهن ( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم ) 4 إبراهيم واستعادة الذات قبل استنساخ الأفكار (إن الله لا يغير مابقوم حتى وهذا خير من ( إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون) 22 الزخرف .
وللحق فإننا قد مللننا الفكر المحنط الذي يزدري بالإسلام والمسلمين ويحرص على الرواية لا الدراية ، ويريد أن يدير عقارب الساعة إلى الوراء ، ونحن إذ نقدر طيب نوايا الإخوة السلفيين ،إلا أننا بتنا في ضيق واضح من ضيق أفق البعض منهم ، ولئن عبنا على من حوّل الدين إلى دكان أو يداً تقبل فإننا نعيب على البعض من السلفيين أيضاً تحويل الإسلام إلى جدل ماضوي وورمي ومنصة تكفيرية ترمي الناس في شاطئ مجهول بالتزامات غير مقنعة .
إن الدين لم يكن قط براعة لسان أو علماً محفوظاً بل الدين علم مرعي ملحوظ يكون له حضور وتلاق مع أبناء الملة والوطن
يقول الإمام محمد عبده :
- (العلم المحي للنفوس هو علم أدب النفس, وكل أدب لها فهو في الدين, ولا أريد أن نطلب علماً محفوظاً, ولكنا نطلب علماً مرعياً ملحوظاً, فإذا استكملت النفس بآدابها عرفت مقامها في الوجود, وأدركت منزلة الحق في صلاح العالم, فانتصبت لنصره وأيقنت بحاجتها إلى مشاركيها في الوطن والدولة والملة, فمتى تحلت النفوس بهده الفضيلة أبصرت مواقع حاجاتها فاندفعت إلى طلبها, وطرقت لها بابا لا ترجع حتى تظفر أو يدركها الآجل
إن الإسلام المنهك والممتحن اليوم بغباء وفشل بعض من ينادون باسمه لا يحتمل أن نشده من ناصيته إلى آراءٍ، السلف منها براء، بحجة أن شيخ الإسلام قد رجحّها ولكن أين مقولة تلميذ شيخ الإسلام ابن القيم رحمهما الله الذي قال: ( شيخ الإسلام حبيب إلينا ولكن الحق أحب إلينا منه ).
إن السلفية التي نحب هي السلفية العاقلة ف(ليس سلفيّاً مَن يجهل دعائم الإصلاح الخلقي والاجتماعي والسياسي كما جاء بها الإسلام, وأعلى رايتها السلف, ثم يجري هنا وهناك مذكياً الخلاف في قضايا تجاوزها العصر الحاضر, ورأى الخوض فيها مضيعة للوقت.
وليس سلفيا من يفرق الأمة فإقامة الدين تعني الاجتماع عليه لا التفرق فيه( أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ) (إننا نريد ثقافة تجمع ولا تفرّق, وترحم المخطىء ولا تتربّص به المهالك, وتقصد إلى الموضوع ولا تتهارش على الشكل).
إن الاستغراق الواضح في تكفير عوام المسلمين ليس من خلق الإسلام وحمل الناس على مالايطيقون دون تدرج يخالف مفهوم الدعوة والايمان بالله ثم أليس هذا الزمن وقد كثر فيه الابتعاد عن الدين يشبه الزمن الأول في الدخول في الإسلام ؟
إذا وافقتم على أن الدين في غربة حقيقية ، وأن الناس أشبه مايكونوا وكأنهم سيدخلون في الدين من جديد !!فهل توافقون على مايقوله شيخ الإسلام ابن تيمية ؟!
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية :
(الداخل في الإسلام لا يمكن أن يلقن حين دخوله جميع شرائع الإسلام ولا يمكن أن يؤمر بتطبيقها كلها ، وكذلك التائب من الذنوب لا يمكن أن يؤمر بجميع الدين لأنه لايطيق ، وإذ لم يطقه لم يكن واجبا عليه في الحال ، وإذا لم يكن واجبا لم يكن للعالم ولا للأمير أن يوجبه جميعه ابتداء ، بل يعفو عن الأمر والنهي بما لايمكن عمله إلى وقت الإمكان كما عفا رسول الله عما عفا عنه وقت بيانه ، ولا يكون ذلك من باب إقرار المحرمات وترك الواجبات لأن الوجوب والتحريم مشروطان بإمكان العلم والعمل )
هل أتى زمن على السلفي أصبح من فرائض دينه تحويل وظيفته الدعوية إلى شرطي يراقب نوايا الناس ويدقق فيما لايحق له .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
(يعتبر الإنسان مسلما بإظهار الإسلام فإذا فعل ذلك قبلنا علانيته ونكل سريرته إلى الله تعالى فإن المنافقين لما أظهروا الإسلام قبل منهم ) .
ويقول في موضع آخر :
(كل من كان مؤمنا بماجاء به محمد صلى الله عليه وسلم هو خير من كل من كفر به وإن كان في المؤمن نوع من البدعة ، سواء كانت بدعة الخوارج و المرجئة والقدرية أو غيرهم )
ويقول في موضع آخر :
(والمبتدع إذا كان يحسب أنه موافق للرسول لا مخالف له لم يكن كافرا به ولو قدر أنه يكفر فليس كافرا مثل كفر من كذب الرسول ) .
الأخوة السلفيون :
الإسلام لا يقوى بلحية طويلة وفكر قصير ولسان أطول ، الإسلام دين الأذكياء فهل توافقون أن يتحول الدين إلى فراغ عقل وثرثرة لفظية وخلافات مشوشة ؟
يقول الإمام القرافي يرحمه الله ( لا ينبغي للمفتي أن يحكي خلافا في المسألة لئلا يشوش على المستفتي ، فلا يدري بأي القولين يأخذ ولا أن يذكر دليلا ولا موضع النقل من الكتب ، فإن في ذلك تضييعا للورق على صاحبه ) .
من المؤسف حقا أن نلتزم بسير فلان وأقوال فلان وآراء فلان ويغيب النص المقدس من القرآن الكريم وصحيح السنة لحساب آراء لها ظرفية خاصة وجغرافية مغايرة ، ولكن ولخلل منهجي تم إعطاء تلك الآراء صفة القداسة والدوام .
العلم قال الله قال رسوله
قال الصحابة ليس خلف فيه
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة
بين الرسول وبين رأي فقيه
من المؤسف حقا أن التصور الغالب لدى بعض الإخوة السلفيين للإسلام هو غلظة ومعادلة مركبة من تبديع وتكفير وتفسيق من نختلف معه ، إن أمام الإسلام منازلة أكبر من التهارش مع الشيعة أو المعتزلة ، لماذا يصر بعض الإخوة السلفيين على تكفير الشيعة مع أن الإسلام يسعنا ويسعهم بل إن ابن تيمية يقول:) إن قول القائل : إن مسألة الإمامة أهم المطالب في أحكام الدين وأشرف مسائل المسلمين كذب بإجماع المسلمين سنيهم وشيعيهم ) .
ولابد من التنويه إلى اتخاذ منهج الرسول الكريم في التعبير والإصلاح والتغيير .
لا نريد الظن أن أحدا يمتلك الحقيقة المطلقة فليس ثمة معصوم إلا الرسول الأكرم والكمال لله وحده ، أليس من الإهانة لديننا أن يأتي سلفي ليكفر مؤلف على بعض الكلمات دون أن يطلع على الكتاب كاملا ؟!
والله شيء يدعو للأسى ؟ لنهب أن مؤلفا أخطئ هل يستحق التكفير دون مراجعة وحوار .
إن شرف الإسلام أنه دين يطلق للحوار منافذه .
إني أقدر المحدث ناصر الدين الألباني وابن باز وحمود التويجري وابن عثيمين يرحمهم الله وغيرهم ولكني أعتقد أنهم بشر ليسوا معصومين وان من حقي أن اطلع على رؤى غيرهم وأن خارطة الإسلام فيها الشيخ البوطي ومحمد الغزالي ويرسف القرضاوي ومحمد عمارة ومهدي شمس الدين وحسين فضل الله وآخرون كثر .
اليوم نحن بحاجة حقيقية لتكاتف الجميع والالتزام بأدب الاختلاف ونشر ثقافة التراحم وليكن الاعتبار بإتباع الدليل وليس بمجرد وجود الخلاف .
لا نريد دعوة الدم بل نريد تدين العلم لا نريد التكفير بل نريد التفكير لانريد اللكمة بل نريد الكلمة
التعليقات:
5 |
|
|
مرات
القراءة:
4023 |
|
|
تاريخ
النشر: 09/07/2008 |
|
|
|
|
|
|