::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> خطب الجمعة

 

 

المسارعة إلى الخيرات

بقلم : الشيخ محمد خير الطرشان  

 

خطبة الجمعة بتاريخ 9/12/2011‏
في جامع العثمان بدمشق
 الحمد لله ثم الحمد لله.. الحمد لله الذي هدانا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.. يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك.. سبحانك لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير.. وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله.. اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على هذا النبيّ الكريم وعلى آله وصحبه الغُرّ الميامين ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين..
أما بعد فيا عباد الله: فأوصي نفسي وإياكم بتقوى الله وأحثكم على طاعاته والتمسك بكتابه والالتزام بسنة نبيّه ومنهاجه إلى يوم الدين.يقول ربّنا سبحانه وتعالى في القرآن الكريم في سورة المؤمنون: ((وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ)) [المؤمنون:60-61]. ويقول الله تعالى في سورة البقرة: ((وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) [البقرة:148].
أيها الإخوة المؤمنون: في كلتا الآيتين دعوة إلى المسارعة في الخيرات.. والمسارعة في الخيرات هو شأن المؤمن، والتنافس في الدين هو شأن المؤمن.. كما قال الإمام الحسن رحمه الله تعالى: من نافسك في دينك فنافسه، ومن نافسك في دنياك فألقِها في نحره..
من نافسك في الدين فنافِسه: قال الله تعالى ((وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ))... ومن نافسك في دنياك فألقِها في نحره.. لأن من كان همه الدنيا جعل الله فقره بين عينيه وشتت عليه شمله ولم يأتيه من الدنيا إلا ما قُدِّر له.. أما الذي ينافس في أمور الدين، والذي يساهم في الخيرات فهذا همّه الآخرة وليست الدنيا.. ومن كانت الآخرة همّه جمع الله عليه أمره وجعل الإيمان في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة..
أيها الإخوة المؤمنون: مصطلحات المسارعة والمسابقة في القرآن الكريم أوضحها لنا سيدنا رسول الله صلَّى الله عليهِ وسلَّم في أحاديث كثيرة:
÷ منها حديث يرويه الإمام الترمذي في سننه عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه. يقول عليه السلام: "بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ سَبْعًا هَلْ تَنْظُرُونَ إِلاَّ فَقْرًا مُنْسِيًا أَوْ غِنًى مُطْغِيًا أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا أَوِ الدَّجَّالَ فَشَّرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ أَوِ السَّاعَةَ فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ" أخرجه الترمذي (2306).. هذه أمور ذكرها النبي صلَّى الله عليهِ وسلَّم وحثَّ المؤمنين أن يسابقوا في العمل الصالح وأن يبادروا إلى فعل الخيرات فليس أمامهم إلا المرض أو الموت أو فتنة الدجال أو القبر. ويحثُّ النبي صلَّى الله عليهِ وسلَّم المسلمين أن يتخطوا هذه الفتن لأن بعض الفتن تجعل الحليم حيراناً، ولأن الناس إذا دخلوا في زمن الفتن ضيّعوا دينهم، وضيّعوا أموالهم وأضاعوا أنفسهم.
÷ يقول النبي صلَّى الله عليهِ وسلَّم في حديثِ يرويه الإمام مسلم والإمام أحمد في مسنده عن سيدنا أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِى كَافِرًا وَيُمْسِى مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ أَحَدُهُمْ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا قليل" أخرجه أحمد 2/303(8017) ومسلم1/76... بادروا بالأعمال اغتنموا أوقاتكم.. هكذا يقول النبي عليه الصلاة والسلام.. استثمروا أعماركم قبل أن تكون فتنٌ كقطع الليل المظلم.. قبل أن تحل فتن تجعل الحليم حيران، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً.. يبيع دينه بعرض من الدنيا..
هذه الفتن أيها الإخوة حذَّر منها النبي صلَّى الله عليهِ وسلَّم وحذَّر من أن ندركها فنقع في مشاكلها ونعاني من شرها لأنها ولا شك قادمة وستكون، لأن الذي أخبر عنها هو الصادق المصدوق..
