::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> أخبار ونشاطات

 

 

المسلمات الأمريكيات.. ومسألة الحجاب

بقلم : هيئة التحرير  

على مدى قرون، اعتبر الغرب الحجاب رمزاً للقمع والخضوع والاضطهاد والولاء للمعتقدات الأصولية. ولئن كان ذلك صحيحاً بالنسبة لبعض النساء المسلمات عبر العالم ربما، فإنه ليس كذلك بالنسبة لي أو الأشخاص الذين أعرفهم. ولإحباطهن من التسميات والنعوت التي يلصقها آخرون بهن، بدأت النساء المسلمات، وأنا منهن، يتشبثن بالحجاب وما يرمز إليه لأننا نساء قويات ومتعلمات اخترن ارتداء الحجاب لأننا فخورات بهويتنا.

تشير التقديرات إلى أن ثمة حوالي 7 ملايين مسلم في أميركا، العديد منهم وُلدوا وترعرعوا مثلي هنا في الولايات المتحدة، مسلمون أثاروا اهتمام الناس بالإسلام بفضل المساهمات البناءة (داليا مجاهد أصبحت هذا العام أول امرأة مسلمة محجبة تعين في هيئة استشارية رئاسية)، وبسبب العنف الهدام (مثلما في حالة مطلق النار بقاعدة "فورت هود" العسكرية في تكساس، الرائد نضال مالك حسن).

وسواء بالخير أو بالشر، فإن "الإسلام هو الدين الذي يناقَش أكثر من غيره في وسائل الإعلام"، كما تقول مجاهد، وهي المديرة التنفيذية لمركز جالوب للدراسات الإسلامية والعضو في المجلس الاستشاري للرئيس أوباما الخاص بالأديان. ورغم أنه لا توجد دراسات حاسمة حول عدد المسلمات المحجبات في الولايات المتحدة، يقول الخبراء إن ارتداء الحجاب ظاهرة آخذة في الازدياد. وفي هذا السياق، يقول جون إيسبوزيتو، الخبير المعروف في العلاقات بين الغرب والعالم الإسلامي بجامعة جورج تاون: "الأكيد أن المرء يلاحظ أن ثمة عدداً أكبر من النساء اللاتي يرتدين الحجاب خلال العقدين الأخيرين"، مضيفا "إن ذلك جزء من الفسيفساء الأميركية، هذه اللحظة التي تقول فيها لنفسك "كيف أجمعُ بين: من أين أتيتُ، وحيث أعيش الآن، وإلى أين أنا ذاهب؟"؛ وفي هذا الإطار، فإن النساء المسلمات يقلن: "أستطيع أن أكون من أكون – شابة ناجحة ترتقي في سلم المجتمع – بدون أن اضطر إلى التخلي بالكامل عن هويتي".

بدأتُ أرتدي الحجاب في الصف التاسع، ليس لأن أحدا أمرني بذلك، ولكن لأنني أعتقد أنه فرض في الإسلام. كنت المحجبةَ الوحيدة في مدرستي في شمال ولاية نيويورك، وكان الحجاب يشعرني بالانزعاج والتضايق أحيانا بسبب ما يثيره من اهتمام مفرط، ولكنه كان في الوقت نفسه يجنبني قلق الهوية الذي كان يعيشه أصدقائي من غير المسلمين. وكنت راضية عن حجابي وراضية عن نفسي.

وفي 11 سبتمبر 2001، اختطف 19 مسلماً طائرات وحولوها إلى صواريخ استهدفت مركز التجارة العالمي، فعلمتُ حينها أن عالمي قد تغير. لقد شعرتُ بالغضب من ذاك العنف العشوائي والمجنون كأي مواطن أميركي آخر، ولكنني أدركت أن حجابي سيضعني في وضع حرج وهش، ونصحني والداي بتوخي الحذر لأنهما كانا قلقين من رد الفعل. ورغم أنني عانيت بالفعل من بعض التجاوزات ("إذا كنتم لا تحبون أميركا، فغادروها إلى غير رجعة!")؛ كما كنت أقرأ يومياً في الصحف عن إحراق مساجد وضرب مسلمين، إلا أنني وقفت أيضاً على روح الكرم والتضامن التي يتمتع بها مواطنون أميركيون آخرون؛ حيث شكلت مجموعة من المتطوعين من أديان مختلفة سلسلة بشرية أحاطت بمسجد "سيراكيوس" (ولاية نيويورك) تعبيراً عن تضامنهم مع المسلمين. كما نصحت أستاذة السوسيولوجيا طلبتها بالتقرب من المسلمين في الجامعة، الخائفين ربما. وكطالبة جديدة في الأسبوع الثاني من دراستي بالكلية، كنت خائفةً ولكن كلماتها جعلتني أشعر بقدر كبير من الطمأنينة والمواساة.

ورغم خوفي، لم أفكر يوماً في خلع الحجاب، ليس شجاعةً مني؛ والأكيد أنه ليس لأنني أحب الاهتمام المفرط. ولكن شيئاً ما حدث خلال الأربع سنوات الأولى – فقد أصبح حجابي جزءا مني، جزءاً لا يتجزأ من هويتي تماماً مثل اسمي. فرغم أن الحياة باتت غير مريحة بعد الحادي عشر من سبتمبر، من الصعب أن أتخيل نفسي من دون حجاب. لقد تعلمت أن أعيش مع تحديقات الناس ونظراتهم المعبرة عن الارتياب، وأن أقابلها بالدفء والابتسامات حتى أجعل الآخرين يشعرون بالارتياح.

بفخر وتواضع ووعي، ارتديتُ الحجاب للذهاب إلى الجامعة، وإلى حفل التخرج، وإلى مقابلات التوظيف، وإلى أول وظيفة لي في العاصمة واشنطن. إن الحجاب هو أكثر من مجرد قطعة ثوب. إنه التعفف في اللباس والسلوك. وكمسلمة متمسكة بتعاليم دينها. وقبل عام ونصف العام، تزوجتُ رجلا يحبني محجبةً ويدعم اختياري - ارتديته في الزفاف أيضاً – ويقول إنني جميلة وقوية حين أكون محجبة.

ولكن ليس الجميع يعتقد ذلك. فقبل بضع سنوات، قصدت صالون الحلاقة، فأخذتني الحلّاقة إلى غرفة خلفية من أجل قص شعري بعيداً أن أنظار الناس، وقالت لي وهي تحاول مساعدتي: "إنك في أميركا الآن يا عزيزتي، وأنت لست مضطرة لوضع هذا الشيء على رأسك!". لقد كانت تحاول أن تحررني من حجابي، ولكن الحجاب بالنسبة هو التحرير عينه. إنه حرية تأكيد هويتي والعيش وفق قيمي!

ثم إنني أعيش في بلد حيث بوسعي القيام بذلك بالضبط. ومقابل كل تجربة محبطة أعيشها، هناك 10 تجارب إيجابية بالمقابل. فمؤخراً مثلا، كنت أستقل مترو بوسطن في طريقي إلى البيت بعد يوم طويل وشاق من المحاضرات؛ كان شهر رمضان، وكنتُ أتضور جوعاً ومتعبة، ولم يكن لدي مقعد؛ وفجأة، سألني رجل تنازل عن مقعده لي: "أنت صائمة، أليس كذلك؟"، فابتسمت وجلست شاكرة.

المصدر: إيلاف

 

 

 التعليقات: 0

 مرات القراءة: 2769

 تاريخ النشر: 20/12/2009

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 955

: - عدد زوار اليوم

7396555

: - عدد الزوار الكلي
[ 48 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan