wwww.risalaty.net


رِسَالَتِيْ إلَى كُلِّ خَائِفٍ عَلَى غَــزَّة ...


بقلم : المُحِبَّة لله (دعاء الأصفياء)

* اطمئنّوا.. فغزّة بخير إن شاء الله *

 

بسم الله الرّحمن الرّحيم

والصّلاة والسّلام على رسوله الكريم

 

إلى كلّ من يسمع ويرى ما يحدث لغزّة الآن.. لكنّه غير قادر على إغاثة أهلها...

إلى كلّ من يشاهد الجثث المحروقة في غزّة.. فيحترق قلبه ألماً لاحتراقها...

إلى كلّ من يبكي، ويتألّم، ويتلوّى، ويتلهّف من أجل غزّة.......

شعرت البارحة بضيق شديد، تألّمت لما يحدث داخل غزّة؛ دون تحريك ساكن من خارجها، أحسست أنّ اليأس بدأ يتسلّل إلى نفسي شيئاً فشيئاً. لكنّي اليوم أشعر براحة غامرة، أشعر اليوم بتفاؤل كبير، أشعر أنّ الله تعالى قد أدخل السّكينة إلى قلبي، فأحببت أن أنقل لكم مشاعر الرّاحة، وأحاسيس الطّمأنينة، ليقرأها كلّ متألّم منكم على غزّة؛ أملاً في أن تهدأ نفوسكم، وترتاح قلوبكم، وتبدؤوا معي مشواراً جديداً، شعاره: التّفاؤل، عُدّته: التّوكّل على الله، خطّته: اتّحادنا يداً بيد، وغايته: السّير على سبيل إغاثة غزّة وفلسطين من كلّ دمار، وإعانتها بإذن الله من أجل فكّ الحصار...

تأمّلوا معي هذه الآية: {إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا}. (10) سورة الأحزاب. تعرفون مدى الضّيق الّذي لاقاه رسول الله e، وأصحابه الكرام رضي الله عنهم في غزوة الخندق، الغزوة الّتي اجتمعت فيها الأحزاب، ثمّ جاؤوا ليستأصلوا شأفة الإسلام، جاؤوا لإنهاء هذا الدّين العظيم، لقد ضاقت على المؤمنين، وذاقوا آلاماً شديدة، لكن هل زال الإسلام، ماذا كانت النّهاية؟ لقد كفى الله المؤمنين القتال، وأرسل ريحاً على الأعداء، أبادتهم عن بكرة أبيهم، والآن أرى عبارات تقول: غزّة تتلاشى، فأغيثوها! فكّروا بمنطق، هل يُعقل أن يزيل الله قوماً آمنوا به - كما عهدناهم - ؟ رابَطوا على الجهاد، ولم يستسلموا، لم يتخاذلوا، ولم يحنوا رؤوسهم لأعدائهم، أيُعقل أن يتلاشى مَن سار على نهج الله، وسنّة نبيه العظيم e ؟ لا والله! أنا لا أعقِل أمراً كهذا.

نظرتُ اليوم إلى إحدى القنوات، وهي تعرض مشهداً لتشييع الشّهداء، المنظر مؤلم أشدّ الإيلام! إلا أنّ شيئاً أدهشني في هذا المشهد، لا أعرف كيف لاحظت بشدّة وجوه الشّباب، والرّجال، وهو يزفـّون العرسان إلى عرائسهم الّتي طالما انتظرت تلك اللّحظة. عندما جاء بصري على تلك الوجوه؛ قلت: سبحان الله! إنّ النّور يفرّ منها، وصدق الله العظيم القائل: {... سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم...}. (29) سورة الفتح. بإمكانكم أن تتحسّسوا من وجوههم فقط، كم هو قدر الإيمان في قلوبهم، اذهبوا إلى تلك الشّاشة، وتمعّنوا في وجه أحدهم، وانظروا أيضاً إلى وجه واحد من أولئك الأوغاد الطّغاة، ثمّ قارنوا بين الوجهين، تستنتجوا أنّ أهلنا هناك مطمئنّون بالله، الحبل على رقابهم، ومع ذلك؛ لا يسمحون لشّدة أن تثني عزيمتَهم، بينما نرى الرّعب والخوف، إضافة إلى البغي، قد تغلغل في قلوب أعدائهم على كثرتهم، ألا تشعرون بالنّشوة والسّعادة عندما تتلون هذه الآية العظيمة: {وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا}. (104) سورة النساء. يكفي أهلَنا أنّهم على الحقّ، وأعداءَهم على الباطل، يكفيهم أنّهم سائرون على الطّريق المستقيم، وأعداءَهم في طريقهم إلى الهاوية.

          نقطة أخرى: لماذا اختار الله غزّة؟ لماذا كلّ هذا البلاء على غزّة؟ دعونا نفكّر في السّبب.. قال رسول الله e : " إذا أحبّ الله عبداَ ابتلاه، وإذا أحبّه الحبّ البالغ اقتناه، لا يترك له مالاَ ولا ولداَ" الفردوس بمأثور الخطّاب. ألا تشعرون أنّ هذا الحديث ينطبق على أهلنا في غزّة؟ فهذا يبشّر بالخير، ما ابتلاهم الله إلا لأنّه يحبّهم. إضافة إلى ذلك، نحن لا نعلم سبب وصول معاناتهم إلى ذروتها، هناك حكمة بالغة، لا يعلمها إلا الله، تأمّلوا معي في قولٍ آخر لنبيّنا الكريم e : " عجبت لأمر المؤمن، إنّ أمرَه كلّه خير، إن أصابه ما يحبّ؛ حمد الله، وكان له خير، وإن أصابه ما يكره فصبر؛ كان له خير، وليس كلّ أحد أمره كلّه له خير إلا المؤمن ". مسند أحمد. أشعر أنّ خيراً عظيماً وراء هذه الحادثة، هناك من المسلمين من يتغيّر حاله الآن، ألا تشعرون أنّنا اقتربنا أكثر من الله، ألا تشعرون أنّ التجاءنا إلى الله قد ازداد؟ ألا تشعرون أنّنا نتغيّر للأفضل؟ أنا أشعر بذلك، أشعر أنّ هذا الأمر سيؤدّي إلى صحوة بعد غفلة، وإلى عودة إلى الله، لا تيئسوا من روح الله إخوتي! لا تيئسوا من روح الله!

          من هنا سنبدأ المشوار، ومع بداية عامٍ هجريٍّ جديد.. لنكن معاً يداً واحدة، وقلباً واحداً، ولنطلب منه تفريج همّهم، وفكّ الحصار الخانق عنهم، وإبادة أعدائهم، لنملاً يومنا إقبالاً على الله، وتذلّلاً على أعتابه، ليزيل هذه المحنة: استغفار.. دعاء.. صلاة.. صيام..... سأنقل لكم طلباً قرأته على إحدى الشّاشات، أرسَله أحدهم جزاه الله خيراً، وهو قراءة سورة الفتح، على نيّة تفريج الكرب عن إخواننا وأهلنا في غزّة، اقرؤوها، وتأمّلوا في معانيها، وستشعرون براحة كبيرة بإذن الله، وانتظروا بعدها فرجاً عاجلاً قريباً من خير من سُئل، وأكرم من أعطى.

إخوتي وأخواتي.. لا تقلقوا، ولا تخافوا على غزّة! فغزّة بخير إن شاء الله، لنحسن الظنّ بالله، فهو يرى ويعلم كلّ ما يجري، ولن يدعهم يطغون ويبغون، سيمحقهم، وسيُبقي عزّة بإذنه. لن يفكَّ هذا الحصار، إلا الّذي فكّه عن رسوله e، وأصحاب رسوله رضوان الله عليهم، ولكن.. ربّما يمتحن صبرنا وصبر أهلنا في غزّة. فلنصبر ولنحتسب، ولنكثر من الدّعاء، والنّصر قريب بإذن الله.