خاطرة بعنوان
بقلم : ريما محمد أنيس الحكيم
إِلْهَاْم !! ...
هاأنذا أبحث عن إلهامٍ ، فلا أجدها !!.. أرجوكِ يا إلهام ، أين أنتِ ؟.. هاأنذا أبحث عنكِ في ثنايا ذكرياتي فلا أجد إلا بقايا من رسوبات عمري الذي يضيع كل دقيقة، كل ثانية ، بل كل لحظة .. إنه يضيع مع كل نبضة ينبضها قلبي ، مع كل نفسٍ أتنفسه ..
مع كل طرفة عينٍ تطرفها عيني التي تجول باحثةً عن إلهام ، فأين أنتِ يا إلهام ؟..
كنت أراكِ في كل شيء !.. في الضوء ، في زهرةٍ ، في سقف غرفتي حين أفتح عيني صباحاً ، في نقطة الماء الأولى التي تنزل من الصنبور حين أفتحه لأغسل وجهي عندما أستيقظ ، في حركة يد الأستاذ وهو يكتب على السبورة البيضاء التي تدفعني نحوها لتُريني إلهام ، فأين أنتِ ؟..
كنت أسمعكِ في كل شيء !!.. في زقزقة العصافير صباحاً مع طلوع الشمس ، في صوت الساعة ترنُّ معلنةً نهاية راحتي في النوم و مُزعجةً إياي و مؤلمةً رأسي .. في صوت أمي مناديةً لي أن هُبي و استيقظي وأطفئي الساعة ، في صوت إخوتي حين يتشاجرون ، في صوت السيارة التي كادت تدهسني البارحة حين قطعت الشارع بتهوري المعتاد دون انتباه ، في حشرجة أنفاس الرجل العجوز الذي جلس بجانبي في الحافلة ، يحاول التنفس ولكنه بالكاد يستطيع ، فهو يجلس في حافلةٍ تتسع لعشرة أشخاص و تحوي مائة ، في صوت أستاذي الذي يناديني كل ثانية أن (( لا تكتبي معي ، انتبهي ، لا تشردي ، انتبهي، ريما !!، أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله منكِ ! الحائط فهم وأنتِ لم تفهمي !! )) ، و في كل الأصوات التي أسمعها .. فأين أنتِ يا إلهام ؟؟..
كنت أشمُّ عطرك في كل شيء ! .. في رائحة الشاي صباحاً و التي أعشقها ، في رائحة عطر والدي الذي يضعه صباحاً و قبل أن يخرج إلى عمله ، في رائحة الدخان التي تنشقتها رغماً عني مِنَ الرجل الذي وقف أمامي منتظراً الحافلة ، و بعده من سائق سيارة الأجرة الذي قلتُ له : (( رجاءً ، أطفئ السيجارة ، أنا أتضايق من رائحة الدخان )) ، فتوقف إلى يمين الطريق ، و قال لي بكل بلادةٍ : (( بإمكانك أن تبقي و تفتحي النافذة ، أو أن تنزلي من السيارة الآن !! )) .. في كل شيء ، في رائحة كل زهرةٍ تُذكِّرني بإلهام ، فأين أنتِ يا إلهام ؟؟..
ها قد تُهتِ عني و غِبت و لم أعد أستطيع إيجادكِ ، ها أنتِ الآن ضائعة في متاهاتِ حياتي المركبة من ملايين الأحاجي ، و من آلاف الكلمات المتقاطعة .... تلك التي أبت إلا أن أكون مبتعدةً عن إلهام ، فأين أنت يا إلهام ؟؟..
بقيت ساهرةً منذ حوالي أسبوعين باحثةً عنكِ ، و اتصلت بكل أرقامكِ التي أعرفها ، بقيت ساهرةً حتى طلوع الفجر ، فلا ظلمةُ الليل نفعت ، و لا طلوع الشمس ، و لا حتى آذان الفجر الذي صدع بينهما .. فأين أنتِ ؟ ..
باتت أرقامكِ كلها مشغولة ، و بعضها خارج الخدمة أصلاً ، قيل لي : (( عاودي الاتصال لاحقاً )) ، ولكن مهما عاودت الاتصال كنتُ ألقى نفس الرد ، فهل أنتِ التي تأبين الرد على مكالماتي ؟؟ ، هل أنتِ ترفضين تلقي اتصالاتي ؟؟ .. تركتُ لكِ الكثير من الرسائل و لم تردي عليها ، و بعثتُ لكِ الكثير من الأخبار ولم تُعلميني بأي خبر ، و كأنكِ قد قررتِ أن تبقي طول حياتكِ ضائعةً عني ...
إلهام .. عليكِ أن تعودي ، لقد تكسَّرَتْ حياتي دونكِ ، و تحطمَتْ لحظات عمري المحطم ، لقد ذهلتْ نظراتي و صارتْ تأبى أن تثبتَ على شيءٍ و هي تبحثُ عنكِ دائماً .. شرودي الأبدي صار لازماً ، و حيرتي الدائمة صارتْ صفةً لي ..
أرجوكِ عودي .. فبدونكِ أنا لا أساوي أي شيء ، أين أنتِ ؟ .. أشفقي على أوراقي البيضاء و على قلمي اللذين بقيا على طاولتي طول مدة غيابكِ ، و عودي .. عودي لتحطمي حواجزي و تقذفي بي إلى عالمي الخاص الخيالي الذي رسمته بكِ ، و ألفتُ كلماته بشَعْرِكِ ، و لحنتُ موسيقاه بعينيكِ الجميلة ..
عودي يا إلهام .. عودي ..
و اكسري حائط الصمت الذي اقتلع لساني و حرمني من صوتي مُذ رحلت
ملاحظة : أرقام إلهام : نظرةٌ ذاهلةٌ إلى حائط .. سماع صوتٍ جميل .. رؤية وردةٍ جميلة تلاعب خيالك بتويجاتها .. و كلمة طيبة تعجبك.. و أرقامها كثيرة على نفس التردد ..
التعليقات:
0 |
|
|
مرات
القراءة:
10606 |
|
|
تاريخ
النشر: 20/03/2008 |
|
|
|
|
|
|