أيها الإخوة: والفتن كثيرة منها ما يكون في الشبهات، ومنها ما يكون في الشهوات.. فهناك فتنٌ نتيجة شبهة ما في عقيدةٍ أو عملٍ أو سلوك.. وهناك فتنةٌ تقع نتيجة شهوة وحرصٍ على الدنيا وتكاتل عليها وهذا ما حذّر منه سيدنا رسول الله صلَّى الله عليهِ وسلَّم..
إنما الشاهد أيها الإخوة في قول النبي عليه الصلاة والسلام وهو يحثّ على المبادة: بادروا بالأعمال أي سارعوا وتنافسوا في العمل الصالح..
÷عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ في رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ..
أجود الناس: أي كان قدوة في المسابقة إلى الخيرات، وفي المنافسة للصالحات، فكان رسول الله صلَّى الله عليهِ وسلَّم بالجود والسخاء والعطاء لا يسبقه أحد، يسبق الجميع عليه الصلاة والسلام.
÷ ويحدّثنا سيدنا عُقْبَةَ، قَالَ: صَلَّيْتُ وَرَاءَ النًّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِالْمَدِينَةِ، الْعَصْرَ، فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَامَ مُسْرِعًا، فَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ إلَى بَعْضِ حُجَرِ نِسَائِهِ، فَفَزِعَ النَّاسُ مِنْ سُرْعَتِهِ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ، فَرَأَى أَنَّهُمْ عَجِبُوا مِنْ سُرْعَتِهِ، فَقَالَ: ذَكَرْتُ شَيْئًا مِنْ تِبْرٍ عِنْدَنَا، فَكَرِهْتُ أَنْ يَحْبِسَنِي، فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ. أخرجه أحمد.. ذَكَرْتُ شَيْئًا مِنْ تِبْرٍ عِنْدَنَا أي في البيت، فَكَرِهْتُ أَنْ يَحْبِسَنِي أي عن العبادة والطاعة كرهت أن يشغل قلبي وأن يشغل ذهني وأن يصرفني عن طاعة الله سبحانه وتعالى.. فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ أي قام إلى نسائه وأمرهم أن يوزعوا هذا الذهب على الفقراء.
أيها الإخوة: صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لما وجدوا في رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة الصالحة وأنّه كان سباقاً إلى الخيرات وكان يسارع إليها كانوا على طريقته:
÷ فهذا سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَتَصَدَّقَ، فَوَافَقَ ذَلِكَ عِنْدِي مَالاً، فَقُلْتُ: الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا، قَالَ: فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ؟ قُلْتُ: مِثْلَهُ، وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ؟ قَالَ: أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللهَ وَرَسُولَهُ، قُلْتُ: وَاللهِ، لاَ أَسْبِقُهُ إِلَى شَيْءٍ أَبَدًا. هذه المسارعة وهذه المبادرة لم تكن لوْ لمْ يروا رسول الله صلَّى الله عليهِ وسلَّم أسبقهم وأكثرهم إنفاقاً في سبيل الله تعالى ومسارعةً إلى الخيرات.
 ولما كان الصحابة رضي الله تعالى عنهم يبادرون إلى الإنفاق في سبيل الله تعالى أخذاً بحث النبي عليه الصلاة والسلام على ذلك، فاسمعوا أيها الإخوة إلى هذا الحديث الذي يرويه سيدنا أبي سعيد الخدري قال: "بينما نحن معِ رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، إذ جاء رجل على ناقة له، فجعل يَصْرِفُها يميناً وشمالاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان عنده فَضْل ظَهْرٍ فليَعدْ به على مَنْ لا ظهر له، ومن كان عنده فَضْلُ زادٍ فَلْيَعدْ به على مَنْ لا زادَ له" ، حتى ظننا أنه لا حَقَّ لأحد منَّا في الفَضْلِ" صحيح سنن أبي داود.. يقول أبو سعيد الخضري رضي الله عنه: ولا زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يعدّد حتى ظننا أنه لا حقّ لنا بالفضل. 
أيها الإخوة: لعلّ موضع الشاهد في الخطبة كلها في هذا الحديث.. من كان له فضل طعام فليعد به على من لا طعام له.. الفضل في اللغة هو الزيادة.
وعندما نرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحثُّ أصحابه على إنفاق طعامهم الزائد، أو على إنفاق مالهم الزائد، أو على إنفاق متاعهم الزائد فإنما يريد عليه الصلاة والسلام أن يكون في مجتمع المسلمين تكافلٌ فيما بيننا... أن يشعر الغني بألم الفقير، أن يشعر الغني الواجد بألم الفقير الذي لا يجد وخاصةً في عصر الفتن وفي زمن المحن التي تواجه الناس في عصورهم وفي أيامهم. وإذا كان هناك زمنٌ يتعرض الناس فيه للمحن، فليس هناك أعظم من المحنة التي نمر بها في هذا الوطن. حيث أقبل الشتاء الشديد البرد، وأصبح الناس بحاجةٍ إلى الوقود ولا يجدونه.. وأصبحوا بحاجةٍ إلى الإنفاق وقلَّ إنفاقهم. وهناك عقوبات علينا من الدول كلها في ما يسمى بالعقوبات الاقتصادية التي تهدف إلى النيل من كرامتنا وعزتنا ولكنهم لم يدركوا أننا أمة متكافلة متعاونة. قال الله تعالى في حقنا للحث على التعاون ((وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى)) [المائدة:2].. ولم يدركوا أن أمة المسلمين تنفق على بعضها.. ولعل هذا الحديث الشريف: من كان له فضل طعام فليعد به على من لا طعام.. فيه حلٌ لأزمة الغذاء في العالم: إذا كان هناك أزمة غذاء وأزمة طعام ومجاعة في الصومال على سبيل المثال أو في جنوب السودان أو أفغانستان، أو في أي بلد من العالم.. فليعلم العالم أن في ديننا وفي شريعتنا الحلول لأنها رحمة للعالمين.
من خلال مثل هذه الأحاديث التي ربما لا يبالي بها المسلمون.. ولنقرأ قراءة دقيقة في قول أبي سعيد الخضري رضي الله عنه: "حتى ظننا أنه لا حقّ لنا في فضل" كأن هذه الزيادة ليست من حقنا، إنما هي من حق الفقير الذي يتأوه، من حق المسكين الذي يتألم، من حق الجائع، ومن حق الذي لا يجد ثمن وقودٍ له في هذه الأزمة، من حقه أن نبحث له وأن ندعمه وأن نتكاتف معه وأن نتعاون حتى لا تؤثر عليه أي فتنةٍ في هذا العالم وحتى لا يتضرر المسلمون بعقيدتهم التي تأمر بالتعاون، وتأمر بالتكافل.
والنبي عليه الصلاة والسلام يقول لنا في حديث يرويه لنا ابن عَبَّاسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فِي ابن ادَمَ سِتُّونَ وَثَلاَثُماِئَهِ سُلاَمَى، أوْ عَظْمٌ، أوْ مِفْصَلٌ، عَلَى كُلِّ واحِدٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ صَدَقَة، كُلُّ كَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ صَدَقَةٌ، وَعَوْنُ الرَّجُلِ أخَاهُ صَدَقَةٌ، وَالشَّرْبَةُ مِنَ الْماءِ يَسقِيهَا صَدَقَةٌ، وَإِمَاطَةُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ" أخرجه البخاري.
فهذه الصدقات هي نوعٌ من التكافل ولو أن تكون بسمةً في وجه بائس، ولو أن تكون عوناً في وجه إنسان تقطع له الطريق، أو تدلّ إنساناً يهتدي إلى الطريق، أو تمسك بيد أعمى فتقوده، أو تزيل أذىً من طريق المسلمين كحجر أو شوك فتلك من الصدقات التي يتصدق الإنسان بها في يومه، ومن الصدقات المسارعة في قضاء حوائج المحتاجين وخاصةً في هذا الزمن الذي اشتد فيه البرد، ولم يعد الناس يجدون ما يدفعون به عن أنفسهم شر البرد، فإذا كنا نهب لمساعدة فقراء مجاعة الصومال، فنحن أولى في بلادنا أن نهب لمساعدة بعضنا وأن نتفقد الأسر الفقيرة وأن نتفقد الأماكن التي لا تتمتع بأي نوع من أنواع الحياة الهادئة المستقرة الآمنة لنكون لهم عوناً لعل الله سبحانه وتعالى أن يكون عوناً لنا جميعاً.
والنبي صلى الله عليه وسلم يدعونا إلى التراحم فيم بيننا: "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء".. وهذه رحمات السماء التي نزلت علينا بالأمس إنما هي بشائر خيرٍ وبشائر فرجٍ إن شاء الله تعالى.
اللهم إنا نسألك أن تهيأ لنا من كل ضيقٍ فرجاً ومخرجاً
ومن كل عسرٍ يسراً برحمتك يا أرحم الراحمين..
أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم فيا فوز المستغفرين.
 

 التعليقات: 1

 مرات القراءة: 5314

 تاريخ النشر: 13/12/2011

2011-12-16

Ola Sabbagh

اللهم إنا نسألك أن تهيأ لنا من كل ضيقٍ فرجاً ومخرجاً .. ومن كل عسرٍ يسراً برحمتك يا أرحم الراحمين.. آمين.. يارب العالمين.

 

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 1260

: - عدد زوار اليوم

7403491

: - عدد الزوار الكلي
[ 58 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan